عندما زرنا مؤسسة إعادة التأهيل بسيدي بلعباس، كنا نحمل في داخلنا سؤالا راود العديد من المواطنين وأثار فضولهم بخصوص التسمية التي أطلقت على المؤسسة، وأصبحت تشتهر بها بعد أن صنفها السجناء الذين سبق لهم أن نزلوا وراء أسوار زنزاناتها ضمن سلسلة "أرقى الفنادق العالمية"، وسمّوها تهكما بسجن "الشيراتون". لذلك كان أول استفسار واجهنا به مدير المؤسسة "آيت الحاج حسان" بعدما استقبلنا بحفاوة داخل مكتبه عن الأمر، فابتسم وبنى إجابته على أساس عدة عوامل وجد فيها أنها كانت كافية لإطلاق السجناء اسم "الشيراتون" و"إن كان التشبيه ليس في محله ويحمل صورة متناقضة"، وأولى تلك العوامل شساعة مساحة المؤسسة، كونها تتربع على مساحة فاقت الأربع هكتارات، كما أنها تعد حديثة النشأة، كونها فتحت أبوابها شهر أوت 2001، أضف إلى ذلك الموقع الذي شيّدت به شمال عاصمة الولاية بحي قمبيطة بعيدا عن ضوضاء المدينة، فيما بلغ عدد المساجين 1400 سجين، كلهم محكوم عليهم نهائيا بفترة عقوبة لا تقل عن ال 5 سنوات تضمّهم حاليا زنزانات "الشيراتون" بأجنحتها التسعة، التي قررنا بعد ذلك الشروع في زيارتها ميدانيا.. استأذنا المدير فرحب بذلك ورافقنا مع بعض الحراس، وقد كانوا مصرّين على أن نبدأ رحلتنا من الورشات المخصصة لمجال التكوين المهني. "الإفراج المشروط" حلم كل سجين كل نزلاء سجن "الشيراتون" يحلمون بالاستفادة من الإفراج المشروط ويعملون كلهم لاكتسابه، وهو الإجراء الذي أكد بخصوصه قاضي تطبيق العقوبات أن أول المستفيدين منه على المستوى الوطني كان سجينا بالمؤسسة العقابية لبلعباس، وذلك شهر جويلية 2005، أما السنة الجارية فقد استفاد 84 نزيلا من الإفراج المشروط من أصل 113 ملف تم تقديمه، ومن الشروط الأساسية للاستفادة من ذلك هو "أن يكون السجين محكوما عليه نهائيا، وقد قضى نصف فترة العقوبة المسلطة عليه، هذا لغير المسبوق قضائيا، أما المسبوقون قضائيا فعليهم قضاء ثلثي فترة احتجازهم، كما يجب على النزيل أن يكون صاحب سيرة وسلوك حسنين"، ومن بين العوامل التي تعطيه الأولوية في الاستفادة من الإفراج المشروط هو نجاحه في المجال الدراسي والتكويني، كما يضمّ ملف طلب الإفراج المشروط، الوضعية الجزائية للنزيل، تقريرا صحيا، وتقرير الطبيب النفساني الذي يرى إن كان النزيل قادرا على الاندماج مع باقي المجتمع، إضافة إلى تقرير اجتماعي، وفي حال استفادة السجين من الإفراج المشروط يكون ملزما عليه الإمضاء كل شهر في دفتر الإفراج المتواجد على مستوى مصلحة قاضي العقوبات، أما فيما يخص الإجازات، فقد استفاد للسنة الجارية أكثر من 97 سجينا من إجازة الخروج، ومن بين شروطه حسن السيرة والسلوك، وأن تكون المدة المتبقية أمام السجين لإتمام فترة عقوبته قصيرة إضافة إلى وضعيته الاجتماعية، وتحدد أقصى مدة للإجازة ب 10 أيام تبقى من صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات الإمضاء عليها بالتنسيق مع مدير المؤسسة. "الشيراتون".. فرصة للتكوين في عزلة أولى محطات الزيارة الميدانية، كانت الورشة المخصصة للتكوين في مجال ميكانيك السيارات، دخولنا الورشة كان عند الساعة التاسعة والنصف، وهو التوقيت الذي يبدأ فيه السجناء حصتهم التكوينية الصباحية، لا شيء بداخلها يوحي بأننا داخل سجن، فالسجناء المتكونون نزعوا بذلاتهم صفراء اللون وارتدوا مآزر بيضاء نظيفة، كانوا جميعا منهمكين في الدرس التطبيقي الذي كان يلقيه عليهم المشرف على تكوينهم، وقد تفاجأنا أنه سجين مثلهم في الستين من عمره له شهادة في الميدان، تقربنا منه وسألناه، فقال "أنا أبلغ 60 سنة من العمر لدي خبرة طويلة في المجال، إني استغلها حاليا لإفادة زملائي بها، لقد ساعدوني كثيرا داخل السجن"... أحد السجناء من المتكونين في سن الثلاثين، قال "لم أكن أفكر من قبل في دخول مجال التكوين المهني، لاسيما بعد دخولي السجن الذي كانت صورتي حوله أنه مكان للتعذيب والمعاقبة، لكن ما وجدته كان معاكسًا تماما ومساعدًا على بناء الشخصية والانطلاق من جديد نحو مستقبل أفضل أتمتع فيه بمكانة وسط المجتمع، وأنا أحمل شهادة قد تؤهلني بأن أكون فردا صالحا يستفيد من خدماتي الآخرون"، أما زميله في ال 28 سنة، فرأى أنه لا يعتبر نفسه سجينا وإنما هو الآن يكوّن في نفسه بعد أن عجز عن ذلك في حياته العادية، ولم يكن ينتظر قطّ أنه سيتمكن في يوم من الأيام أن يكتسب حرفة داخل السجن قد تضمن له مستقبلا خارجه، وأجمع الكل على ذلك وعادوا إلى أشغالهم وكلهم أمل أن يتمكنوا من النجاح في تكوينهم، وفي الحصول على شهادات أخرى في مجالات مختلفة". وجهتنا الثانية كانت الورشة الخاصة بالتكوين في مهنة النجارة، وجدنا بها حوالى 10 مساجين أو بالأحرى متربصين، لأن هيئتهم توحي بذلك، وأهم ما شد انتباهنا داخل الورشة هي المعدات الثمينة التي تضمها، وكان الجميع يلاحظ ويحاول التركيز مع ما يمليه عليهم المدرس، تقربنا منهم وبعد التحية سألناهم "عن إحساسهم وهم يتكونون داخل سجن"، ردّ أحدهم وكان سنّه لا يفوق الثلاثين "نحن داخل الورشة لا نحس إطلاقا أننا سجناء بل مترّبصين هدفنا الاجتهاد للحصول على شهادة... أنا شخصيا طلبت التسجيل في مجال النجارة، إنها فرصتي لاستدراك ما فاتني خارج السجن، فقد تمكنني الشهادة من فتح ورشة بعد إطلاق سراحي وأبتعد تماما عن أي طريق قد يرجعني إلى السجون". حاسب سابق يتحوّل إلى أستاذ وراء القضبان! عدنا إلى الرواق الخاص بالرجال، أول قاعة زرناها كانت خاصة بتعليم الإعلام الآلي، هناك أيضا تغيب المؤشرات التي توحي لك أنك داخل مؤسسة عقابية، لأن المشهد يوحي لك أنك داخل قاعة تدريس عادية، فكل واحد بمئزره الأبيض جالسا أمام جهازه منهمكا في حل واجبه، تقدمنا من المدرس، وهو كذلك سجين في الأربعة والثلاثين من عمره، حامل لشهادة مهندس في الإعلام الآلي، نفس الإحساس لمسناه لديه، صرح أن "ظروف التدريس لا تختلف عن تلك خارج السجن، فأنا أعتبر نفسي مدرسا وباقي النزلاء يعتبرون أنفسهم متربصين همهم الوحيد هو الحصول على شهادة إتقان الإعلام الآلي"، تقربنا من أحد النزلاء المتربصين، إنه أكبرهم سنا وعمره 60 سنة، كان يعمل كمحاسب قبل دخوله السجن، وهو منخرط أيضا لدراسة محو الأمية، تعلم الكثير من اللغة العربية، كونه "فرونكفونيا".. لم يبق له الكثير من الوقت لحصوله على الشهادة، قال إنه ينسى أحيانا بأنه نزيل، كونه يذكر في الحصول على شهادات وينهمك في الدراسة فقط، مثله مثل زميله الذي صرح أنه لا يريد أن يتذكر انه في السجن إطلاقا "لحظة دخولي قاعة التمدرس أحاول أن أسجل في جميع الاختصاصات، لأنني أحس بنفسية أحسن وأنا أدرس".. نفس الإحساس لمسناه عند أحد النزلاء المتربصين في مجال تسيير المخازن عمره 40 سنة، كان يعاني من اضطرابات نفسية قبل أن يسجل في الاختصاص هو سعى للحصول على الشهادة أيضا، لقد نسي أنه سجين مثله مثل زملائه الذين نسوا منذ دخولهم قاعة التمدرس أنهم "نزلاء". النساء الأكثر تأثرا نفسيا و"حنين العائلة" لا ينقطع بقينا في نفس الرواق المخصص للنساء السجينات، دخلنا قاعة أخرى، إنها قاعة الإبداع، حقا هي مخصصة للخياطة والحلاقة، سجينات ماهرات في الإبداع على القماش، تقدمنا نحوهن، نابت عنهن إحداهن في الكلام، لتشرح لنا قائلة "كل ما تشاهدونه هنا هو من إبداعنا، لقد تمكنا من التخلص من القيود النفسية التي كانت تنتابنا، تعلمنا ما لم نتعلمه خارج السجن".. وهي تشرح لنا لم نحسب إطلاقا أنها سجينة ومحكوم عليها بالمؤبد وسبق وأن قضت فترة 10 سنوات من عقوبتها، لأن كلامها كان ممزوجا بالتفاؤل لولا أن دموعها انفجرت وهي تتحسر وتقول "يا ليتني كنت أنتظر يوما أخرج فيه للإبداع خارج السجن"، حاولنا التخفيف عنها، نجحنا في ذلك بعض الوقت لتعود وتقول "كل شيء تعلمته داخل السجن"، زميلتها كذلك محكوم عليها بالمؤبد، لكن لم يحكم عليها بفقدان الأمل بل أبدعت هي كذلك، وتخلصت من الأحاسيس الهدامة لتحتفظ بطموحها، لقد شكلن فرقة متكاملة، إحداهن قالت "أنا لدي شهادتين تحصلت عليهما داخل السجن، عرفت كيف استدرك، لقد علمنا السجن الكثير من الأشياء الايجابية ستفيدنا حتما خارجه"، أخريات كن داخل قاعة الحلاقة المجاورة، هي أيضا قاعة تتوفر على كل الوسائل، لجأت إليها النزيلات لاكتساب حرفة الحلاقة، قالت إحداهن "هنا ننسى أننا سجينات، لأن انشغالنا يبقى مرتكزا على الاستيعاب والتعلم"، تركناهن وحملنا أمنياتهن بالاستفادة من العفو لأنهن يحملن في صدورهن حنينا كبيرا لأبنائهن، وعدنا لنأخذ وجهة أخرى لا تختلف فيها المشاهد كثيرا. سجينات لكن الأمومة صعبة وراء القضبان وجهتنا كانت نحو المرافق التي يضمها سجن "الشيراتون"، كلها متواجدة داخل الأجنحة التسعة الواقعة بجناح الاحتباس، توجهنا نحو جناح النساء، إنه يضم 48 نزيلة، دخلنا أول قاعة كانت خاصة بتدريس محو الأمية، المعلمة كانت غائبة، لكن ذلك لم يطرح إشكالا، فمن النزيلات من كانت تمارس المهنة خارج السجن ولها تجربة 20 سنة في الميدان هي من كانت تتولى الإشراف على التدريس، إحدى النزيلات طلبت منا مساءلتها، لبينا طلبها، واقتربنا منها، لهجتها لم تكن عادية، سألناها من أية منطقة أنت؟ فقالت "أنا مغربية، لدي مستوى الثانية ابتدائي، تعلمت الكثير من الحروف والأرقام، كما تعلمت الكتابة والقراءة، لقد أفادني السجن بقدر ما أضرنا" وتلح بعدها على إعطائنا الدليل بتلاوتها لسورة قرآنية حفظتها عن ظهر قلب، فرحتها بالتعلم لم تكن كافية لتنسيها آلام ما يعاني منه قلبها حول أبنائها مثل ماهو حال كل من تقربنا منهم، فالمعلمة كانت ملامحها معبرة بدون أن تنطق بكلمة، عيناها تقولان أشياء كثيرة ربما نابت عنها زميلتها في الإدلاء بها، بعد أن قالت "لم أكن أعرف القراءة ولا الكتابة، أنا الآن أستطيع فعل ذلك، مما مكنني من حفظ القرآن والأدعية التي لا تفارقني منذ أن تعلمتها... إنني أجهل مصير أبنائي كلهن متألمات خاصة الأمهات منهن، يحاولن الدراسة والتعلم ليفدن أنفسهن ويروحن عنها ما دام أن الفرصة أتيحت أمامهن" مثلما قالت إحداهن، سنها 34 سنة "لم تكن لدي الفرصة للتعلم خارج السجن، كانت لدي مسؤولية أم، لكنني الآن متفرغة وأحاول أن استدرك قدر ما أستطيع لعلي اخرج من السجن بما لم أكن أحلم به خارجه" تركناهن يواصلن دراستهن واتخذنا وجهة أخرى. مولودية العاصمة في سجن بلعباس! وغير بعيد عن قاعة ممارسة رياضة كمال الأجسام توجد قاعة الحلاقة، هي أيضا مثلها مثل القاعات خارج السجن بها مقعدان ويسهر على سيرها نزيلان، الصور المعلقة داخلها توحي بأن النزلاء العاملين بداخلها يحبون الرياضة مما أثار فضولنا وسألنا النزيل الحلاق، أي فريق تحب؟.. قال أنا من عشاق فريق مولودية الجزائر، قبل أن يوضح لنا ظروف عمله داخل السجن، كونه يستعمل لخدمة زملائه النزلاء، لأن القاعة تستقبل كل نزيل مرتين في الأسبوع، مثلها مثل الحمام، الحلاق النزيل قال "أنا أمارس عملي مثلما كنت أمارسه خارج السجن، ولو أن الظروف متغيرة وأنا مقيد الحرية هنا، لكن ذلك لم يمنعني من التجرد من حرفتي ووجدت كل الظروف المواتية للتشبت بها"، أما النزيل الذي كان دوره في أخذ الحلاقة فصرح أنه "تعطى له حصتين في الأسبوع يزور فيها الحلاق والحمام، وهي المناسبات التي تسمح للنزيل الحفاظ على طهارته وأناقته ولو أننا منفصلين عن العالم الخارجي إلا أن ذلك سيغرس فينا عادة حسنة تتبعنا حتى عند خروجنا من السجن".. وأهم ما لاحظناه داخل قاعة الحلاقة هو الجو الحيوي الذي يتمتع به النزلاء فيما بينهم وهم يخدمون بعضهم البعض مثلما لاحظنا ذلك بالمطبخ الذي يسيره مختصون في مجال الطبخ، ويقوم آخرون بتوزيع الوجبات على النزلاء داخل زنزاناتهم، كون أن سجن "الشيراتون" استغنى عن المطاعم الجماعية التي كانت موروثة من سجن الاستعمار. خرجنا من قاعة التدريس وتوجهنا نحو مرفق رياضي خاص برياضة كمال الأجسام، يحوي كل المعدات اللازمة لممارسة هذه الرياضة، برنامجه يضمن حصتين لكل جناح في الأسبوع، زيارتنا صادفت الحصة المخصصة للنزلاء المحكوم عليهم بالإعدام والمؤبد، بنيتهم الفزيولوجية توحي أنهم يمارسون الرياضة منذ زمن طويل، المدرب هو أيضا نزيل كان مدربا من قبل وحاملا لشهادة تدريب، كما حظي بعدة ألقاب، النزلاء عنده يمارسون الرياضة بحب منهم، إنهم يحاولون أن يقتلوا الفراغ بممارسة الرياضة، ووجدنا أن كمال الأجسام هي الرياضة المفضلة عند الجميع داخل سجن "الشيراتون" خاصة وأنها تعتمد على التركيز النفسي والعقلي، مما ينسيهم ولو مؤقتا أنهم نزلاء، كما يتنافسون فيما بينهم من فترة لأخرى بتنظيمهم لدورات يختبرون فيها قدراتهم وقواهم والمستوى الذي بلغوه. المدرب أضاف أن "رياضة كمال الأجسام عامل مهم في تكوين الشخصية، لأن النزيل يمارسها بمفرده ويكون له الوقت الكافي للتركيز ومحادثة نفسه"، قاعة كمال الأجسام داخل سجن "الشيراتون" لا تختلف هي الأخرى عن القاعات المتواجدة خارجه، فبالإضافة للبرنامج والفنيات وكذا الوضعيات التي تسهل للنزيل ممارسة رياضته فإنها تتوفر على جهاز قارئ الاسطوانات الغنائية الذي يوفر للنزلاء الموسيقى وهم يمارسون الرياضة ويمنحهم الحرية هنا في اختيار أي مقطع يودون سماعه وهم يتمرنون. القلق والأرق.. أكثر الأمراض انتشارا المرفق الذي كانت وجهتنا إليه هذه المرة يعد من المرافق الضرورية، إنها العيادة، أو بالأحرى مستوصف بجميع اللواحق، فإنه يتوفر على قاعة علاج، قاعة إجراء الفحوصات الطبية، مخبر، قاعة الأشعة، ويسهر على تسييره 7 أطباء عامون، 5 أطباء نفسانيون، 3 جراحي الأسنان، إضافة إلى ممرضين مؤهلين وتبقى أبواب العيادة مفتوحة على مدار الأربع وعشرين ساعة، شهادة المحبوسين الذين يجدون الرعاية والمتابعة الصحية اللازمة، كما تبقى وظيفة الأطباء الإشراف على برنامج تقديم الوجبات الغذائية وفحصها قبل تقديمها للنزلاء، أما الصيدلية فتتوفر على جميع أنواع الأدوية، بما فيها النادرة في الأسواق والمرتفع ثمنها، إضافة إلى كل ذلك فقد أبرمت إدارة سجن "الشيراتون" عقدا مع أطباء أخصائيين خاصين تلجأ إليهم في حال ما إذا تعذر على النزيل المريض وجود علاجه بالمستشفى، وهو الأمر نفسه الذي أبرم مع مخابر خاصة، ويسهر الطاقم الطبي على متابعة جميع النزلاء ووقايتهم بالمراقبة الطبية التي يقوم بها ميدانيا كلما اقتضى الأمر ذلك، كما يعجّل في فصل أي نزيل يعاني من أي مرض معدٍ على الفور، والعمل على شفائه في أقصى أجل، أما النزلاء الذين يعانون من أمراض مزمنة كالسكر، ارتفاع ضغط الدم، الربو وغيرها فيولون باهتمام خاص ومراقبة طبية مستدامة، ويملك كل نزيل يعاني من مثل هذه الأمراض ملفا خاصا بدائه على مستوى العيادة، كما يستفيد من دوائه بطريقة مستدامة، ومثلما كان يستعملها خارج زنزانته إضافة إلى كل هذا فأهم ما سجلناه هو توفر العيادة على جميع الهياكل والوسائل الحديثة والجد متطورة. "النور".. تلفزيون خاص بالسجناء يحظى نزلاء سجن "الشيراتون" بقناة تلفزيونية خاصة سمتها الإدارة بقناة النور، تبث وفق برنامج مسطر وينشطها نزلاء، فنانون ومغنون وممثلون... ومن أهم برامجها السكاتشات التربوية التي يصورها ويؤلفها نزلائها هاوون، تسعى في معظمها لتحسيس النزلاء حول التكوين المهني ومواصلة الدراسة، كما تبث القناة مسرحيات وبرامج ترفيهية أخرى كالغناء الذي تؤديه فرقة موسيقية تضم طاقما موسيقيا كله من النزلاء، يقوم أيضا بإحياء أمسيات فنية نهاية كل أسبوع بكل جناح من الأجنحة التسعة التي يحويها سجن "الشيراتون" إضافة إلى قناة "النور" الخاصة، يكون بإمكان سجن "الشيراتون" متابعة أقوى البطولات الرياضية بقنوات آرتي الجزيرة الرياضية، إضافة إلى القناة التلفزيونية يصدر مجموعة من النزلاء مجلة أطلق عليها اسم "منارة النزلاء"، وهي مجلة شهرية تضم في صفحاتها عدة مواضيع هادفة وتربوية كما تحمل خواطر وإبداعات بعض النزلاء إضافة إلى مواضيع ثقافية وعلمية مسلية ومواضيع أخرى مسلية، كما تحمل في صفحتها الأخيرة اهداءات وتحيات النزلاء لبعضهم البعض، وتشرف على إصدارها إدارة المؤسسة بعد أن تعدها مجالس النزلاء وبمساهمة قاضي تطبيق العقوبات، أما الإشراف العام فيبقى من صلاحيات مدير المؤسسة. مؤسسات تعليمية وتكوينية داخل "الشيراتون" أكثر من 85 بالمائة من نسبة المساجين مسجلون بمختلف الأطوار الدراسية والتكوينية، فقد وصل عدد المسجلين بالأطوار الدراسية أكثر من 657 نزيل، منهم المشرفون على اجتياز امتحان إثبات مستوى التعليم المتوسط، شهادة البكالوريا، وآخرون مسجلون في أقسام محو الأمية، ومن النزلاء من نجح في دراسته واستطاع أن يصل إلى التسجيل بجامعة التكوين المتواصل، والذين وصل عددهم إلى 28 سجينا يدرسون فرع قانون الأعمال ومنهم من كان لديه مستوى تعليمي رفيع، يحاول رفعه حتى داخل السجن، على غرار إحدى النزيلات التي تملك شهادة ليسانس في العلوم التجارية، وهي مسجلة بجامعة التكوين المتواصل في مجال آخر بعد أن وفقت في الحصول على شهادات إضافية في فني الحلاقة والخياطة. أما التكوين المهني فوصل عدد المسجلين به إلى 728 مسجل في مختلف التخصصات التسعة المتوفرة، منهم 40 سجينا يزاولون تكوينهم عن بعد في اختصاص المحاسبة، شهادة الكفاءة المهنية وإصلاح الراديو والتلفزيون، وهذه الفئة تتكفل بنفقاتها إدارة المؤسسة، إضافة إلى كل هذا وما قد يدعم القول بأن سجن "الشيراتون" يحوي مؤسسة تعليمية وتكوينية بداخله، هو توفره على مكتبة بها أكثر من 6357 كتاب في مختلف التخصصات والمجالات منها 5332 كتاب باللغة العربية و1025 كتاب باللغة الفرنسية، وضعت كلها تحت تصرف النزلاء الطامحين كلهم في مواصلة تعليمهم بعدما وجدوا كل الظروف المساعدة على ذلك. "الشروق" هي الجريدة المفضلة للمحبوسين أصر علينا بعض من النزلاء الذين تحاورنا معهم على إيصال تحياتهم إلى جميع طاقم جريدة "الشروق اليومي" التي تعد الجريدة المفضلة لديهم، وابتهجوا كثيرا لما علموا بزيارتنا لهم، ورحبوا بنا كثيرا، كما أصر السجين "م.ب" 40 سنة على ذكر اسمه وإيصال تحياته الخالصة لطاقم الجريدة ومنها لجميع القراء، أما مجموعة أخرى من النزلاء الذين التقينا بهم في قاعة الحلاقة، فطلبوا منا إيصال تحياتهم لفريقهم المفضل مولودية الجزائر وللاعبها الحاج بوڤاش وكل "الشناوة" كما ألح على إيصال أمنيته المتمثلة في فوز المولودية بكأس الجمهورية...! ربورتاج: م. مراد