هي قصة إبرة وديباجة، التقتا في قلب مصمم عاشق للزي التقليدي، حلمه أن يصل الكاركو إلى طوكيو، وتمشي البلوزة في مانهاتن، وتطل الجبة القبائلية من زجاج محل في لندن، وأن يصل البدرون إلى بودروم… الشروق العربي، تلف الخيط في سم الخياط، وتروي لكم قصة نجاح المصمم الجزائري، كمال تومي. من هو كمال تومي الإنسان قبل المصمم؟ كمال تومي، شاب جزائري، في 38 من عمره، من عائلة عريقة وفنية، ابن مدينة بومرداس، يعشق مهنته ويقدس الهوية الجزائرية والموروث الثقافي.. أما كمال تومي المصمم، فهو شاب طموح، لا يسع أحلامه عنان السماء، يسعى للتخطيط لمسار حياته الفنية بروية واحترافية، هدفه إيصال الزي التقليدي الجزائري إلى العالمية. كيف بدأت رحلتك مع الأزياء؟ الصدفة، هي التي قادتني إلى عالم تصميم الأزياء، كنت أعشق كل ما هو فن، فدرست الرسم في مدرسة الفنون الجميلة في بداياتي، لكنه لم يشبع رغبتي في حب الفن، فجربت حظي في مدرسة بئر خادم، المختصة في تصميم الأزياء، “الفتح”.. وكان أستاذي، دحلب جمال، هو من أخذ بيدي وشجعني على خوض هذه التجربة، فتحمست للفكرة، وقضيت خمس سنوات متفانيا في الدراسة، فكانت أحلى أيام عمري، حيث كنت أغوص في هذا الميدان الواسع، وأكتشف ببراءة الطفل الصغير في كل يوم معلومة جديدة، تقنية مختلفة، تراثا جديدا. من المصمم العالمي الذي كان له تأثير على مسيرتك المهنية؟ مراد زهير، المصمم العالمي المبدع، هو مثال النجاح بالنسبة إلي، وتأثيره كان يبدو واضحا في تصميماتي، غير أنني ومع مرور الوقت والخبرة أصبح لي خط خاص بي وبشخصيتي. الكثير من المصممين يشتغلون بالأزياء التقليدية ويبتعدون عن الموضة الجاهزة لماذا في نظرك؟ هذا صحيح، هناك تهافت كبير للمصممين الجزائريين على اللباس التقليدي، وعزوف عن الألبسة الجاهزة و”الهوت كوتور”، ربما يرجع ذلك بنسبة عالية إلى أسباب تجارية، حيث إن المرأة الجزائرية تعتني بشكل خاص بطلتها في الأعراس والمناسبات، وتحرص على أن يكون الزي التقليدي مفتاح جمالها وروح إطلالتها، هي صفقة رابحة بالنسبة إلى الطرفين… بعيدا عن الربح المادي، أسعى جاهدا للحفاظ على التراث وتخصصي في الزي التقليدي ليس وليد الصدفة أو المال بل هو حب وشغف، وهذا يبدو جليا في أزيائي. وماذا عن “الهوت كوتور” في الجزائر؟ هوت كوتور، يعني ماركة عالمية مثل كوكو شانيل أو افسن لوغو أو غيرها من الماركات التي تنتشر في جميع أنحاء المعمورة. في الجزائر، لم نحقق بعد هذا المفهوم، ربما قد يرجع هذا إلى اقتحام الكثير من الدخلاء هذا الفن الراقي، فيجد المصمم الحقيقي نفسه تائها ضائعا وسط زخم الرداءة والسعي وراء الشهرة دون موهبة، فتشح الفرص وينضب الإلهام. لقد لامست وترا حساسا، فأنا آمل لهذا المجال غدا أفضل وأياما مزدهرة، وأحاول قدر الإمكان تحقيق هذا المفهوم يوما ما إن شاء الله. ما هو مشروع كمال تومي القادم؟ أحضر لعرض أزياء على أكبر المنصات، لكني أفضل التكتم عن التفاصيل، حتى تكتمل الرؤية وتستوي الفكرة. كمال تومي والسوشيال ميديا هل يجتمعان؟ أنا نشط في السوشيال ميديا، لأني أرى فيها منصة لتحقيق الرواج والعالمية، ومعيارا جديدا للنجاح، والحمد لله صدى المعجبين بما أقدمه ومتتبعيّ في فايسبوك وتويتر وأنستغرام واضح جدا، وهذا شيء يشرفني كثيرا ويشجعني للمضي قدما، وأحاول مشاركتهم بجديدي ومشاريعي وتقديم النصح للجزائريات في انتقاء اللباس الجميل وتنسيقه بحرفية وذوق. مثل كمال تومي الجزائر في الكثير من المحافل الدولية كيف كان صدى الأزياء الجزائرية في الخارج؟ إذا قلت كمال قلت حب الوطن وعشق الجزائر، وقصة هذا العشق بيني وبين بلدي هي ما دفعني إلى رفض عدة عروض في الخارج، واختيار البقاء في هذا البلد الحبيب، الذي حلمي فيه أن أوصل تراثه إلى العالمية بإذن الله… أصدقك القول، إنه في كل مرة أشارك في معرض أو ديفيليه، أشعر بفخر كبير بتراثنا وأزيائنا، وصداها وصل إلى كل مناطق العالم، بفضل مجهود الكثير من المصممين… عندما تقدم موضة راقية مترفة، فهي حتما ستنال حقها من الإعجاب. ما هي النجمات اللائي لبسن من أنامل كمال؟ وهل ترى أنهن يروجن كفاية للمصممين المحليين؟ الفنانة عايدة عبابسة، هي أكثر الفنانات اللائي حظين بأحلى تصميماتي، بطلب منها، إذ نالت تصاميمي إعجابها، وسبقتها فنانات كثيرات وأسماء لها شهرتها وصيتها في الفن الجزائري، أذكر منهن الفنانة الرائعة، كريمة الصغيرة، وأيقونة الأندلسي، نوال أيلول، والمرهفة، ندى الريحان، ونجمة الأغنية القبائلية، طاووس أرحاب، ونجمة ستار أكاديمي، ريم غزالي، والفنانة الصاعدة خريجة ألحان وشباب، شروق مختار، ونوال إسكندر، والقائمة طويلة. الفنان همزة وصل ورسالة إلى العالم، وهذا طبعا يساعد على تحقيق العالمية للزي التقليدي الجزائري، والنجمات والمشاهير يلعبون دورا محوريا في هذه التوليفة، وأنا أحمد الله أني صادفت أجمل سفيرات الزي الجزائري. في نظرك هل الأزياء التقليدية تطورت إلى الأحسن أم تراجعت؟ أرى أن اللباس التقليدي لا يماشي بالضرورة الموضة العالمية، فهناك معايير أخرى أهم يجب أخذها بعين الاعتبار، مثل طابعه التقليدي ولونه الأصلي وتطريزه. ربما ما يواكب الموضة فيه هو آخر الأقمشة المطروحة والأحجار المستعملة مثل الشواروفسكي و… أما التفصيلات فلا أحبذ أن يتم التلاعب بها، وإلا خرجت عن أصلها. كلمة أخيرة.. أشكر مجلة الشروق على هذه الثقة، وهذا شرف كبير لي، أن أطرح آخر مجموعتي على صفحاتها الذهبية، وأخص بالشكر السيدة فايزة، على ثقتها بي وبأعمالي، ولا يسعني في الأخير إلا أن أشكر أشخاصا ساعدوني بعدساتهم وبصورتهم في ترويج أزيائي وتصاميمي، فشكرا للمصورين نينا بن قاسي وموح تشي وياسين زدك وعارضات الأزياء “إيمي بان” و”ناتاشا” و”منى”.