يعيش الإعلام المصري حالة من الإنكار للمظاهرات الحاشدة التي اندلعت مساء الجمعة في محيط ميدان التحرير بالقاهرة وفي ميادين مختلفة بعواصم المحافظات ضد نظام عبد الفتاح السيسي، ويحاول تصديرها إلى المواطنين في المنازل ومتابعي وسائل التواصل الاجتماعي، باعتبار أن المشاهد التي بثتها قنوات عربية وصفحات المواطنين على مواقع التواصل “مفبركة ومكررة”. وبعد قرابة ساعتين من بدء حلقة برنامج “الحكاية” الذي يقدمه الإعلامي المصري المقرب من النظامين المصري والسعودي عمرو أديب على قناة MBC، أعلن الخروج لفاصل إعلاني والعودة لاستكمال قراءة المشهد الاحتجاجي في مصر، لكنه خرج لفاصل طويل قبل أن يعود ليخبر المشاهدين أن الميادين المصرية هادئة. وكان أديب، قد خصص الحلقة للدفاع عن النظام المصري، في وجه موجة الانتقادات الموجهة لرأس النظام عبد الفتاح السيسي. ونفى في بداية الحلقة وجود تظاهرات وأكد أن “البلد في حالة استقرار”، ثم أقر بوجود “مجموعات محدودة تم إلقاء القبض عليها في عدد من المدن”، وهاجم قناة “الجزيرة” على تغطيتها الإعلامية. وزعم الإعلامي الموالي للنظام والقريب من دائرة السيسي حاليا، رامي رضوان، أن مقاطع الفيديو المصورة للمظاهرات “مفبركة” وذلك في برنامجه “مساء دي إم سي” على الفضائية المملوكة للمخابرات العامة. وبشكل عام؛ لوحظ تجاهل القنوات الفضائية المصرية للمظاهرات، عدا برنامج “الحكاية”.أما التلفزيون المصري فقد عرض فيلمًا تسجيليًا عن أنشطة وزير الدفاع الفريق محمد زكي، فيما سافر السيسي إلى الولاياتالمتحدة الأميركية قبل موعد سفره بأيام لحضور اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة.بينما استمرّت باقي القنوات الفضائية الخاصة، بنفي وجود تظاهرات، عارضة مشاهد لميدان التحرير فارغًا، بينما كانت فيديوهات الاحتجاجات تملأ مواقع التواصل الاجتماعي. أذرع السيسي “تبكي” على الهواء! وفي الوقت الذي كانت فيه أذرع السيسي تلطم وتبكي على الهواء، في محاولة لإنكار التظاهرات، وكان أهمهم المذيع المقرب من الأجهزة الأمنية، أحمد موسى، الذي وصل اسمه لقائمة الأكثر تداولا، بعد انتشار فيديو انهياره على الهواء في حلقة برنامجه “على مسؤوليتي”، على فضائية “صدى البلد”، وهو يقول بصوت يقترب من البكاء: “إحنا في محنة.. والله إحنا في محنة”. وانتشرت على الوسوم فيديوهات وصور التظاهرات، والكر والفر بين الشرطة والمتظاهرين، في محاولة لتوثيق الأحداث، بعد حالة التجاهل التي أصابت الأذرع الإعلامية والكتائب الإلكترونية.ولمّحت خلود حميدة لتصريح سابق وقالت: ”يا أبو دبورة ونسر وكاب.. احنا الشعب مش إرهاب.. كنت فاكرة حد قال لو عايزني امشي همشي من غير نزول.. حسبي الله ونعم الوكيل.. ربنا يحمينا. #ميدان_التحرير”. وتمنى أحمد منير: “ياللي فوق، إياً كان السيناريو اللي بتنفذوه بلاش الغلابة يبقوا كبش فدا ويموتوا بلاش دم. #ميدان_التحرير”. فيديوهات محمد علي تنتصر ب”الضربة القاضية” ! وخرج الآلاف من الشعب المصري استجابة لدعوات التظاهر للمطالبة برحيل السيسي، وعمت التظاهرات عددًا من أحياء القاهرة، والإسكندرية، والسويس، ودمياط، والشرقية، ومدن المحلة، وطنطا. الدعوة للتظاهر تزايدت عقب انتهاء قمة كأس السوبر لكرة القدم بين فريقي الأهلي والزمالك. وكان قد أطلقها المقاول ورجل الأعمال محمد علي، احتجاجًا على الفساد في بناء القصور الرئاسية، الذي كشف عنه في فيديوهات أطلقها من المهجر، وهو ما لقي استجابة واضحة من الشعب المصري الذي أثقله الفقر بسبب الغلاء الناتج عن سياسات اقتصادية ينتهجها السيسي إرضاء لصندوق النقد الدولي. وتجددت بعد منتصف الليل المظاهرات العفوية المعارضة لنظام السيسي من أعلى كوبري أكتوبر، حيث صعد المتظاهرون عبر مطالع ومنازل الكوبري إلى أعلاه ناحية ميدان عبد المنعم رياض ونظموا مسيرات في الاتجاه إلى ميدان رمسيس، مرددين هتافات: “الشعب يريد إسقاط النظام” و”مش هنمشي هو يمشي”.وتعاملت قوات الأمن، من على بعد، مع المتظاهرين بإطلاق قنابل غاز مسيل للدموع، لكن لم يحصل أي اشتباك بين الطرفين حتى الآن.ومازال المتظاهرون متواجدين بكثافة في ميادين بعض المدن الرئيسية في المحافظات كالسويس ودمياط والمحلة والمنصورة.بينما تم نقل عدد من المعتقلين، قدرته مصادر أمنية ب”العشرات” إلى معسكر الأمن المركزي بأكتوبر تمهيدا لعرضهم صباحا على النيابات المختصة بتهمة التظاهر والتجمهر. ح.ف / وكالات