كان للقائد الفلسطيني الزعيم الكبير المرحوم ياسر عرفات علاقة روحية خاصة بالجزائر..لقد كان المهندس الشاب صاحب شركة المقاولات المتواضعة بالكويت مشتعلا بالثورة الجزائرية وكان يرى فيها الخطوة الكبيرة نحو ثورة فلسطينية على طريق استعادة فلسطين لذلك كان انهماكه واخوانه في طلائع حركة فتح في جمع التبرعات من ابناء الجالية الفلسطينية بالكويت ومن الشعب الكويتي الكريم..وقبل ان تنتصر الثورة الجزائرية بسنوات خمس استشعر القائد الذكي رياح الانتصار فانهمك ورفاقه في اعداد الخلايا الاولى لفتح حتى اذا انتصرت الثورة الجزائرية يكون قد انجز البناء التنظيمي الاساسي والضروري.. اليوم في ذكرى استشهاده لايليق ان ننشغل بمن وضع السم ومن تورط في ذلك من الفلسطينيين ولا ان ننشغل بعملية الفحص ذلك لاننا مؤمنون ان ارض فلسطين مباركة لايخفى فيها سر وستنكشف الحقائق وسينطق الدم من اكف الايادي المجرمة..نريد ان نبقي في ذكرى استشهاده الثامنة وكيف كانت وشائج قلبه مرتبطة بالجزائر التي كانت الحضن الذي ولدت فيه الثورة الفلسطينية وكانت هي الام الذي ارضع ثورة فلسطين بكل حنان وكانت هي الاخت التي احتفت بالثورة الفلسطينية تعلن من عاصمتها ميلاد دولة فلسطين.. قال الزعيم الكبير في اواخر حيانه عندما ضاقت عليه دنيا العرب والمسلمين والناس اجمعين قال الزعيم : عليكم بالجزائر ان ضاقت عليكم الدنيا..وفيما يعرف عنه رحمه الله انه كان يردد دوما انه عندما يشعر بالاختناق والضغط الرهيب ويكاد الياس يجد سبيله الى قلبه ياتي الى الجزائر ويتجول ليلا في شوارعها في شارع العربي بن مهيدي وديدوش مراد وزيروت يوسف قيتنفس الصعداء ويملا رئتيه بهواء ثوري نقي ويقول: مثلما خرجت فرنسا من الجزائر ستخرج اسرائيل من قلسطين. كان الزعيم عربيا كبيرا بل وثائرا على الصعيد الانساني لا تحده جغرافيا ولا قوميات لكنه مع ذلك كله كان يدرك ان الجزائر هي خاصة اهله وحصنه المكين ومرجعية روحه..كان يدرك الزعيم ان الجزائريين لايقلون عنه عشقا لفلسطين وانهم لن يفرطوا بحبة تراب منها وانهم لايخضعونها للحسابات بل هم معها فوق الحساب ورغم الاحزاب. في الجزائر كان سر الزعيم وامله ..فهنا في الجزائر درب مقاتليه واخذ الذخيرة والسلاح ولباس المقاتلين وهنا من الجزائر انطلق للامم المتحدة يحمل مسدسه وغصن الزيتون ومن هنا من الجزائر تزود بقرار التمثيل الوحيد للشعب الفلسطيني. احب الجزائر كثيرا وكلما كنت امر عنده في مقره بغزة في اواخر التسعينيات كان كثير السؤال عن الجزائر وكان يوجهنا دوما لفتخ مزيد من الخطوط مع الجزائر لانه يؤمن ان الجزائر قلعة الثوار وحصن للقرار الوطني الفلسطيني المستقل .. رحم الله ياسر عرفات .. رحم الله الزعيم والقائد الذي كان يقول من لايحب الجزائر لايحب فلسطين.