لم يقدم حزب جبهة التحرير الوطني، على غير العادة، مرشحا عنه للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 12 ديسمبر المقبل، كما لم يعلن دعم أي من المترشحين الخمسة، في وقت دخلت الحملة الانتخابية يومها الثالث. أربعة مترشحين كانوا مناضلين في حزب جبهة التحرير الوطني، بل إن من بينهم من كان مسؤولا أول على الحزب العتيد، والأمر يتعلق هنا بمرشح “حزب طلائع الحريات”، علي بن فليس، الذي مر من خلال تلك البوابة ما بين 1999 و2003. تنظيميا، يبقى المترشح الحر، عبد المجيد تبون، الوحيد من بين المترشحين الأربعة الذي يحوز صفة العضوية في اللجنة المركزية، ومع ذلك لم يحصل على شرف دعمه من قبل الحزب العتيد، أما المترشحان الآخران، عز الدين ميهوبي، وعبد العزيز بلعيد، فقد استقالا منه منذ سنوات، وهما اليوم يقودان كلا من حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة المستقبل على التوالي. منطقيا يمكن القول إن وعاء التجمع الوطني الديمقراطي، حزب السلطة الثاني، سيصوت لصالح عز الدين ميهوبي باعتباره أمينه العام بالنيابة، لكن لمن ستصوت القاعدة الشعبية لحزب جبهة التحرير الوطني، ما دام أنه لم يقدم مرشحا عنه، ولم يعلن دعم أي من المترشحين الآخرين؟ ما يمر به الحزب العتيد هذه الأيام، يشبه إلى حد بعيد تلك الظروف التي عاشها في بداية تسعينيات القرن الماضي، فقد تعرض إلى عقاب شديد من قبل الجزائريين في أولى الانتخابات التعددية، البلدية والتشريعية التي عاشتها البلاد في ذلك الوقت، حيث خسر الريادة لصالح غريمه، الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، ولما جاءت الانتخابات الرئاسية التي جرت في سنة 1995، لم يقدم مرشحا عنه، كما لم يدعم المترشح الحر حينها مرشح السلطة، الرئيس الأسبق، اليامين زروال، وكان ذلك من بين الأسباب التي كانت وراء إزاحة الحكيم، الراحل عبد الحميد مهري من أمانته العامة. وباستثناء رئاسيات 1995، لعب الحزب العتيد دور الآلة الداعمة للرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، سياسيا وانتخابيا على مدار عقدين من الزمن، بما فيها رئاسيات أفريل 2019، التي أفشلها “الحراك الشعبي” رغم المحاولات اليائسة لنظام العصابة من أجل فرضها على الجزائريين. وبعد أزيد من عقدين من الزمن، يعود الحزب العتيد إلى تجربة التسعينيات، ومعها يبرز السؤال المكرر، من هو المرشح الأقرب إلى مناضلي هذا الحزب؟ يعتبر عبد المجيد تبون المرشح الوحيد من بين المرشحين الخمسة المنتمي عضويا للأفلان في الوقت الراهن، لكن هذا لا يعني أنه الأقرب إلى قلوب مناضلي “العتيد”، فالرجل كان يحسب على التكنوقراط إلى غاية مؤتمر 2015، الذي شهد التحاق العشرات من إطارات الإدارة، خلال الاصطفاف السياسي الذي حصل حين ذاك، ما يعني أن تبون يبقى غير معروف بين الكثير من مناضلي وإطارات الأفلان، حاله حال المترشح علي بن فليس الذي غادر الحزب في العام 2004، والمرشح عبد العزيز بلعيد، الذي كان بدوره عضوا في اللجنة المركزية.