يشكل موقف حزب جبهة التحرير الوطني، من مرشحي انتخابات الرئاسة المقبلة، الحدث الأبرز في الحملة الانتخابية، التي توشك على الانتهاء، وسط انقسامات حادة بين أعضاء المكتب السياسي وكوادر الحزب، بشأن المرشح الأقرب إلى توجهات حزب الغالبية البرلمانية. وحاول المترشح عز الدين ميهوبي، خطب ود حزب جبهة التحرير، بأن يجعله فاعلًا ضمن "قطب سياسي وطني"، في حال انتخابه رئيسًا للبلاد. وفُهمت تصريحات ميهوبي على أنها إيذان بميلاد ائتلاف سياسي جديد يجمع حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يقوده، مع الجبهة التاريخية التي تهيمن على غالبية المجالس الوطنية والمحلية المنتخبة. وفتحت هذه الخطوة الباب أمام إمكانية حصول ميهوبي، على أصوات كوادر وأنصار الحزب الحاكم سابقًا، وحينها يُتوقع أن ينهي المعركة الانتخابية لصالحه في الدور الأول. وفاجأ قياديون بارزون في حملة المرشح الخصم عبد المجيد تبون، بالانسحاب صوب حملة ميهوبي، ما أربك المشهد الانتخابي قبل ساعات من انقضاء حملة الدعاية، التي تدخل اليوم الأربعاء يومها الثامن عشر. ويقول مراقبون إن "الحالة الانتخابية الحالية استثنائية، لأن جبهة التحرير أضحت بوضع الرجل المريض الذي يدخل الانتخابات الرئاسية متفرجًا لا يملك برنامجًا ينافس به". كما أنها المرة الأولى التي يخوض فيها حزب التجمع الوطني الديمقراطي سباق الرئاسة بمرشح عنه، بعدما ظل يدعم بوتفليقة. ويبرز قياديون في الجبهة، أنهم "غير مرتاحين لدعم مرشح آخر لم يكن يومًا من أبناء الحزب"، لكن آخرين يعتقدون بأن مصلحة الحزب والبلاد تستدعي دعم عز الدين ميهوبي أوغيره، للرفع من نسبة المشاركة في الانتخابات، والمرور بالجزائر إلى شاطئ الأمان. ويطرح فريق ثالث خيار "الوقوف على مسافة واحدة بين المرشحين الخمسة، حفاظاً على ما تبقى للحزب الحاكم سابقًا من سمعة وسط الأنصار ورمزية لدى الشارع المحلي، باعتباره حزبًا تمتد جذوره إلى ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954". ويعيش الحزب أزمة تنظيمية حادة، منذ اعتقال أمينه العام محمد جميعي، وإيداعه الحبس لاتهامه بقضايا فساد ومساس بالنظام العام، وقد فشل خليفته محمد صديقي في تحريك عجلة جبهة التحرير الوطني؛ ما جعل نوابها في البرلمان وعناصرها في المجالس البلدية والمجالس الولائية في حالة تيهٍ. وتكادُ معركة كسب أصوات ناخبي جبهة التحرير الوطني، تنحصر بين ميهوبي وتبون، الذي يقدمه أنصاره في الجبهة على أنه عضو باللجنة المركزية للحزب، وبالتالي يرونه الأنسب لدعمه في الرئاسيات المثيرة للجدل. وينظر المرشحون الثلاثة الآخرون إلى الصراع الثنائي بين الطرفين حول "الإرث التاريخي"، بكثير من الحذر والطمع في نيل قسط من دعم كوادر هذا الحزب سواء بحكم انتماء سابق في صورة علي بن فليس (أمين عام سابق للحزب) وعبد العزيز بلعيد (قيادي سابق في الحزب) وعبد القادر بن ڨرينة، ذي التوجه المحافظ والذي يشكل غالبية في جبهة التحرير الوطني. ..صديقي يكشف تطورات موقف الحزب من الرئاسيات وقال الأمين العام بالنيابة لحزب جبهة التحرير الوطني، علي صديقي، إن قيادة الحزب فصلت في خيار إعلان دعم مترشح في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، موضحا أن إختيار أحد المترشحين الخمسة وصل إلى مراحله الأخيرة في إنتظار إعلانه في وقت لاحق. وأكد صديقي في تصريحات له، بأن “حزب جبهة التحرير الوطني سيراعي مصلحة الجزائر والحزب والبرنامج الإنتخابي والإنتماء إلى التيار الوطني في إختيار المترشح الذي سيدعوالمناضلين للتصويت لصالحه يوم 12 ديسمبر”. وبخصوص الأخبار التي تؤكد دعم مرشح الأرندي ميهوبي، يجيب الأمين العام بالنيابة للأفلان: “هناك إمكانية لدعم المترشح عز الدين ميهوبي والإتصالات قائمة معه، لكننا لم نفصل في الأمر نهائيا والأمر محل نقاش”. وشدد المتحدث بأن قيادة الحزب المركزية وفي الولايات أعطت أولوية للقيام بحملة إقناع الجزائريين على ضرورة التوجه بقوة لصناديق الاقتراع يوم 12 ديسمبر، وهو ما جعل قرار مساندة مرشح يكون في الأيام الأخيرة للحملة الإنتخابية. وكان ينتظر أن يلتقي وفد من حزب جبهة التحرير الوطني يقوده علي صديقي، مع المترشح للإنتخابات الرئاسية عز الدين ميهوبي مساء أمس، لوضع اللمسات الأخيرة على دعم الحزب العتيد لميهوبي في الإستحقاق الرئاسي. وأكد المكلف بالإعلام في الحزب محمد عماري، برمجة لقاء بين قيادة الحزب والمترشح ميهوبي، لكنه شدد بأن تفاصيل مكان الاجتماع وتركيبة وفد الطرفين وإمكانية إعلان الموقف النهائي في اللقاء لم تحدد بعد. وقال المتحدث إن الشروط التي وضعها المكتب السياسي في لائحة داخلية تخص طريقة اختيار المترشح الذي سيدعمه الأفلان في رئاسيات 12 ديسمبر توفرت في ميهوبي، إضافة إلى طلب الأخير دعم الحزب العتيد بشكل رسمي في لقاء سابق. وبشأن الشروط، التي يضعها الحزب لدعم ميهوبي وطبيعة الإتفاق الذي كانت محل نقاش مساء امس، شدد محمد عماري أن الشرط الأساسي جمع التيار الوطني وتأمين فوزه في الاستحقاق الرئاسي، مضيفا: “الأفلان لن تكون له شروط تتعلق بمناصب أومغانم ودعمنا لميهوبي لن يكون صفقة حزبية وإنما دعما لمصلحة وطنية قبل كل شيء”.