تحولت شوارع العاصمة، أياما قليلة قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، للجزائر إلى ورشة مفتوحة لطلاء واجهات العمارات والبنايات وإعادة تهيئة الأرصفة وتركيب أعمدة كهربائية جديدة وحتى لإعادة لافتات المرور، وإخفاء العمارات الآيلة للسقوط كلفت خزينة ولاية الجزائر أزيد من 10 ملايير. من شارع أودان وساحة البريد المركزي مرورا بشارع زيغود يوسف وساحة الشهداء، وصولا إلى مقبرة المسيحيين ببولوغينو تترأى لك قوافل من العمال يقومون بأشغال الترميم وطلاء واجهات العمارات والبنايات التي كانت قبل أيام فقط متسخة يكسوها السواد، فيما يقوم فوج أخر من العمال بإعادة لافتات المرور وتزيين الشوارع الرئيسية المقرر أن يمر بها الرئيس الفرنسي خلال زيارته المرتقبة في ال19 ديسمبر الجاري للجزائر. "الشروق" أثناء جولتها القصيرة عبر هذه الشوارع وقفت خلال دردشتها مع المواطنين الذين بدت على وجوههم علامات التذمر من المسؤولين خاصة المحليين منهم، حيث أجمعوا على المقولة الشعبية "نشبح داري كي يجي خالي"، وهو المعنى الذي ينطبق -حسبهم- على شوارع العاصمة التي تتحول إلى ورشة لتكتسي ثوبا أبيض وتتنور بمصابيح وأعمدة كهربائية جديدة، وتصبح من بين المدن الأنظف في العالم كلما دق زائر على بابها، كأن عاصمة الجزائر لا يمكن أن تكون هكذا في سائر الأيام -على حد قول محدثينا-. وفي هذا الإطار عبّر لنا عمي محمد، الذي التقينا به بشارع زيغود يوسف، عن أسفه قائلا "هذه هي حالة السلطات في بلادنا، فالمواطن الجزائري عندهم لا يستحق العيش في محيط لائق ونظيف، غير أن الملايير ترمى من أجل زيارة قصيرة لا تدوم إلا ساعات فقط"، ليقاطعه شاب في الثلاثين من عمره "عوض أن تصرف الملايير في إعادة طلاء واجهات العمارات والبنايات الآيلة للسقوط، لما لا يستثمرونها في توفير مناصب شغل لأمثالنا، وبناء سكنات جديدة لزوالية." وتصادفت جولتنا في أحد الشوارع الرئيسية وبالضبط على مرمى حجر من مجلس الأمة، وجود والي ولاية العاصمة محمد لكبير عدو، مرفوقا بحاشيته، حيث كان يتابع أشغال الترميم والطلاء وتزيين واجهات العمارات والشوارع ويعطي الأوامر بإتمامها في ظرف لا يتجاوز ثلاثة أيام، فيما علّق أحد المواطنين ل"الشروق" قائلا: "لم نره منذ أزيد من 4 سنوات وخرج اليوم ليرقص من أجل فرنسا التي لا تريد من خلال زيارة رئيسها للجزائر سوى تحقيق مصالحها الشخصية؟"، فيما أكد أحد المسؤولين أن العاصمة صرفت ما يزيد عن 10 ملايير سنتيم من أجل تبييض واجهة العاصمة وتركيب أعمدة كهربائية جديدة، فضلا عن تزيين نفق الجامعة المركزية بأحجار البناء.