ينتظر سكان بلدية الجزائر الوسطى تحقيق التنمية ببلديتهم التي استفادت هذه السنة من ميزانية فاقت مئة مليار سنتيم، وتجسيد ما تبقى من المشاريع المبرمجة لسد العجز المسجل في بعض القطاعات، والاستجابة لانشغالاتهم الكثيرة والتكفل بمختلف المشاكل التي زادتها حدة الكثافة السكانية العالية، والعدد الكبير من المتوافدين عليها يوميا كونها قلب العاصمة وتضم هيئات ومرافق حساسة، حيث يبلغ عدد زوارها يوميا مليون شخص من الراجلين، بينما يصل عدد السيارات إلى 800 ألف سيارة تعبرها يوميا. الزائر لوسط العاصمة يلاحظ التدفق البشري الكبير الذي تشهده المدينة رقم واحد في الجزائر طيلة أيام الأسبوع، كما لا تخفى على أحد الفوضى الكبيرة التي تسبب فيها الوقوف الفوضوي والعشوائي للسيارات على مدار ساعات النهار، خاصة على مستوى الشوارع الكبرى التي فقدت الكثير من جمالها، حيث يكتشف زوارها الحركة وما ينجر عنها من ضجيج، مما يشكل هاجسا لسكان هذه البلدية التي يقطنها مئة ألف ساكن موزعين على شوارع العربي بن مهيدي، وديدوش مراد، ومحمد الخامس، وعبان رمضان، وكريم بلقاسم وغيرها من الأحياء، التي لا يجد سكانها الراحة إلا مساء، حيث لم تعد مساحة هذه البلدية التي تتربع على أربعة آلاف هكتار، قادرة على استيعاب القادمين إليها من مختلف جهات الوطن، من عمال، وطلبة، وغيرهم من الذين يقصدونها لقضاء حاجياتهم أو كعابري سبيل. فوضى التوقف تشل الحركة وتصنع الزحام وما أغرق الجزائر الوسطى في زحام محسوس هو عدم توفر العدد الكافي من الحظائر القادرة على استيعاب السيارات التي تتزايد يوميا، حيث زحفت طوابير المركبات على الأرصفة، راسمة بذلك صورة سيئة عن العاصمة التي ضاقت بزوارها، مما أدى بالراجلين إلى تقاسم الطريق مع السيارات رغم مخاطر ذلك على حياتهم، خاصة في بعض الأحياء التي تجري بها أشغال إعادة تهيئة الطرق والأرصفة، على غرار شارع العربي بن مهيدي الذي يكون جاهزا نهاية السنة، حسب النائب الأول لبلدية الجزائر الوسطى السيد بلهوان رابح، الذي أقر في لقاء خص به ''المساء''، بصعوبة التحكم في فوضى التوقف نتيجة قلة الحظائر التي لا يتجاوز عددها سبعة، في انتظار تدعيمها بثلاث حظائر أخرى، توجد في مرحلة الدراسة حسب محدثنا الذي اعتبر أن ما يشهده وسط العاصمة من تدفق بشري كبير بسبب تمركز عدة مؤسسات هامة، سمح بجلب مداخيل إضافية لبلدية الجزائر الوسطى، مقابل انعكاسه سلبا على راحة سكانها إذ خلّف ضغطا يتطلب التحكم فيه والتحضير يوميا لمواجهته. وقد عبر بعض سكان شارع العربي بن مهيدي، أحد الشوارع الرئيسية لبلدية الجزائر الوسطى ل''المساء''، عن عدم رضاهم عن الوضعية التي آلت إليها بلديتهم، التي تعتبر واجهة العاصمة كلها ومحطة للعديد من الزوار المحليين والأجانب، الراغبين في التعرف على هذه المدينة ذات الهندسة المعمارية الأوروبية، مشيرين الى قلة النظافة التي أدت الى غزو الجرذان لمختلف الأحياء والمنازل، فالتجول مساء بشارع العربي بن مهيدي، يعكس الصورة الحقيقية لبلدية الجزائر الوسطى، باعتباره من أكبر الأحياء، والدليل ساحة الأمير عبد القادر التي لا تزال متسخة بعد التخلي عن الحارس الذي كان في وقت سابق، يعتني بهذا المكان الذي يحمل دلالة تاريخية، والذي يقصده الكثير من المواطنين. مشروع الجزائرالبيضاء يحولها إلى ورشة وما يلفت النظر أيضا هو استيلاء أصحاب المحلات على الأرصفة وتحويلها إلى ملكية عمومية في بعض الأحياء، في غياب مصالح الرقابة وكذا ديوان الترقية والتسيير العقاري عن الميدان، وعدم تعيين خبير لمراقبة وضعية العمارات التي طالتها النفايات، كما لم يخفِ تجار شارع العربي بن مهيدي قلقهم من تأخر تهيئة الطريق والرصيف بصفة كاملة لإنهاء مشكل الغبار الذي أصبح يغشى سلعتهم، مما أدى بهم - حسب تاجر أحذية - إلى محاولة التخلص منها بأقل من سعرها الحقيقي، فضلا عن التجار الفوضويين الذين يحتلون عادة الطريق الرئيسي القريب من البريد المركزي رغم ما يسببه ذلك من فوضى. ولم يخفِ أحد سكان شارع العربي بن مهيدي أيضا انتشار الحشرات بالأشجار المتواجدة على طول الشارع أو كما قال ''البق'' بسبب عدم معالجتها، الأمر الذي نفاه نائب رئيس البلدية السيد رابح بلهوان، مؤكدا أن الأمر يتعلق بحشرة تتناسب مع هذا الفصل، وأن الخطر يكمن في التلوث البيئي الناتج عن العدد المتزايد للسيارات وليس في الأشجار التي يظل عددها قليلا للتخفيف من حدة الأضرار التي تمس بالبيئة. وقد أدى تأخر مشروع الجزائرالبيضاء وتباطؤ وتيرة إنجازه، إلى تحول شوارع البلدية إلى ورشة كبيرة، انعكست سلبا على راحة المواطنين ونشاط التجار، الذين سجلوا تراجع مبيعاتهم بسبب عزوف المواطنين عن التسوق في ظروف يصعب فيها التنقل، حيث أصبح التنقل وسط العاصمة هاجسا يؤرق الكثيرين، لما يواجهه زوارها من مشكل تعطل حركة السير وقلة الحظائر لركن سياراتهم، مما جعل العديد من السكان الأصليين لوسط العاصمة، يغيرون السكن ويرحلون إلى بلديات أخرى بحثا عن الراحة والهدوء. وإذا كان بعض المحظوظين قد تمكنوا من بيع سكناتهم بأسعار مغرية مكنتهم من اقتناء أخرى أو إنجاز فيلات في المناطق التي وقع عليها اختيارهم، فإن البعض الآخر لا يزالون ينتظرون حقهم في السكن، خاصة بالنسبة للذين يعيشون وضعيات صعبة، منها عدة أسر بحي الأخوة خلادي تتقاسم بينها سكنا من ثلاث غرف، كما تقطن عائلة مكونة من ستة أفراد بغرفة واحدة بحي الكاديكس، كما لجأت حوالي 500 عائلة إلى الأقبية والأسطح في انتظار الحل النهائي لأزمة السكن، حيث استقبلت المصالح الخاصة 13 ألف ملف خاص بالسكن الاجتماعي والتساهمي منها 1200 سكن تساهمي يجري إنجازها حاليا لتلبية ولو نسبة من الحاجيات التي تتزايد من يوم إلى آخر وفي مختلف الأحياء، على غرار حي كريم بلقاسم المعروف ''بتيلملي'' والأحياء المجاورة له، وقد وقفت ''المساء'' على المشكل الكبير الذي تعاني منه عدة عائلات تقطن في وضعية جد صعبة، منها عائلة بأربع توائم تقطن أحد الأقبية منذ عشر سنوات، حيث قلّت النظافة بسبب قنوات صرف المياه التي تتدفق ب''المسكن'' محولة حياة العائلة إلى جحيم. شارع طنجة.. قرية في قلب العاصمة ولا تقل وضعية بعض العائلات التي تقطن بحي طنجة القريب من مقر البلدية سوءا، بسبب تدهور سكناتها التي أصبحت آيلة للسقوط في انتظار عملية الترميم، التي قال بعض السكان إنها بطيئة جدا رغم الوضعية السيئة التي يعيشونها نتيجة الرطوبة المتواجدة بهذا الشارع وشوارع أخرى، كديدوش مراد، ذبيح الشريف، تليلملي، العربي بن مهيدي وعلي حريشاد. وفي تعليقه على هذه الوضعية قال ممثل حي طنجة ل''المساء'' إن هذا الشارع تحول إلى قرية رغم قربه من مقر البلدية، وذلك بسبب الإهمال الذي طاله، حيث الأرصفة متدهورة جدا ويصعب المرور عبرها خاصة عندما تتهاطل الأمطار، كما أن الطريق غير مهيأ بصفة جيدة، فضلا عن نقص الإنارة العمومية، بهذا الحي الذي كان منسيا قبل إنشاء لجنة الحي التي تنقل للسلطات المحلية كل النقائص والانشغالات التي يطرحها المواطنون، منها انعدام مركز صحي بالجزائر الوسطى، التي يضطر سكانها إلى التنقل إلى مركز الإخوة ميرة أو مستشفى مايو للعلاج، كون العيادة الوحيدة المتواجدة بحي الإخوة بليلي بعيدة عن السكان، الذين يطالبون بإنشاء مركز صحي قريب منهم. من جهة أخرى أثار بعض سكان هذا الحي الذي يعتبر من أقدم الأحياء الاستعمارية بالعاصمة، مشكل غياب المرافق الرياضية التي يحتاج إليها الشباب، وطالبوا بتوفير الملاعب الجوارية التي تمكنهم من سد أوقات الفراغ وعدم اللجوء إلى ممارسة الرياضة في أماكن غير آمنة، وهو المشكل الذي طرحه سكان حي كريم بلقاسم وضواحيه، حيث أكدوا لنا أن أحياء كريم بلقاسم، محمد الخامس وسفينجة تشهد منذ فترة قصيرة عملية تهيئة شاملة لإعادة الوجه اللائق بها، من خلال تهيئة الطرق والأرصفة، بينما يبقى مشكل غياب المرافق الرياضية والترفيهية للشباب يؤرق العائلات، خاصة بحي ''ساكري كور'' الذي أكد بعض سكانه أن البطالة والفراغ صارت تجر الشباب إلى الانحراف، حيث اعتبروا أن استفادة حيهم من ساعة ونصف في الأسبوع لممارسة الرياضة بملعب زموشي وعين زبوجة، لا تكفي خاصة أن الملعبين تتقاسمهما عشرة أحياء كاملة. حدائق مهجورة وأخرى تنتظر التهيئة من جهتها تبقى الحدائق والمساحات الخضراء بحاجة إلى تدعيم واهتمام من قبل السلطات المحلية، حيث أشارت عائلات قاطنة بشارع كريم بلقاسم ونواحيه، إلى أنها لا تجد مكانا للراحة رغم توفر حديقة تيفاريتي التي كلفت خزينة البلدية 17 مليار سنتيم لتهيئتها، وذلك بسبب نقص الأمن والاعتداءات التي يتعرض لها مرتادوها، حيث ذكر لنا ممثل الحي أنه تم في الأيام القليلة الماضية الاعتداء على رجل وزوجته بهذه الحديقة، فبالرغم من الأهمية التي تكتسيها المساحات الخضراء إلا أن العديد منها ظلت لسنوات مهملة ومرتعا للمشردين والمنحرفين على غرار حديقة صوفيا بمحاذاة البريد المركزي، التي هجرتها العائلات العاصمية رغم إعادة تهيئتها، وذلك بسبب السمعة السيئة التي لصقت بها، وخوفا من الاعتداءات، مما يتطلب إعادة بعثها، مثلما يتطلب ذلك بالنسبة لمدخل المحطة البرية لنقل المسافرين بتافورة التي تفتقر لتهيئة خاصة تمكنها من أن تكون وجها جميلا للمدينة وزوارها خاصة في فصل الصيف، حيث يلاحظ العابر لهذا المكان انتشار القمامة التي شوهت المحيط، حيث تبقى النظافة ناقصة بالرغم من المجهودات التي تبذلها السلطات المحلية، خاصة في بعض الأحياء، بسبب رمي التجار للقمامة بطرق عشوائية، وتهاون السكان في رميها في الوقت المحدد، حيث نجد المواطن يهتم بتنظيف بيته على حساب الشارع الذي يعتبره خارج نطاق مسؤولياته. وفي سياق متصل أشار ممثل حي طنجة إلى أن ''الأمور بدأت تتحرك على مستوى بلدية الجزائر الوسطى''، التي يواجه سكانها عدة متاعب أرجعها الى عدم خروج المنتخبين للميدان والاحتكاك بالمواطنين الذين انتخبوهم، مؤكدا أن ''المشكل ليس في رئيس البلدية وإنما في نوابه الذين لا يقومون بمهامهم ويرفضون التعامل مع لجان الأحياء، التي تعمل حاليا مع الإدارة لإعادة الأمور إلى نصابها''. النائب الأول للبلدية يرد ويوضح وفي رده على الانشغالات المطروحة أشار النائب الأول المكلف بالمالية والشؤون الاقتصادية السيد بلهوان رابح، إلى أن أشغال الترميم التي شرع فيها تتم بالتراضي مع التجار لتجسيد مشروع الجزائرالبيضاء واستعادة العاصمة لبياضها، وإعطائها وجها لائقا كونها مقصد كل الزوار، حيث تقوم البلدية في هذا الإطار بتهيئة البنايات العتيقة من خلال ترميمها وإعادة طلائها، ثم نزع كل الهوائيات المقعرة وأجهزة التبريد التي تشوه مظهرها وواجهة المدينة بشكل عام، مرجعا الاضطرابات في حركة السير إلى مشروع تهيئة الرصيف وإعادة توصيل الكهرباء والغاز والماء بطريقة أحسن تكون فيها مختلف الشبكات تحت الأرض، للقضاء على التوصيل العشوائي الذي شوه المحيط وبطريقة احترافية مع إعادة البنايات القديمة إلى وضعيتها الأساسية وهدم كل التوسعات غير القانونية التي استولى أصحابها على جزء من الرصيف، حتى تصبح واجهات العمارات تليق بشارع العربي بن مهيدي الذي يعتبر من أهم وأعرق شوارع العاصمة، كما سيكون الرصيف بهذا الشارع مهيأ بالرخام في نهاية السنة الجارية. وحسب محدثنا، فإن ما يعرفه حي طنجة والأحياء الأخرى راجع إلى قدمها إذ بنيت وقت الاستعمار، حيث شرع في ترميم البنايات سنة ,2000 وقد انتهت الدراسات الخاصة بترميم العمارت عمارة بعمارة بشارع طنجة، بينما سيتم تهديم تلك الآيلة للسقوط، كما ستنطلق العملية بحي الإخوة بليلي والكاديكس اللذين سيشهدان ترحيل بعض العائلات التي تقطن سكنات مهددة بالانهيار، بينما يتحمل سكان الأسطح والأقبية مسؤولية ما قاموا به، يقول محدثنا. من جهة أخرى دعا مصدرنا السكان إلى احترام أوقات رمي القمامة التي يسيء انتشارها لسمعة العاصمة، مشيرا إلى أن مؤسسة نات كوم تقوم بجمع 40 ألف طن يوميا، إضافة إلى خمسة آلاف طن ترفعها مصلحة البلدية، وعلى العكس من النقص المسجل في الجوانب الأخرى فإن قطاع التربية سجل طاقة استيعاب إضافية، من خلال 40 حجرة درس تضاف ل23 مدرسة، حيث طالبت السلطات المحلية مديرية التربية بتدعيم القطاع بأساتذة إضافيين لتقليص معدل التلاميذ من 32 تلميذا في القسم إلى 22 تلميذا. أما في الجانب الثقافي فستنطلق هذا العام نشاطات، كما سيدشن في الصائفة المقبلة متحف التاريخ العصري الواقع بشارع العربي بن مهيدي، كما ستدشن في 19 ماي مكتبة جوارية بحي سي البشير. من جهة أخرى ذكر السيد بلهوان أن الجانب الرياضي سيتدعم من خلال تحويل ملعب الزبوجة إلى مركز كبير لممارسة مختلف النشاطات الثقافية، كما ستخصص قاعات الرياضة بيروت وحريشات لممارسة الكاراتي والجمباز، مشيراً إلى أن هناك 25 نادياً وجمعية تنشط في هذا الميدان، بينما لا يتعدى إقبال المواطنين على هذه الهياكل عشرة بالمئة. ولتخفيف حدة البطالة التي استفحلت وسط الشباب، ذكر المتحدث أن مشروع مائة محل تم تدعيمه ب300 محل تجاري جاهزة، حيث سلم منه 50 محلاً في انتظار توزيع الباقي للقيام بعدة نشاطات بهذه المحلات الكائنة بزرالدة، وبني مسوس، والسحاولة والمعالمة.