رغم تراجع الحركة التجارية في الكثير من المحلات بمختلف نشاطاتها، مع أول عودة لها إلى الحياة العادية، إلا أن محلات "فاست فود"، كانت تعكس جانبا نفسيا وسلوكيا لبعض الجزائريين، الذين توافدوا عليها، في أول يوم مزاولة نشاطها، بشيء من الشوق والحنين الظاهر لمثل هذه الأماكن التي لطالما اعتبرت من المشاهد العامة والمعتادة في الشوارع الجزائرية. "الشاورما"، و"ساندويتش سكالوب"، و"الهانبورغر"، و"البيتزا"، وجبات سريعة، عادت رائحتها تعم الشوارع والأزقة، وتسيل لعاب المارة الذين حرموا منها منذ تعليق الأنشطة وغلق المحلات في إطار الوقاية من فيروس كورونا المستجد، حيث تسابق إليها في أول يوم للحجر المنزلي، الأطفال والشباب والرجال والنساء، وتعدى البعض حدود التباعد الاجتماعي، غير مبالين بكورونا، في لحظة سال فيها اللعاب وفتحت شهية البطون، تحت وطأة الروائح الشهية. "البيتزا.. كم اشتقت إليها، كنت انتظر اللحظة لأسكت بطني، التي تشتهيها كلما جاءت صورتها في الذهن" هكذا عبر شاب عن شهيته وحبه البيتزا في محل بحسين داي، كان زبائنه ينتظرون الوجبات المطلوبة لحين تجهز. في محل بالقبة لبيع "فاست فود"، لم يتمالك بعض محبي البيتزا و"الشاورما"، أنفسهم وتمردوا على صاحب المحل وأكلوا هذه الوجبات وهم وقوف، في الوقت الذي تلزم الجهات السؤولة، حمل هذه الوجبات وعدم البقاء في المحل. وحسب جولة استطلاعية ل"الشروق" بساعتين قبل بدء حظر التجول، في حسين داي، والقبة، والحراش، وباب الزوار، فإن بعض محلات "فاست فود"، خاصة الصغيرة، لم تلتزم بالإجراء الذي يؤكد على ضرورة حمل الوجبات من طرف الزبائن وأخذها إلى البيت، حيث أن المثير منها لم تضع حتى الشريط الذي يمنع دخول الزبون، بل إن هذا الأخير لم يكن يرتدي الكمامة في الكثير من الأحيان، كما لاحظنا عائلات برفقة أطفالها، تجلس بأريحية إلى الطاولات ومحاذاة عائلات أخرى، وكأن كورونا تبخرت فجأة من أذهان الناس. ونظرًا لتواجد الكثير منها بين الأزقة، والأحياء الشعبية، وبعيدا عن أعين الرقابة، فإن كل التوصيات التي أكدت عليها وزارتا التجارة والصحة، ضربت عرض الحائط. "الباروك" يحدث زحمة على الوجبات المجانية وأثار بعض أصحاب محلات "الفاست فود"، من خلال تقديم وجبات مجانية، احتفالا بعودتهم إلى النشاط، أو ما يسمى ب "الباروك"، زحمة عارمة أمام محلاتهم، حيث أدت اللهفة على "البيتزا"، و"الشاورما"، في بعض الأماكن إلى تدافع ودون تباعد اجتماعي، وأكثر المتدافعين كانوا من غير كمامات. وفِي هذا الموضوع، أكد محمد بوحمار، الحكم الدولي في طهي البيتزا، وصاحب محل بسحاولة، أن الطلب على محلات "فاست فود"، كان منقطع النظير في الناحية الغربية والجنوبية للعاصمة، حيث كانت الطوابير طويلة أمامها، ولأن الكثير من زبائن هذه المحلات حرموا لثلاثة شهور تقريبا من لذة الوجبات السريعة، خاصة "الشاورما"، و"البيتزا"، فإنهم احتفلوا في أول يوم من عودة نشاط محلاتها، بالتوافد عليها وتعويض الحرمان منها، ومن رائحتها التي كانت تجوب زوايا الأحياء باقتراب منتصف النهار. وأكد بوحمار أن محله لقي إقبالا ملحوظا، خاصة من طرف النساء اللواتي يتوحمن على البيتزا، وهن الحوامل في شهورهن الأولى، مع العلم حسبه، أن البيتزا التي يطهوها كانت مطلوبة طيلة الحجر المنزلي، حيث كان بعض الزبائن يتصلون به هاتفيا، ويحضرها لهم ويتم توصيلها إلى مقر سكناهم. احذرو التسمم وإضطرابات المعدة وبعودة محلات "الفاست فود"، إلى النشاط، يعود التخوف من تأثير وجباتها السريعة على الصحة خاصة بعد الإقلاع عنها لأكثر من شهرين، وتعويد المعدة على الأكل المطهو في المنزل، حيث حذرت رئيسة مبادرة اليقظة الصحية للجمعية الوطنية لمبادرة صناعة الغد، ورئيسة مصلحة "كوفيد19" لمرضى القصور الكلوي بمستشفى تيبازة، الدكتورة سعاد إبراهيمي، من الإقبال المفرط على أكل "الشاورما"، و"البيتزا"، وخاصة في بعض المحلات التي لا تحترم شروط النظافة، وطرق الطهي، وقالت إن معدة الجزائريين، عاشت حالة "ريجيم"، لمدة طويلة، ونظمت على طريقة معينة في الأكل، وأصبحت هذه المعدة أكثر حساسية لوجبات الشارع، والوجبات الدسمة والسريعة، مما قد يعرض الإفراط في تناولها ولأيام متتالية إلى حالة تسمم أو اضطرابات في الجهاز الهضمي، وتأثيرات على صحة القلب. وإضافة إلى هذه المخاطر، فإن التوافد على محلات "الفاست فود"، حسب سعاد إبراهيمي، ودون احترام إجراءات الوقاية من كورونا، قد يؤدي إلى تسجيل حالات إصابة بالوباء، رغم أنه أصبح في مرحلة الذيل، خاصة أن الحالات المعزولة غير معروفة لدى بعض المصابين.