لماذا عاد من يسمى "عراب الربيع العربي" الصهيوني الفرنسي الجنسية، الجزائري المولد، برنارد هنري ليفي الى ليبيا في هذا الظرف بالذات، وهو الذي يلعنه الليبيون صباح مساء لتورطه في تدمير بلادهم، وما خلفيات ذلك؟ الغريب في الامر هو ان برنار ليفي نزل في مدينة مصراطة، وهي التي تعتبر المدينة الثانية من حيث الاهمية، بعد طرابلس المساندة لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، كما ان اعيان ورموز ومسؤولي هذه المدينة يدركون مسبقا ان استضافة ليفي سيجلب عليهم عاصفة من النقد، وخاصة من خصومهم في طبرق والرجمة. ومثلما انتقل في العام 2011 محرضا الشعب الليبي على الثورة ضد نظام الراحل، معمر القذافي، عاد اليوم الى البلد ذاته، لكن بمهمة اخرى، وهي توثيق جرائم ميليشيات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في ترهونة، في مقال صحفي قال انه سينشره في صحيفة "وول ستريت جورنل" ذائعة الصيت. الهدف من وراء ما جاء من اجله برنارد ليفي الى ليبيا، ليس مجرد عمل صحفي عادي، وانما عمل له بعد استراتيجي في الصراع الليبي، يتمثل في توريط خليفة حفتر كقائد لمعسكر شرق ليبيا، وانهاء دوره في المعادلة السياسية والعسكرية في الجارة الشرقية. لم يقم ليفي بهذه المهمة من اجل سواد عيون من جاء به من معسكر الغرب الليبي، وانما من اجل رؤية استراتيجية تدافع عن مصالح الولاياتالمتحدةالامريكية، وهي ابعاد النفوذ الروسي عن ليبيا، الذي بات يهدد المصالح الامريكية والغربية عموما، في شمال افريقيا والبحر المتوسط. ومعلوم ان خليفة حفتر يعتمد في حربه على المنطقة الغربية في ليبيا، على مرتزقة من جنسيات مختلفة، من الجنجويد السودانية ومن تشاد وسوريا، لكن اخطرهم جميعا هم مرتزقة الفاغنر الروسية، والتي يمكن اعتبارها قوات شبه رسمية روسية، وان حاولت موسكو التستر عليها كشركة امنية خاصة. وكما اكد ليفي في احدى تغريداته، فانه زار بالفعل احدى المقابر الجماعية في مدينة ترهونة، وقدم توصيفا لاعمار الضحايا وجنسهم، وكيفية تصفيتهم، من قبل ميليشيا الكاني، التي تاتمر باوامر خليفة حفتر، قبل ان تفر هاربة نحو بنغازي، بعد هزيمتها من قبل قوات حكومة الوفاق، في شهر جوان المنصرم. ويامل من جاء بعراب الربيع العربي الى ليبيا، ان يؤدي صدور مقال ليفي في صحيفة وول ستريت جورنل، الى تحرك محكمة الجنايات الدولية ضد حفتر وقيادات جيشه، وتضعه على قائمة المطلوبين دوليا، ومن ثم اضعاف موقفه في المعادلة الليبية، وقد يصل الامر الى سجنه، وذلك انتقاما من تمرده على امريكا، وارتمائه في احضان روسيا، بالرغم من ان واشنطن هي من انقذته من سجون تشاد ومشنقة القذافي، ومنحته الجنسية الامريكية، ثم ياتي في الاخير ويقفز الى المعسكر الاخر. ما يخطط له ليفي من خلال زيارته الى ترهونة، هو تكرار سيناريو جر زعماء صرب البوسنة الى المحاكم الدولية، بسبب جرائمهم في البوسنة والهرسك وكوسوفو.. فهل ينجح هذه المرة مع حفتر؟