في إجراء تعسفي، قررت محافظة مهرجان تيمقاد الدولي منع "الصحافة المكتوبة" من الدخول إلى كواليس المهرجان والسماح فقط للتلفزيون والإذاعة، ما أثار حفيظة الصحفيين والمراسلين الذين قاطع بعضهم تغطية الليلة الرابعة "السبت"، فيما فضل البعض الآخر إخطار السلطات بالقرار الذي أثار الفتنة والحساسية جراء "التمييز الإعلامي" الفاضح بين الجسم الصحافي ككل، والتشجنات والسجالات التي طبعت المهرجان طوال اليومين الماضيين. وفيما بررت المحافظة القرار الذي شمل الصحافة المكتوبة دون سواها برغبة وطلب الفنانين المنزعجين من تواجد رجال الإعلام في الكواليس، لم تصمد هذه الحجة طويلا بالنظر إلى تواجد الإذاعات المختلفة والتلفزيون في الكواليس دون "إزعاج يذكر"، ليتضح أن "القضية" لم تعد تتعلق بممارسة حق إعلامي اختار القيّمون أن يكون إعلاما من الدرجة الأولى وإعلاما من الدرجة الثانية بحجة أولوية السبونسور مع ما شكله ذلك من احتقار واضح وامتهان لكرامة الحق الإعلامي للجميع الذي ترفضه كافة القوانين والشرائع والأخلاقيات. وكان القرار الذي بدأ يلوح بشكل مؤقت منذ الليلة الثانية أي منذ سهرة نبيهة كراولي بشكل جزئي حينما اقترح أن تخصص أماكن للصحفيين كمتفرجين في المنصة الرسمية، لكن بعضهم بقي واقفا في الرواق وخلف المنصة بعدما غزا الجمهور مكان الصحفيين، وهو ما تكرر لاحقا. بالموازاة مع ذلك وأثناء سهرة باسكال مشعلاني التي منع فيها الصحفيون من دخول الكواليس رغم حملهم للشارات فيما، سمح لبعض المحظوظين والمحظوظات والأسر من دخول الكواليس دون رقيب أو حسيب، ودون أن تتدخل الجهات المكلفة بالتنظيم لأن الأوامر جاءت من فوق.. فيما يبقى الصحفي تحت الفوق وتحت التحت. وتكشف هذه "السابقة" التي لم تحدث سوى هذه السنة "كواليس" أخرى، بعدما اتضح أن بعض "الكتابات الصحفية" التي تناولت مسألة انقطاع الكهرباء ومشكلة دورة المياه هي التي عجلت تنفيذ هذا القرار السيء من حيث الاستراتيجية الإعلامية التي ذكرت الجميع بالنظرة الشمولية والأحادية الرافضة للتعدد والتنوع في نقل الحقائق دون تزييف أو ماكياج، وفي إطار نقد مفتوح لتطوير والارتقاء بالمهرجان من الهفوات التافهة، لكن وبدل أن تلجأ الجهات المكلفة بالمهرجان إلى معالجة الأخطاء عالجتها بخطيئة أكبر، وبدل أن تسعف المريض أطلقت النار على سيارة الإسعاف، ضمن منطق البحث عن تغطية على المقاس وفي مجال إعلامي مغلق لا يتحدث سوى عن الإيجابيات دون السلبيات والنقائص، لتعود الممارسة الإعلامية ضمن مناخ تعددي ومجتمع مفتوح سنوات إلى الوراء، إلى عهد الثورة الزراعية و"خذ المفتاح يا فلاح"، وبدل أن يجد الصحفي نفسه في مناخ متطور ومنفتح في دورة 2007 وجد نفسه في مناخ ضاغط وقمعي ورقابي غير مقبول يذكّر بعهد السبعينيات والحزب الوحد، كما يكشف من جانب آخر مسألة أخطر تتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان في الإعلام وإفلاس السياسة الإعلامية المتعاطية مع رجال الإعلام وهذه مشكلة "ذهنية" أعمق وأخطر من انقطاع الكهرباء وتعطل دورة المياه. طاهر حليسي / أيمن.ع