في الوقت الذي كان يتوقع فيه المنظمون تراجع نسبة الجمهور خلال الليلة الخامسة وما قبل الأخيرة من المهرجان بسبب الإضطرابات خلال الليلة الرابعة وبسبب الاكتظاظ الذي وقع خارج أسوار المسرح الروماني وما نتج عنه من أحداث على خلفية سوء التنظيم، إلاّ أن الجمهور القالمي برهن مرّة أخرى أنه فعلا ذواق للفن الجزائري وما يحمله من تنوع في الطبوع، بل أكثر من ذلك فإن العائلات القالمية بدأت بالتوافد على مدرجات المسرح ثلاث ساعات كاملة قبل موعد إنطلاق السهرة، ما أجبر المنظمين على فتح أبواب الدخول في حدود الساعة السادسة مساءا تفاديا للضغط وتخوفا من الإكتظاظ، وما وصلت الساعة الثامنة حتى قرر محافظ المهرجان السيد نزيه برمضان توقيف عملية بيع تذاكر الدخول إلى المسرح الذي كانت مدرجاته مكتظة عن آخرها ساعة قبل موعد إنطلاق السهرة التي شهدت أيضا تنظيما محكما وإجراءات أمنية مشددة بعد تجنيد عدد هائل من رجال الشرطة والدرك الوطني، داخل المدرجات وخارج أسوار المسرح الروماني أين شكلوا أحزمة أمنية واقية للجمهور والذي كان أغلبه من العائلات التي بدأت بالرقص والتصفيق على أنواع المقاطع والوصلات الموسيقية الخفيفة التي كان يبعثها التقني وهاب بن زاوي عبر مكبرات الصوت التي ملأ صداها أجواء المسرح الروماني وحرك فضاء المدينة الهادئة، وكم كانت دهشة المنظمين أكبر عندما تجاوب الجمهور الحاضر وخاصة منهم الشباب مع أداء فرقة القناوة التي وخزت مشاعر الشباب بأغنيتي ( ميمونة، وأحنا هكذا ديما صابرين)، بعدها كان أيضا أداء فرقة تريانا الجزائر أكثر من رائع في أداء نوع الفلامينكو باللغة الإسبانية قبل أن تنتفض المدرجات بالرقص والأداء الجماعي لأغنية ( يالرايح وين مسافر) للفنان دحمان الحراشي والتي أعاد أداءها مطرب الفرقة بريتم سريع رقصت على أنغامه وغنت الجماهير بعفوية مطلقة، هدية المنظمين للجمهور كانت إدراج إبن المنطقة الفنان أحمد القالمي ضمن برنامج السهرة والذي أطرب جمهوره على أنغام طابع السراوي بأدائه لباقة من الأغاني الخفيفة والراقصة قبل أن يصعد بعده فنان الأعراس والحفلات في الطابع السطايفي الشاب عرّاس الذي غنى أجمل ما لديه من أغاني يحفظها الجمهور القالمي وأداها بتجاوب كبير من على المدرجات التي نطقت وعبرّت عن تعطش الجمهور القالمي للنشاط الفني والثقافي فكانت الفرجة بتلك اللوحات الفنية الراقصة المزّينة برايات العلم الوطني وكم كان الأداء الجماعي رائعا ومبهرا لكلمات أغاني ( تعجبيني غير أنتي، و سميتك عمري) وغيرها من باقة الأغاني الأخرى التي طالب الجمهور بإعادتها من طرف الشاب عراس الذي بدا في أقصى درجات فرحته على ركح المسرح لتجاوب الجمهور معه، ختام السهرة كان مع النوع العاطفي الذي أداه الشاب أنوّر الذي يزور قالمة لأول مرّة أين وجد جمهوره في انتظاره ومتلهفا للغناء معه بالمسرح الروماني الذي لم يعد قادرا على استيعاب الأعداد الهائلة من الجماهير والعائلات التي أصبحت تتوافد عليه كل أمسية لتبدأ في الأداء والرقص إلى ساعات متأخرة جيدا من الليل دون عقدة وفي أجواء عائلية حميمية وصوّر رائعة راقصة منقطعة النظير. عصام بن منية كواليس: أثار تصرف أحد التقنيين التابعين للديوان الوطني للثقافة والإعلام والذي كان في حالة سكر إشمئزاز وغضب مسيرة البلاطو التي أخبرت محافظ المهرجان الذي سارع بالتدخل واتخاذ الإجراءات اللازمة والتي كانت صارمة ضد هذا التقني وهذا من أجل تفادي حدوث أي تجاوز من شأنيه تعكير أجواء الفرحة السائدة والتي يصنعها الفنانون والجمهور. وجدت منشطة الحفل نجية خثير نفسها جد محرجة خلال افتتاح السهرة الخامسة من المهرجان بسبب تعطل الميكروفون المحمول المخصص لها بعد انقطاع الصوت رغم تدخل أحد التقنيين الذي أسعفها بميكروفون آخر إلاّ أنه تعطل أيضا وهو ما أثار إنزعاجها الداخلي والذي لم تكشف عنه أمام الجمهور الذي وقف لتحيتها والتصفيق لها مطوّلا بعدما حافظت على برودة أعصابها وظهرت بابتسامتها العريضة المعهودة على شاشة التلفزيون. من شدة إكتظاظ مدرجات المسرح الروماني وجدت مصالح الأمن وعناصر الفيجيل صعوبة كبيرة في التحرك حتى على الأروقة وسلالم الممرات التي كانت مملوءة أيضا عن آخرها بالجمهور الذي لم يجد أي انزعاج في الإكتظاظ الحاصل وغنى ورقص إلى ما بعد منتصف الليل. أحد الصحفيين تجاوب أيضا مع الحفل ومع أداء الشاب عرّاس فلم يجد أي حرج في الوقوف والرقص أمام الملاْ وهو ما جعل باقي الصحفيين والمراسلين المعتمدين لتغطية المهرجان يرافقونه في مشواره الراقص بالتصفيق له وتشجيعه حتى كاد يغمى عليه من شدة الرقص. حتى المهرجان لم يسلم من القرصنة: يبدو أن ظاهرة القرصنة تجذرت في أذهان بعض الأشخاص الذين يغتنمون أية فرصة مناسبة لتحقيق الربح حتى ولو كان ذلك بطرق غير شرعية، حيث أكدت بعض المصادر المقربة من محافظة المهرجان الوطني للموسيقى الحالية أنه تم تسجيل بعض حالات نسخ تذاكر الدخول إلى المسرح الروماني باستعمال جهاز السكانير وإعادة بيعها بأسعار جد منخفضة من طرف بعض الأشخاص الذين تسببوا في إحداث فوضى كبيرة لدى المنظمين الذين لم يفهموا سر توافد أعداد هائلة م الجماهير في حين بقيت نسبة مبيعات التذاكر جد منخفضة ولم تتجاوز في أحسن الحالات 2000 تذكرة دخول وهو ما دفع بالمنظمين ومحافظة المهرجان لاتخاذ جملة من الإجراءات لتفادي وقوع هذه الظاهرة وسد الطريق أمام المرتزقة. عصام بن منية نزيه برمضان محافظ المهرجان في ندوة صحفية: ما حدث خارج عن نطاق الجميع كشف محافظ المهرجان الوطني للموسيقى الحالية والذي تحتضنه ولاية قالمة من الفترة الممتدة من 15 إلى 20 أوت الجاري السيد نزيه برمضان خلال الندوة الصحفية التي عقدها أمس بفندق مرمورة بقالمة على خلفية الأحداث التي شهدتها السهرة الرابعة من المهرجان ، أن ما وقع يعتبر ظاهرة صحية للمهرجان الذي لقي رواجا إعلاميا وفنيا كبيرين خاصة وأن اغلب المتوافدين عليه هم من العائلات ومن مختلف ولايات الشرق الجزائري ، موضحا أن ما وقع تلك الليلة كان بعيدا عن ركح المسرح أو المدرجات التي رقصت عليها العائلات التي تمكنت من الدخول طيلة الليلة وإلى غاية الساعة الثالثة صباحا دون أن تعلم بما كان يحدث خارج الأسوار. وأوضح نزيه برمضان أن تلك الليلة تم بيع سوى 2050 تذكرة دخول فقط قبل أن يتدخل شخصيا لتوقيف عملية البيع بعد الضغط الذي وقع على أبواب الدخول بداية من الساعة الثامنة مساءا كما تم توزيع ما لايفوق عن 200 دعوة حضور شرفية فقط وهو ما جعله يتساءل عن الكم الهائل من الجماهير التي ازدحمت أمام بوابتي الدخول في الوقت الذي كانت فيه المدرجات مكتضة عن آخرها ، مؤكدا في ذات السياق أنه وبعد ما حدث فإن لجنة التنظيم قررت إتخاذ إجراءات أمنية بشكل آخر من أجل تأمين الأشخاص والعائلات خاصة خلال حفل الإختتام والذي سيحييه سهرة اليوم لطفي دوبل كانون. عصام بن منية