فتحت وزارة الثقافة تحقيقات معمقة اثر الشكوك التي أثارتها رسالة الكترونية مجهولة المصدر حول كيفية التسيير المالي لتظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية. إنها آخر "عيطة" فجرت سوقا كلامية عارمة في كواليس الاعلام وقطاع الثقافة منذ أكثر من اسبوع ، رسالة موقعة باسم "اطارات من قطاع الثقافة" تجوب عبر الانترنت صفحات البريد والمدونات الالكترونية الجزائرية بعنوان عريض في اللغة الفرنسية " الجزائر عاصمة ثقافة الرشوة". و تتناول فحوى هذه الرسالة التي يتدوالها و ينشرها رواد الانترنت مزاعم حول تبديد فادح للأموال وكذا قضايا تهريب خطيرة في تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007 ، اين وجه الموقعون على هذه الرسالة المجهولة اصبع الاتهام نحو وزارة الثقافة ومسؤولين منسقين في تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية ، ويزعمون تورطهم في تحويل قيم مالية باهضة تسبب الهذيان من الغلاف المخصص للتظاهرة نحو وجهات مجهولة، و توقف المدعون على أرقام معقولة لمبالغ خيالية تم و سيتم هدرها حسبهم في مختلف التظاهرات الثقافية لبرنامج السنة العربية و كذا تعرضوا للأحداث التي طرأت على مستوى الوزارة و اللجنة التنسيقية و التي كانت الوزيرة بطلتها ضد كل"من يتعرض طريقها..." حسب ماورد في الرسالة دائما. ومن بين المدونات الالكترونية التي شهدت صفحاتها جدالا افتراضيا واسعا ، على غرار الرسائل الالكترونية التي لم يتردد بعض المتحمسين للقضية في توزيعها هنا و هناك، مدونة تابعة لحزب معارض للسلطة و مدونة للصحفي محمد بن شيكو مدير جريدة "لوماتان" سابقا، و كان عنصر الإثارة في الجدال المفتوح حاضرا بين "أنصار " الوزارة ، و " الخوارج" عن تيار قطاع الثقافة من معارضين ضد كيفية تسيير التظاهرة ، و في حركة مد و جزر ، تحول المنبر إلى ساحة لتصفية الحسابات و تبادل التهم و الفضائح ،بالأسماء و المراكز ، فيما لم يتردد بعضهم من توقيع اسمه كاملا على التعليقات، التي من بينها من تجاذبت حول مدى صحة المعلومات و الأرقام الرهيبة خصوصا ، فيما انحاز معظمها في دعم الوقائع و تغذيتها بمستجدات أخري ، وعرف الأسبوع الماضي موجة تنديد بالمهزلة الحاصلة علنا دون تدخل السلطات حيث أطلق بعضهم صفارة الإنذار للفت السلطات القضائية و جهات أخرى لفتح تحقيق " هذه الوثيقة مستبعدة تماما،فهي تحتوي على اتهامات خطيرة ، وان كنا فعلا في دولة القانون ، على العدالة ان تستدرك نفسها و تفتح تحريا قانونيا..." يعلق كريم.ب على مدونة بن شيكو، فيما يتساءل أخر بتوقيع رشيد تازولتي " لكن عندما نفضح النصب و الرشوة لماذا نوقع ذلك في المجهول...هل بحوزتهم أدلة ملموسة و هل يمكن التحقق من المعلومات الواردة؟"،"تعدد الوقائع و الملفات الواردة تستحق تدخل السلطات المتخصصة و بسرعة... لا يجدر حصر هذه المعلومات في مجرد افتراضات أو اتهامات ..." يعلق من جهته قارئ أخر. ومن دائرة قطاع الثقافة لمس استنفار محتشم داخل حرم اللجنة التنسيقية المنظمة للتظاهرة ، حيث استنكر بعض المنسقين و المسؤولين في اللجنة ظهور أسمائهم ضمن المقال الذي أطلق النار ضدهم باعتبارهم قد تلقوا رشاوى مقابل سكوتهم على عمليات ضخمة لتهريب الأموال كما تزعمه الرسالة ، و ما أثار استياء رواد" فيلا بويون " هو سكوت السلطة الوصية و المعنية بالأمر، وزارة الثقافة، و تجاهلها للرسالة الالكترونية التي صوب أصحابها زنداهم اليها .و فيما أفادت مصادر أخرى فتح تحقيق منذ ثلاثة أيام على مستوى الوزارة وفق تعليمات من الرئاسة ، رد في هذا السياق المتحدث باسم الوزارة المكلف بالإعلام سيدي موسى في شأن الاستفسارات المتعلقة بسكوت الوزارة ، على أساس إن" الوثيقة غير رسمية سيما و أنها مجهولة الهوية.." و لم يؤكد من جهته قضية فتح التحقيق مكتفيا بالقول أن" ...الأمر طبيعيا و محتملا في حال مااذا كان يتم بسرية تامة ..". و حول الأرقام الواردة في المقال احتمل سيدي موسى صحتها معتبرا إياها موظفة بطريقة خاطئة و مهينة..." كما أكد أن الوزارة لن تبدي أي ردة فعل طالما لم تنقل هذه المعلومات التي ليس لها أي أساس من الصحة خصوصا عبر الإعلام، بل لن تتردد الوزارة في مقاضاة الصحف في حال مااذا استندت على هذه الوثيقة.." على كل يبدو أن هذه الأخيرة أثارت حفيظة الصحافيين من حيث كيفية تناولها بطريقة جدية، و مدى اعتبار مختلف المنابر المفتوحة عبر الانترنت مصادر معلوماتية صحيحة من شانها إثارة القضايا كقضية الحال التي يبقى التساؤل مطروحا فيما كان الأمر يتعلق بمسألة تصفية حسابات فقط أم أن ردود الأفعال التي ثارت من حولها تعلن تحول مختلف أطراف الرأي العام في صب وجهات النظر نحو الانترنت بعد أن فشلت المنابر العامة في ضمان تحريرها. فاطمة بارودي