الجزائر لن ترحم من تسول له نفسه تهديد أمنها واستقرارها... كل إرهابي يدخل أراضينا سيلقى حتفه ويكون مصيره مصير المرتزقة الذين حاولوا ضربنا من عين أمناس... مستعدون لخسارة كل شيء إلا نيف وعزة الجزائري... الجيش كان حاسما وسيظل كذلك... هي عبارات أطلقها الوزير، الأول عبد المالك سلال، ردا على تهديدات المجموعات الإرهابية ومنتقدي العملية العسكرية التي نفذتها المصالح الخاصة للجيش الوطني الشعبي بقاعدة تيقنتورين بعين أمناس بداية من يوم الخميس الماضي. عبد المالك سلال، بدا حازما خلال رده على أسئلة الصحافة، في الندوة التي نشطها بإقامة الميثاق أمس، والتي أعطى فيها تفاصيل العملية الإرهابية والضربة العسكرية، التي أكد أنه لم يكن مناص منها في ظل تعنت المجموعة الإرهابية والخطر الذي كان يهدد الرعايا الأجانب والمنشأة الغازية، مؤكدا أن الجزائر تفادت كارثة حقيقية بالتدخل العسكري، وأفشلت مخطط الجماعة الإرهابية في الوصول إلى هدفها، والمتمثل في الخروج بأكبر عدد من الرهائن والتوجه بهم إلى مالي للضغط على المجتمع الدولي في ملف الحرب الدائرة هناك، وكذا إشعال المنطقفة هناك على محور 40 كيلومترا. وأشار سلال في حصيلة جديدة عن نتائج العملية العسكرية، بعين أمناس، أن المجموعة الإرهابية التي نفذت العملية تتشكل من 32 فردا من 8 جنسيات، تبين بأن هؤلاء المرتزقة والإرهابيين الذين لم يترددوا في قتل ضحاياهم من الرهائن بوحشية و"برودة أعصاب" لم يجد معها التفاوض ولا النقاش، على اعتبار أن العملية العسكرية سبقتها عملية تفاوضية لتلقي مطالب المجموعة التي وصفها سلال بالمستحيلة. مقتل 37 رهينة من بينهم جزائري والقضاء على 29 إرهابيا حسب الحصيلة الجديدة التي قدمها الوزير الأول، فقد لقي 37 رهينة من بينهم جزائري حتفهم في الاعتداء الإرهابي، وفي وقت لم يتم لحد الآن تحديد هوية 7 قتلى من بين الرهائن ال37 الذين توفوا، قال سلال إن 5 عمال أجانب في عداد المفقودين، مضيفا: "لا نعلم إن كان هؤلاء المفقودون قد توفوا أم لا يزالون مختبئين بالموقع الغازي الذي يتربع على مساحة 10 هكتارات". وأشار إلى أن القاعدة التي كانت تضم 790 شخص من بينهم 134 أجنبي من 26 جنسية مختلفة، شهدت عملية القضاء على 29 إرهابيا والقبض على3 من مختطفي الرهائن. مرتزقة تشكلوا من 8 جنسيات ودخلوا الجزائر عبر الحدود الليبية واكتفى المتحدث بالإشارة إلى عدد الإرهابيين من جنسية تونسية وقدرهم ب 11 فردا و3 جزائريين وكنديين، فيما اختصر حديثه عن جنسيات هؤلاء أنها جزائرية وتونسية ومصرية ومالية ونيجرية وكندية وموريتانية. وجرى التخطيط للعملية حسبه، من قبل المجموعة الإرهابية التي وصفها سلال بالمرتزقة منذ شهرين بتخطيط من الإرهابي مختار بلمختار، وأوكلت قيادة المجموعة إلى الإرهابي أمين بن شنب وأبي بكر المصري، القادمة من شمال مالي مرورا بالحدود النيجرية ليدخلوا الجزائر عبر الحدود الليبية. سلال الذي وجه رسائل ضمنية لمنتقدي العملية العسكرية بالتأكيد على أن الجزائر تعرف كيف تحمي أمنها واستقرارها، بفضل جاهزية قواتها الأمنية وجيشها الوطني الشعبي اللذين لن يسمحا بالحياة لأي إرهابي يدخل الجزائر. وقال الوزير الأول إنه في الوقت الذي راهن فيه البعض على جر الجزائر إلى مأزق بفعل هذه العملية، جاء الرد على الاعتداء سريعا وبالإمكانيات المناسبة من قبل فرق القوات الخاصة للجيش الوطني الشعبي، بإشراف من القيادة العسكرية للناحية المعنية، وبمتابعة مستمرة لرئيس الجمهورية مع التكفل بربط قنوات اتصال مستمرة بكافة الدول التي ينحدر منها الرعايا الأجانب العاملين بالموقع الغازي لتزويدهم بالمعلومات. القادة العسكريون وحدهم من يستطيعون تحديد الوقت الملائم وغير الملائم واستغرب منشط الندوة الصحفية تصريحات بعض المسؤولين من العواصم الخارجية التي انتقدت سرعة الهجوم الأول من قبل القوات الخاصة للجيش لتحرير رهائن قاعدة الحياة، مؤكدا بأن الهجوم كان يشرف عليه قادة عسكريون لهم كل الخبرة لتحديد الوقت الملائم للتدخل وفقا لما تمليه المعطيات الميدانية، مقدرا بأن هذا التدخل كانت له نسبة نجاح معتبرة، فيما شدد في تعقيبه على بعض التعاليق القائلة بإمكانية التفاوض قال: "ينبغي أن يفهم هؤلاء وتفهم المجموعة الدولية أن أمر هذه التنظيمات لا يرتبط بالإسلام مثلما يرددون، وإنما الأمر يتعلق بإرهابيين ومرتزقة. فتح المجال الجوي أمام الطائرات الفرنسية "قرار سيادي" وأكد الوزير الأول، أن فتح المجال الجوي أمام الطائرات الفرنسية المقاتلة في التدخل العسكري بمالي "قرار سيادي" للجزائر، نافيا وجود أي ضغوطات عليها، عدا مصلحة البلاد وفق المنطق البراغماتي والامتثال للشرعية الدولية ولقرار مجلس الأمن رقم 2085 حول الوضع في مالي". وعن التكتم الذي صاحب القرار من السلطات الجزائرية، مقابل فضح الأمر من قبل ثلاثة مسؤوليين فرنسيين يتقدمهم الرئيس فرنسوا هولاند، في تصريحات بدت محرضة، قال سلال ردا على سؤال "الشروق": "إن السلطة في الجزائر ألفت التكتم دون حسابات أخرى لأن ذلك في طبعها". واكتفى بالتعليق على سلوك المسؤولين الفرنسيين بالقول: "ربي يسامحهم". "الجزائر ترفض "ساحلستان" على حدودها" وفي سياق متصل قال الوزير الأول إن الجزائر لن تحيد عن موقفها السياسي في حل الأزمة في مالي، موضحا أن هذا الموقف مستمد من مبادئها الأساسية التي لا نقاش فيها، والمتمثلة في عدم التدخل في شؤون الغير، وعدم إرسال أي جندي جزائري للقتال خارج الحدود، مؤكدا رفض الجزائر ل"ساحلستان" على حدودها. ليسترسل بعدها ويؤكد أن التطورات التي عرفتها الأزمة المالية ميدانيا وسياسيا، أدى بالجزائر لإحكام قبضتها على حدودها مع مالي، واتخذت قرارا سيدا بغلق الحدود مع هذا البلد، مع رفع درجة التأهب بهذه المنطقة، مشيرا الى أن الجزائر لا ترضخ للتهديد ولا تتراجع أمام أي محاولة لزعزعة آمنها تبقى تؤمن بتسوية الأزمة في المالي.