تعجّ قوائم الانتظار بالمرضى عبر مختلف المصالح الاستشفائية العمومية بسبب تجميد النشاط الطبي والجراحي على مستوى القطاع العمومي باستثناء المصالح الاستعجالية ومصالح التوليد والأمومة جرّاء تحويل أغلب المصالح إلى وحدات كوفيد19. وكبّد استمرار الوضع لأشهر عديدة المرضى البسطاء والمعدمين مصاريف إضافية جعلت بعضهم يتسوّل في الطرقات وعلى أبواب المساجد والمحلات للتمكن من إجراء عملية جراحية أو فحص طبي أو تصوير إشعاعي لدى الخواص، فيما فارق آخرون الحياة وهم ينتظرون دورهم في الخضوع لعملية جراحية بسبب التأجيلات المتكررة وتعقد حالتهم الصحية، لاسيما من يعانون أوراما سرطانية. وترهن الوضعية الحالية بتخصيص غالبية المصالح للتكفل بمرضى الكوفيد19 الذين باتوا يعدون على الأصابع حياة آلاف المرضى عبر الوطن، خاصة مع ترشّح الوضع للاستمرار لأشهر مقبلة، وهو ما جعلهم يوجّهون نداءاتهم إلى وزارة الصحة قصد توجيه تعليماتها بإعادة بعث نشاط المصالح العمومية والتخفيف عنهم عبء النفقات، خاصة مع تراجع مداخيلهم وانهيار قدرتهم الشرائية، ناهيك عن ما قد يواجهونه من تعقيدات تصعّب التكفل بهم. وفي هذا السياق أوضح عبد الحميد بوعلاق منسق الشبكة الوطنية للأمراض المزمنة في تصريح للشروق أن "الوضع جد كارثي بالنسبة للمصابين بالأمراض المزمنة والمريض وحده من يدفع الفاتورة، لذا على السلطات الصحية في البلاد أن تنتبه إلى خطورة وجدية الوضع وأن تسرّع من وتيرتها في التعامل مع مختلف الملفات المطروحة في القطاع وليس الاهتمام بكورونا لوحدها". وأضاف بوعلاق أنّ "عدد الجزائريين الذين يموتون بأمراض أخرى عدا الكورونا كبير جدا، ولا بد أن ننتبه لهم وأن لا نغرق في علاج مرضى كورونا على حساب بقية المرضى خاصة مع تراجع الحصيلة في الآونة الأخيرة". وانتقد بوعلاق أداء الوزارة المنتدبة المكلفة بإصلاح المستشفيات التي "لم نر لها أثرا في الميدان منذ تنصيبها وكان الأولى أن تركز جهودها على هذا الجانب الإصلاحي والتنسيقي لتنفيذ استراتيجيات فعالة في مجال التشخيص والوقاية وإطلاق برامج جادة". وقال بوعلاق "الأمور لا تتحرك على مستوى وزارة الصحة ووزارة إصلاح المستشفيات، ولا يوجد تنسيق بين المصالح الخارجية والمصالح الداخلية للوزارة وهو ما جعل المرضى يعانون وضعا لا يطاق، ناهيك عن بعض الأدوية المفقودة التي حولت حياتهم إلى جحيم وقللت من حظوظ وآمال الشفاء". وتطرق المتحدث إلى "أهمية التكفل بمصاريف التصوير الإشعاعي لبعض الأمراض التي تبلغ تكاليفها أحيانا 8-10 ملايين لدى الخواص، داعيا وزارة العمل والضمان الاجتماعي إلى إدراجها ضمن قائمة التعويضات، بعد أن عجزت وزارة الصحة عن توفيرها في المرافق العمومية". من جانبه دعا البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث "فورام" وزارة الصحة إلى تحيين استراتيجيتها، وفق المستجدات الحالية والمعطيات الآنية مراعاة لمصلحة المريض الذي يعاني في غالبية التخصصات. وأضاف خياطي أن استقرار الوضعية الوبائية في المدة الأخيرة يتطلب من الوزارة المبادرة والمسارعة إلى تطبيق آليات واستراتيجيات ملائمة تخدم مصلحة المريض ولا تؤخر التكفل به لما لذلك من تأثيرات سلبية على حالته الصحية وعلى تحميل المريض والنظام الصحي مصاريف إضافية كان من الممكن تفاديها. واعتبر رئيس الفورام أن التعايش مع فيروس كورونا بات حتمية بعد انقضاء سنة كاملة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تعطيل مصالح المرضى لأكثر من ذلك ونحن لا نعلم كم سيطول الوقت أيضا، فقد حان الوقت للتحرك العاجل والبنّاء لتخليص المرضى من معاناتهم لاسيما مرضى السرطان والقلب وارتفاع الضغط الدموي والسكري..ولا بد من الالتفات إليهم سريعا".