كشفت دراسة إحصائية حول مرض السمنة عند الأطفال الجزائريين، شملت 7465 طفل من مختلف ولايات الوطن، أن ما يفوق 30 بالمائة من أطفال الجزائر يعانون من أخطار السمنة التي اعتبرها الأطباءمن أخطر الأمراض التي تفشت في المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء، واعتبروها من أحد الأمراض المزمنة على غرار أمراض السكري والضغط.. وأن عدم معالجتها قد يؤدي إلى ظهور أعراض خطيرة عند الأطفال. وأكدت هذه الدراسة التي أشرفت عليها مجموعة من الأطباء والمختصين المنتمين إلى الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، نهاية السنة الفارطة، أن السمنة مست الأطفال من 6 إلى 7سنوات بنسبة 37 بالمائة ومن 11 إلى 12 سنة بنسبة 29 بالمائة ومن 14 إلى 16 بنسبة 33 بالمائة، كما بينت أن 62 بالمائة ممن يعانون هذا المرض يمارسون الرياضة، و38 بالمائة منهم فقط يمارسونها بشكل منظم. وفيما يخص النظام الغذائي الذي يتبعه هؤلاء الأطفال، تبين أن31 بالمائة من الأطفال يتناولون وجبات إضافية و17 بالمائة يتناولون الطعام في "فاست فود"، بينما يتناول 48 بالمائة طعامهم في البيت. وأوضحت الدراسة أن السمنة عند الأطفال تحتاج إلى وقت طويل ومستمر من العلاج المتواصل، ونوّهت إلى أن السمنة عند الأطفال تنتج عنها سلبيات كثيرة عضوية ونفسية واقتصادية واجتماعية، حيث يعاني الطفل البدين مستقبلا من أمراض عضوية عديدة كآلام المفاصل واعوجاج العظام وأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أمراض الجهاز التنفسي والإصابة بارتفاع ضغط الدم ومشاكل صحية عديدة وينتج عن ذلك تعرض الطفل لعراقيل نفسية وسلوكية جراء تلك السمنة، أهمها إحساسه بأنه يثير انتباه الآخرين وإحساسه بالعجز عن ممارسة أي من الألعاب الرياضية ومجاراة أصدقائه.وأشار البروفسور مصطفى خياطي إلى أن شعور الطفل السريع والدائم بالتعب وفقدان الثقة بنفسه يؤدى إلى الإحباط والاكتئاب والإصابة في بعض الأحيان بالعدوانية ورفض المجتمع، الأمر الذي يؤدى إلى ضعفه الإنتاجي وعدم قدرته على التحصيل الدراسي كغيره من أقرانه. وأوضح أن هناك أسبابا عديدة تؤدي للسمنة منها العوامل الوراثية التي تلعب دورا كبيرا وأن الإصابة بالسمنة تكون نسبتها 40 بالمائة إذا كان أحد الأبوين يعاني من السمنة. وأكد الدكتور كريم يحياوي أن جلوس الطفل المتواصل أمام التلفزيون والإكثار من الطعام غير الصحي له تأثيره الواضح على السمنة وأن وزن الطفل يمكن أن يزداد لتأثره بالحالة النفسية للوالدين، إلى جانب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والنمط الحياتي اليومي للأسرة، وأشار إلى أن العوامل الفسيولوجية تشمل جميع مراحل نمو الطفل خاصة عند سن المراهقة الذي يحدث فيه تغيرات فسيولوجية عديدة ناتجة عن التغيرات في النشاط الهرموني بالجسم مما قد يؤدى للإصابة.وأكد المتحدث على أهمية اعتبار مكافحة السمنة والبدانة عند الطفل موضوعا حيويا ومشروعا قوميا يجب الاهتمام به لما له من أهداف استراتيجية وقومية مهمة، داعيا إلى الارتقاء بالتثقيف الغذائي العام ومعرفة النظام الغذائي المأمون والارتقاء بتقنيات إنتاج الغذاء وحثّ على إعداد وتوجيه برامج للتوعية الغذائية والتركيز على الأمهات وتشجيع المعرفة بالتغذية والغذاء الأمثل في سن مبكرة وضمان تنفيذ برامج التوعية والإرشاد ومحاولة القضاء على داء السمنة عند الأطفال وذلك بالاستفادة القصوى من العائد الإنتاجي للفرد لمصلحته ومصلحة مجتمعه.