حذّر عدد من المختصين في طب الأطفال والقلب والكلى من المضاعفات الصحية الخطيرة المتأتية من المشاهدة المطولة للتلفزيون، خاصة عند الأطفال الذين عادة ما يحبذون تناول وجبات الطعام أمام التلفزة التي يجلسون قبالتها لعدة ساعات مستمتعين بالرسوم المتحركة التي تتنافس في بثها العديد من القنوات المتخصصة. دعا البروفيسور سليم بن حدة، مختص في جراحة القلب بمستشفى مصطفى باشا، إلى ضرورة إرشاد الأطفال وتوجيههم فيما يخص الحفاظ على صحتهم، خاصة مع تنامي الأمراض المزمنة عند الصغار على غرار السكري والسمنة المتأتية من حالة الركود التي تميز أجساد الصغار والمراهقين التي هي بحاجة إلى الحركة والنشاط لحرق الحريرات الموجودة في أجسادهم والتي تتحول إلى أمراض ومشاكل صحية إذا ما خزّنت في الجسم بسبب نقص الحركة والركود الطويل خاصة بعد الوجبات الغذائية. وفي هذا المجال شدد البروفيسور عبد العزيز شيبان، مختص في أمراض الكلى بمستشفى مصطفى باشا، على الأولياء ضرورة عدم ترك أطفالهم لساعات طويلة أمام التلفاز نظرا لما تخلفه هذه الظاهرة من مضاعفات صحية على الجسم كالسمنة وخلل في البصر جراء إشعاعات التلفزيون، مؤكدا أن مكوث الطفل لا يجب أن يزيد عن نصف ساعة أمام التلفاز خاصة بعد تناول الوجبات الغذائية التي يجب أن لا تتميز بالملوحة أو الحلاوة الشديدة لأن ذلك قد يزيد من مضاعفات السمنة عند الصغار. وفيما يخص تنامي شبح السمنة عند الأطفال، كشف المختصون عن دراسة إحصائية شملت 7465 طفل من مختلف ولايات الوطن بيّنت أن مايفوق 30 بالمئة من أطفال الجزائر يعانون من أخطار السمنة التي اعتبرها الأطباء من أخطر الأمراض المزمنة التي يؤدي عدم علاجها إلى ظهور أعراض خطيرة عند الأطفال. وأكدت هذه الدراسة أن السمنة مست الأطفال من ست إلى سبع سنوات بنسبة 37 بالمائة ومن 11 إلى 12 سنة بنسبة 29 بالمئة ومن 14 إلى 16 بنسبة 33 بالمئة. كما بينت أن 62 بالمئة ممن يعانون هذا المرض يمارسون الرياضة 38 بالمئة منهم فقط يمارسونها بشكل منتظم. وفيما يخص النظام الغذائي الذي يتبعه هؤلاء الأطفال، تبيّن أن 31 بالمئة من الأطفال يتناولون وجبات إضافية و17 بالمئة يتناولون الطعام في محلات ال»فاست فود«، بينما يتناول 48 بالمئة طعامهم في البيت أمام التلفزيون. وأوضح الأطباء أن السمنة عند الأطفال تحتاج إلى وقت طويل ومستمر من العلاج المتواصل والمجاهدة تبدأ بالتخلي عن بعض العادات السلبية على غرار الجلوس أمام التلفزيون لفترة طويلة بعد الوجبات الغذائية والإكثار من تناول الأغذية المالحة »شيبش، كاوكاو« والحلويات بمختلف أشكالها وأحجامها بالإضافة إلى ضروري ممارسة الرياضة في سن مبكرة لا تتجاوز 10 سنوات. وأضافت الدراسة، أن السمنة عند الأطفال تنتج عنها سلبيات كثيرة عضوية ونفسية واقتصادية واجتماعية، حيث يعاني الطفل البدين مستقبلا من أمراض عضوية عديدة كآلام المفاصل واعوجاج العظام والأنيميا وأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أمراض الجهاز التنفسي والإصابة بارتفاع ضغط الدم ومشاكل صحية عديدة وينتج عن ذلك تعرض الطفل لأعراض نفسية وسلوكية جراء تلك السمنة، أهمها إحساسه بأنه يثير انتباه الآخرين والعجز عن ممارسة أي نوع من الألعاب الرياضية ومجاراة أصدقائه. وأشار البروفيسور مصطفى خياطي، مختص في طب الأطفال، أن شعور الطفل الدائم بالتعب وفقدان الثقة جراء إصابته بالسمنة يؤدى إلى الإحباط والاكتئاب والإصابة في بعض الأحيان بالعدوانية تجاه المجتمع، الأمر الذي يؤدى إلى ضعفه الإنتاجي وعدم قدرته على التحصيل الدراسي كغيره من أقرانه. وأوضح أن هناك أسبابا عديدة تؤدى للسمنة على غرار التلفزيون منها العوامل الوراثية التي تلعب دورا كبيرا، موضحا أن الإصابة بالسمنة تكون نسبتها 40 بالمئة إذا كان أحد الأبوين يعاني من السمنة وبيّن أن بعض الدراسات أكدت تفضيل الفرد تناول بعض أصناف الطعام كالدهون بسبب وراثي يتعلق ببعض الجينات التي تكون مسؤولة عنها »ولو أنها بصور جزئية«. كما أوضح أن العوامل النفسية والسلوكية والاجتماعية هي الأكثر شيوعا، خاصة أن الطفل مخلوق حساس للغاية وللتغيرات النفسية والاجتماعية تأثير ملحوظ على سلوكه الغذائي والمزاجي بصفة عامة.