حسان حويشة قفزت أسعار النفط الخام إلى مستويات هي الأعلى منذ 13 شهرا، حيث تخطت 60 دولارا للبرميل، مدفوعة بتوسع دائرة البلدان التي حصلت على اللقاحات وتزايد الآمال في تعافي الاقتصاد العالمي، وهو ما سيجلب للحكومة الجزائرية 20 دولارا إضافية عن كل برميل بالنظر للسعر المعتمد في قانون المالية وهو 40 دولارا. وفي السياق، بلغت أسعار خام بحر الشمال (برنت) النفط المرجعي للخام الجزائري صحارى بلند، في حدود الثانية بتوقيت الجزائر أمس الثلاثاء، 60.69 دولارا للبرميل، بارتفاع قدره 0.21 بالمائة مقارنة بجلسة الافتتاح الصباحية، فيما بلغ خام غرب تكساس الأمريكي "WTI" 57.97 دولارا للبرميل. وبالنظر لهذه المستويات فإن أسعار النفط الخام تكون قد بلغت أعلى مستوى لها في 13 شهرا، أي منذ جانفي 2020، علما أنها تخطت 61 دولارا للبرميل قبل جلسة الإغلاق المسائية في بورصة نيويورك. وتطرح هذه المستجدات تساؤلات عن مصير الدولارات الزائدة لتسويق النفط مقارنة بالسعر المرجعي للبرميل المعتمد في قانون المالية، بوصول الفارق بينهما إلى 20 دولارا، وهل سيتم ضخها في صندوق خاص كصندوق ضبط الإيرادات أم سيتم ضخها في الخزينة أم تستعمل لسد العجز التجاري أو ميزان المدفوعات. وفي هذا الصدد، أوضح الخبير المالي والاقتصادي نبيل جمعة في تصريح ل"الشروق"، أن هناك غموضا بشأن الفائض بين برميل تسويق النفط والسعر المرجعي في قانون المالية، موضحا أنه من المرجح أن يكون مصير هذه الدولارات هو تغطية عجز ميزان المدفوعات الذي يتراوح سنويا ما بين 20 إلى مليار دولار. ووفق نبيل جمعة، فإن وزارة المالية كان من المفروض أن تصدر تعليمة تطبيقية توضح من خلالها كيف ستستعمل هذه العائدات لتكون هناك شفافية أكبر في التسيير المالي لمداخيل البلاد. ويرى نبيل جمعة أنه حتى بوجود فائض ب20 دولارا بين السعر المرجعي في قانون المالية وسعر تسويق البرميل حاليا، فإن هذا الأمر لا يمكنه كبح نزيف احتياطات الصرف لأنه لا توجد توازنات مالية للبلاد في السنوات الأخيرة، ومعدل تآكل احتياطات الصرف بالعملة الصعبة منذ 2015 بلغ 25 مليار دولار، وهذا دليل حسبه على أن الواردات لم يتم التحكم فيها وكبحها بالشكل الكافي. وشدد نبيل جمعة على أن الجزائر لا تستطيع حاليا إنشاء صندوق مدخرات كما كان الحال مع صندوق ضبط الإيرادات الذي نفد عن آخره، وهذا بالنظر لحجم العجز سواء على مستوى الميزان التجاري أو ميزان المدفوعات، موضحا أن البلاد لم تستثمر مدخرات صندوق ضبط الإيرادات مثلما فعلت النرويج مع صندوق مماثل لديها، الذي بلغت مدخراته حاليا أكثر من 900 مليار دولار، بينما تآكلت مدخرات الصندوق الجزائري عن آخرها. ومن أجل تحقيق التوازنات المالية للبلاد سواء ميزان المدفوعات أم الميزان التجاري، يوضح نبيل جمعة أن البلاد بحاجة لبرميل نفط في حدود 75 دولارا، بينما سنصل إلى زيادة احتياطات الصرف ببرميل نفط عند 108 دولار للبرميل، وهو أمر مستبعد في الظروف الحالية. ودعا نبيل جمعة إلى مزيد من الانفتاح الاقتصادي وخصوصا تحسين مناخ الأعمال وإصلاحات في النظام المصرفي تمكن من إعطاء دفعة لقطاعات غير نفطية على غرار الصناعة والزراعة والسياحة وغيرها، وجلب استثمارات أجنبية مباشرة.