بمرور 3 سنوات فقط على بداية أزمة أسعار النفط التي كانت منتصف 2014، فقدت الجزائر ما يقارب 100 مليار دولار من احتياطات الصرف التي لطالما تغنت بها الحكومات المتعاقبة على أنها صمام أمان للجزائر من الصدمات الاقتصادية الداخلية والخارجية. فقد أعلن وزير المالية عبد الرحمن راوية امام أعضاء لجنة المالية والميزانية أن احتياطات الصرف بالعملة الصعبة يمكن أن تتقلص إلى 97 مليار دولار بنهاية العام الجاري، موضحا أنها كانت في نهاية شهر أوت في حدود 103 مليار دولار. وإذا ما صحت أرقام وزير المالية عبد الرحمن راوية فاقتصاد البلاد يكون قد التهم في ظرف 12 شهرا أي من نهاية ديسمبر 2016 إلى نهاية ديسمبر المقبل 17 مليار دولار، من أرصدة احتياطات الصرف، وقبلها بعام واحد التهم الاقتصاد الجزائري 20 مليار دولار على اعتبار أن الاحتياطات أنهت 2015 في حدود 144 مليار دولار. وبعملية حسابية بسيطة الاقتصاد الجزائري التهم وبنهم ما يناهز 100 مليار دولار في ظرف 3 سنوات، أي منذ بداية الأزمة منتصف 2014، وتحديدا تراجع احتياطات الصرف بالدوفيز ب(97 مليار دولار)، بعد أن بلغت ذروتها في حدود 194 مليار دولار بداية العام 2014. ويضاف إلى ما تم التهامه من احتياطات الصرف، (97 مليار دولار)، فقد تآكلت مدخرات صندوق ضبط الإيرادات، الذي فقد ما يقارب 50 مليار دولار منذ بداية الأزمة النفطية، وأفرغ عن كامله في الثلاثي الأول من السنة الجارية. ومن هذه الأرقام الرهيبة لتآكل مليارات الدولارات، يتضح مدى هشاشة الاقتصاد الجزائري، الذي أسقطته الواردات أرضا في ظرف 3 سنوات ووصلت به إلى وضع "الجحيم" مثل ما صرح أويحيى تحت قبة البرلمان وأوصلت "الموس إلى العظم" على حد تعبيره كذلك، وأظهرت أن الاقتصاد وعكس ما تردد على لسان أكثر من مسؤول بأنه سيصمد أمام الصدمات الخارجية والداخلية. وفي السياق أوضح الخبير والمحلل الاقتصادي إسماعيل لالماس أن تآكل احتياطات الصرف بهذا الشكل كان بفعل توجيه المدخرات لتمويل الواردات، موضحا أن العجز في الميزان التجاري والعجز في ميزان المدفوعات كان يتسبب سنويا في خروج 30 مليار دولار من الجزائر. وحسب لالماس الذي يرأس جمعية "الجزائر استشارات للتصدير"، فإن الحكومة لم تكن تتوقع استمرار أزمة النفط بهذا الشكل، ولم تتوقع عجزا بهذا المستوى، ولذلك كان تآكل احتياطات الصرف سريعا بهذا الشكل. وبالنسبة ل2018، توقع المتحدث أن تنزل احتياطات الصرف مرة أخرى ب30 مليار دولار أو أكثر، خصوصا إذا لم ترتفع أسعار النفط بالشكل المطلوب، وإذا استمر غياب سياسة ناجعة لاحتواء الأزمة. ويرى لالماس أن سعر البرميل الذي سيسمح بتغطية مدخرات البلاد من احتياطات النفط هو 85 إلى 90 دولارا على الأقل، وبسعر مرجعي في الميزانية ب50 دولارا للبرميل.