أكّد البروفيسور عبد الكريم براح، رئيس مصلحة الطب الداخلي بمستشفى باب الوادي بالعاصمة، أنّ فيروس كورونا تسبب في تراجع رهيب للكشف عن الأمراض النادرة في الجزائر، حيث تسبب في التأخر عن الكشف المعتاد للحالات وقدّر المختص نسبة التراجع بما يناهز 80 بالمائة. وهو أمر كما قال مؤسف جدا ويقضي على أمل العلاج في الوقت المناسب، كما أنّه يزيد من إطالة معاناة الحالات التي تجهل نوع مرضها. وقال البروفيسور براح، مساء الاثنين خلال ندوة صحفية افتراضية نظمها مخبر سانوفي الجزائر، إنّه كلما قدّمنا علاجا مبكرا ساهمنا في دعم مناعة المريض وتقويتها، غير أنّ مستجدات فيروس كورونا حالت دون بلوغ عديد المرضى إلى المؤسسات الصحية، خاصة في بداية الأزمة، وتحويل مختلف المصالح بعدها إلى وحدات كوفيد19، وحسب النتائج والأرقام المتواجدة على مستوى مختلف المصالح فإن نسبة التشخيص تراجعت بنحو 80 بالمائة عما كان يسجل سابقا.. وقال برّاح إنّ العيش بمرض نادر ليس أمرا سهلا ويعتبر معركة حقيقية تستوجب تشجيع المصابين وذويهم، ومرافقتهم خاصة وأن 36 بالمئة من المرضى لا يدركون حقيقة العامل الوراثي في وجود الإصابة ونقلها. وتطرّق المختص إلى دراسة جزائرية أجريت على مستوى المرضى والأطباء والممرضين المعالجين أكّدت أن معدل آجال الكشف عن المرض النادر في الجزائر قدرت بنحو 56 شهرا أي ما يعادل 5 سنوات تقريبا، وهي معدلات قريبة من العالمية واقل وطئا منها أين تصل دوليا إلى 7 سنوات تقريبا. بدوره أفاد البروفيسور مكي عز الدين، رئيس مصلحة طب الأطفال بمستشفى نفيسة حمود "بارني" بالعاصمة أنّ 80 بالمائة من الأمراض النادرة أصلها جينية وقدم المختص الفرق بين مرض نادر وهو ما يعني قليل الانتشار بمعدل حالة واحدة في الألفين ساكن وبين المرض اليتيم الذي يعني عدم وجود علاج له وإن كان منتشرا. ولفت البروفيسور مكي الانتباه إلى أنّ 75 بالمائة من الأمراض النادرة يصاب بها أطفال تقل أعمارهم عن العامين ثلثهم يموتون قبل إتمام العام وثلثهم الآخر يصاب بإعاقات حادة تفقدهم استقلاليتهم، مرجعا أهم أسباب الإصابة إلى زواج الأقارب الذي يجب أن يخضع إلى تحاليل دم معمقة قبل إتمامه لتجنب هذه المآسي، خاصة وأن 95 بالمائة من هذه الأمراض ليس لها علاج، داعيا إلى إطلاق برنامج وطني للتحسيس ضد مخاطر الزواج العائلي. وتطرق المختص إلى مشكل عويص جدا يؤرق حياة المرضى يخص النقص الحاد في المخابر البيولوجية الكيميائية حيث تتوفر الجزائر بكاملها على مخبر واحد فقط يقع بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، مبرزا ندرة فادحة أيضا في مخابر التحاليل الجينية سواء لدى القطاع العمومي أو القطاع الخاص. وقدّم المختص العديد من الاقتراحات لتجاوز فوضى التكفل بالمرضى الحاصلة حاليا وتأطير الجهود المبذولة من قبل المهنيين في مجال الكشف عن المرض النادر، مركزا على أهمية إطلاق سجلات وطنية خاصة بكل مرض لتشجيع البحث الإكلينيكي وإنشاء مراكز مرجعية للتكفل بالمرضى.