يصل عدد الأمراض النادرة إلى 8 آلاف مرض عبر العالم، 80 بالمائة منها من أصل جيني، وتحصي الجزائر ما بين 7 و8 آلاف مرض نادر، 200 مرض فقط تم تشخيصها من بين هذه الأمراض التي توصف باليتيمة، والتي يشير الخبراء بشأنها، إلى أنها لا تستفيد من علاج فعّال بسبب تأخر التشخيص المبكر، وهو ما حدا بالمختصين إلى الدعوة بضرورة توحيد جهود الأطباء والفاعلين والمجتمع المدني من أجل تحسين نوعية التكفل بالمصابين بالأمراض النادرة في الجزائر... يتراوح معدل الإصابة بالأمراض النادرة بين حالة لكل 1000 ساكن أو حالة واحدة لكل 200 ألف ساكن عبر العالم، حسب ما أشار إليه البروفسور بول غرانغو المختص في طب الأطفال، على هامش إحياء اليوم العالمي للأمراض النادرة مؤخرا بالعاصمة، وأوضح أن هذه الأمراض مزمنة وتمثل خطورة على الصحة العمومية، بسبب عدم التشخيص المبكر لها وبالتالي تأخر التكفل وارتفاع كلفة العناية بالحالات المرضية.
نقص في الوسائل وليس في الكفاءات ويعود سبب تأخر الكشف عن الأمراض النادرة إلى نقص الوسائل والإمكانيات في ذلك، وليس إلى نقص الكفاءات، كما يشير إليه المختص في مخبر البيوكيمياء الوراثية بمستشفى مصطفى الجامعي، الدكتور بلعيد إمسعودان، موضحا في حديث له مع ”المساء” على هامش اللقاء، أن معظم الأمراض النادرة هي أمراض استقلابية ناجمة عن عجز في وظيفة الأنزيمات بجسم الإنسان. مضيفا أن نقص الإمكانيات يعيق تشخيص كل الأمراض النادرة في مجتمعنا ”لكن نشير إلى أن مخبرنا يدرس حالة هذه الأمراض منذ أكثر من 30 سنة، وإذا كان العالم يحصي حوالي 8 آلاف مرض نادر فإننا في الجزائر نحصي ثلث هذا العدد، علما أن مخبرنا هو الوحيد على المستوى الوطني الذي يدرس هذه الأمراض وبالتالي نستقبل العينات من الوطن ككل. واستنتجنا أن هذه الأمراض ليست نادرة تماما مثلما كنا نعتقد، فإذا أخذنا مثلا مرض ”ڤوشي” الذي يحصي لوحده 78 حالة في الوطن، ومرض ”هورلر” ب47 حالة محصاة في السنوات الخمس الأخيرة، نجد أن هذين المرضين النادرين متفشيان في مجتمعنا كثيرا والسبب يعود إلى زواج الأقارب، حيث وجدنا ان عائلات بأكملها بمنطقة القبائل الكبرى والصغرى ومنطقة غرداية تحصي عددا من المصابين بهذين المرضين وسط أفرادها لذات السبب، وتصل نسبة الإصابة بهذين المرضين في الجزائر إلى 30 بالمائة، فيما تنجم النسب المتبقية عن حساسية بعض الأغذية مثل البروتينات، أو العجز في بعض الفيتامينات. وأكد نفس المختص أن إجراء دراسات مسحية تشمل كل مناطق الوطن حول الأمراض النادرة من شأنه أن يوصل إلى الحالة الواقعية لهذه الأمراض بعمق. داعيا الجهات المعنية إلى أهمية الإسراع في ذلك، كون التشخيص المبكر لهذه الأمراض يضمن علاجا أنجع مع التشديد على ضرورة وضع الوسائل اللازمة لإنجاح هذه الخطوة. ودعا المختص بالمقابل إلى فتح مراكز مرجعية متخصصة ومدارس مناسبة للأطفال المصابين بهذه الأمراض النادرة. في سياق متصل، أوضح الدكتور عبد القادر بوراس رئيس جمعية شفاء لأمراض العضلات، ل” المساء”، أن هذه الأمراض تتطلب مركزا صحيا متخصصا، يسميه ”مراكز صحية مرجعية”، وهي غير موجودة بالجزائر باستثناء القطب الصحي المتخصص في أمراض العضلات بمستشفى مصطفى الجامعي الذي لا يستجيب لكل الحالات المرضية بالجزائر، ”وعليه نحن كجمعية نطالب بإنشاء هذه المراكز للتخفيف من وطأة المرض وفرملة استفحاله بمجتمعنا”، يقول الدكتور بوراس، إلى جانب مطالبته بفتح برنامج وطني للتكفل بمرض ومرضى العضلات، على غرار باقي الأمراض المزمنة الأخرى التي استفادت من برامج وطنية للتكفل والوقاية.
أمراض نادرة مميّعة بين المصالح الطبية وتعتبر أمراض العضلات من الأمراض النادرة بسبب قلة عدد المصابين بها بمعدل إصابة يصل إلى 2 لكل ألفي شخص، أي بعدد مصابين يتراوح بين 20 و30 ألف مصاب بالوطن، حسب سجل الجمعية لإحصاء مرضى العضلات المستفحل في كل ولايات الوطن ولكن النسبة الأكبر في الولايات التي تسجل نسبة كبيرة في زواج الأقارب مثل منطقة القبائل ومنطقة غرداية. ويشدد المتحدث على أهمية الوقاية من أجل فرملة مرض العضلات ”فكونه مرضا نادرا لا يعني انه غير موجود، فمن الممكن جدا ان يصبح واسع الانتشار ان لم تتخذ إجراءات الوقاية”؛ هذه الأخيرة يحصرها المتحدث في التعريف بمرض العضلات وغيره من الأمراض النادرة. ويشير إلى ان مرض العضلات هو مرض وراثي جيني مزمن يصيب العضلات ويؤدي إلى اضمحلالها، وله عدة مضاعفات سلبية على القلب والجهاز التنفسي والعظام ويسبب الإعاقة الحركية. ويحصي ذات المرض حوالي 200 نوع كلها منتشرة في بلادنا، وتمثل خطرا على الصحة العمومية بسبب نقص التكفل الجدي بالمصابين بهذه الأمراض، وعليه ”ندعو الجهات المعنية إلى توفير وسائل التكفل بمرضى العضلات، خاصة وانه مرض موزع على عدة اختصاصات طبية مثل الأعصاب والقلب والعظام. من جهته، تحدث البروفسور فريد هدوم رئيس مصلحة تصفية الكلى بالمؤسسة الاستشفائية نفيسة حمود (بارني سابقا)، عن مرض ”فابري” النادر وغير المعروف بالجزائر كلية، موضحا في معرض مداخلته خلال اللقاء، أنه تم مؤخرا الكشف عن 300 حالة لم يتم تشخيصها من قبل، مع الإشارة إلى ان كل حالات الإصابة تم تشخيص المرض لديها في حالة متقدمة مما سبب لها عجزا في عمل الكلى وأحيلت بالتالي على الغسيل الدموي بنفس المستشفى، مؤكدا أن حالات الإصابة بمرض فابري مميعة بين عدة مصالح طبية مثل مصالح القلب والأوعية الدموية وأمراض الكلى وأمراض الأعصاب، بسبب الجهل بالمرض وتأخر تشخيصه بالجزائر، إلى جانب نقص الوسائل للتكفل بالحالات المرضية المصابة ب”فابري”. موضحا ان الدراسات المنجزة تؤكد على ضرورة التكفل بالعائلات التي تحصي فردا مصابا بمرض نادر بهدف عدم إصابة أفراد جدد بذات الأمراض التي تتطلب أموالا كبيرة للتكفل بها. جدير بالإشارة أن اللقاء العلمي حول الأمراض النادرة المنظم مؤخرا، نظمته الجمعية الجزائرية لساندروم ويليامز وبوران، وحمل هدف التحسيس بهذه الأمراض في المجتمع وجلب انتباه الفاعلين في الصحة إلى أهمية دعم طرق التشخيص المبكر عند الولادة لتطويق الإصابة بأحد أنواع هذه الأمراض، مع توفير الأدوية وتطوير العمل الطبي في إطار شبكة تضم كل الكفاءات المهنية والطبية، ودعم البحث العلمي من خلال تسطير برامج وطنية وترقية التكوين المتواصل وتقاسم المعارف وتعزيز العلاقات بين الأطباء المختصين وصناع القرار والجمعيات لفائدة المرضى.