أحدث توقيف التلقيح مؤقتا بلقاح "أسترازينيكا" البريطاني المضاد لفيروس كورونا، في العديد من الدول الأوربية، تحت مبررات عدم الفعالية، لاسيما بالنسبة لكبار السن والأعراض الجانبية على بعض الحالات، قلقا وخوفا في أوساط كثير من الجزائريين، الذين أبدوا ترددا في الخضوع له، رغم أنّ السلطات الجزائرية لم تعلن عن أي قرار في هذا الخصوص، والتزمت الصمت إلى غاية الآن. واستلمت الجزائر 50 ألف جرعة لقاح أسترازينيكا، كما أنها أمضت اتفاقيات للحصول على حصص إضافية، بالإضافة إلى ما يمكن أن تستقبله من جرعات في إطار ميكانيزم "كوفاكس" العالمي وميكانيزم الاتحاد الافريقي، خلال الأيام القليلة المقبلة. وفي هذا السياق، أوضح ملهاق محمد، الخبير في علم الفيروسات أنّ تعليق العمل بلقاح "أسترازينيكا" هو إجراء احترازي ووقائي في إطار ضمان السلامة وليس الفعالية. وأضاف ملهاق: "في مجال التعامل مع اللقاحات وأعراضها الجانبية الخطيرة فالإجراء يعتبر عاديا إلى غاية إثبات دليل علمي أو انتفاء الأمر". واستشهد الخبير في علم الفيروسات بثلاث هيئات علمية فصلت في مسألة اللقاح البريطاني وأولها هو المخبر بنفسه الذي أكد بأن 17 مليون شخص تلقحوا لم تسجل لديهم أعراض خطيرة ومنها التخثرات، كما أنّ التجارب السريرية كذلك لم تبرز أعراضا أو أحداثا خطيرة. أمّا الهيئة الثانية فهي الوكالة الأوروبية للدواء المسؤولة عن تقديم تراخيص الأدوية في أوروبا التي أكدت عدم وجود أيّة علاقة سببية بين التخثرات الدموية واستعمال اللقاح وطلبت الاستمرار في التلقيح باستعمال لقاح "أسترازينيكا". وجاءت تصريحات الهيئة العالمية الثالثة وهي منظمة الصحة العالمية لتدعم المواقف السابقة بعد أن أفادت بأنه لا يوجد أسباب علمية لتوقيف لقاح "أسترازينيكا" وأن منافعه أكثر من مضاره. وأضافت المنظمة بأن الحالات الثلاثون للتجلط الدموي المسجلة ببعض الدول لا دليل علمي لعلاقتها باللّقاح إلى غاية الآن. وعلى الصعيد الداخلي، استطرد ملهاق، فإن لجنة اليقظة الصيدلانية على مستوى وزارة الصحة لم تعلن عن أية أعراض جانبية خطيرة بالنسبة للجرعات المستعملة من هذا اللقاح والتي قدّر عددها بنحو 50 ألف جرعة، وهذا مؤشر مطمئن في سياق المتابعة اليومية لوزارة الصحة، سواء تعلق الأمر بالتخثر والتجلط أو غيره من المضاعفات، باستثناء الأعراض الجانبية الخفيفة المتوقعة. وبدوره أفاد البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، في تصريح للشروق أنّ توقيف لقاح أسترازينيكا في بعض الدول الأوروبية مؤقت لا يعني انه قرار نهائي فقد يمكن التراجع عنه بين الحين والآخر مثلما حدث في فرنسا، خاصة أنّه لم يتسبب في أي مضاعفات خطيرة. واعتبر خياطي أنّ التوقيف يستند إلى خلفيات اقتصادية أكثر منها مبررات ودلائل علمية. وأردف خياطي أنّ الأعراض الجانبية لفايزر مثلا قد تفوق في بعض الحالات الأعراض المسجلة في لقاح استرازينيكا ورغم ذلك لم يعرف هذا اللقاح كل هذه الحملة الإعلامية والشعبية العارمة. ويرى خياطي بأن الأثر الإعلامي ومواقع التواصل الاجتماعي هي التي أحدثت هذه المخاوف والآراء، ومنحت القضية بعدا واسعا وعميقا أكثر مما تستحقه علميا.