عندما تقود فرنسا منذ أزيد عن نصف قرن العدوان الثلاثي على مصر رفقة الانجليز والإسرائيليين، وعندما تساعد فرنسا إسرائيل لكسب الخبرات النووية منذ أربعين سنة. وعندما تنصح فرنسا أرييل شارون منذ أربع سنوات لتهجير مليون يهودي فرنسي إلى الأرض المحتلة، وعندما تعاقب فرنسا موظفا في الداخلية من مواطنيها لأنه انتقد اسرائيل.. بل لأنه قال كلمة حق في قناصي الأطفال الأبرياء، وعندما يقول بيريز، أن إسرائيل لن تجد صديقا أوفى من فرنسا..عندها فقط لابد وأن نتساءل عن سر (الحب التاريخي الفاحش) الذي يجمع اسرائيل بفرنسا إلى درجة أن فرنسا هي الدولة الوحيدة التي أقحمت الديانة اليهودية والتاريخ (الإسرائيلي المزيف) في المقررات التعليمية، وأكبر دولة تعاقب على ما تسميه معاداة السامية حتى ولو تعلق الأمر بأحد مفكريها من أمثال رجاء غارودي، ففرنسا تدخلت في مقال تورط فيه الصحفي المصري إبراهيم نافع في جريدة الأهرام، وتدخلت في أغنية أداها الفنان شعبان عبد الرحيم، وتدخلت في ديوان كتبه أحمد مطر، وتدخلت في لقطة أداها اللاعب محمد أبو تريكة، وأنجزت لهؤلاء قائمة سوداء لأجل عيون اسرائيل السوداء، هل هي مزايدة على الأبوين الروحيين لسرائيل أنجلترا والولاياتالمتحدة، أم هو خيار يمتد إلى استعمارها للجزائر الذي انتهى بفرنسة كل يهود الجزائر الذين شاركوا في المجازر واختاروا فرنسا وهي تستعمر الجزائر واختاروها وهي تواجه بالحديد الثورة الجزائرية واختاروها وهي تعود إلى موطنها صاغرة.. موقف فرنسا ضد حزب الله وإيران وسوريا لا يبدو أنه موقف في صف الولاياتالمتحدة على خلفية ما يسمى بمحور الشر.. ففرنسا تقف لوحدها ضد تركيا وتضع في طريق انضمامها للاتحاد الأوربي حواجز سياسية واقتصادية وجغرافية، ولا تجد حرجا في زرع حواجز عقائدية لأجل أن تبقى أوربا غير إسلامية، ودخلت في تناقضات لا تبدو مهتمة بتبعاتها، فهي تقر الهلوكوست ولا تعترف بجرائمها الاستعمارية، وتقر كل أنواع التمسيح والتهويد وترفض الحجاب في مؤسساتها، فأنجلترا برغم تحالفها الأزلي مع الولاياتالمتحدة، إلا أنها متمسكة بأمل عودة الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس وتحاول أيضا أن لاتضع رأسها في ذات الطاقية التي ترقد بها فرنسا، بينما تقف فرنسا مترددة في كل القضايا التي تدعمها بريطانيا إلا قضية الشرق الأوسط، فقد وقفت إلى جانب انجلترا ولكنها الآن تحاول أن تمد خطوات أخرى إلى الأمام، إذا كانت انجلترا هي مهندسة وعد بلفور المشؤوم فإن فرنسا حاليا هي الأم الحنون لاسرائيل وشر خلف لبلفور، حيث تقف إلى جانبها وتعلنها أمام العالم بأنها مع اسرائيل ظالمة أو مظلومة.. رغم أن كل العالم يعلم أن إسرائيل لم تكن أبدا مظلومة.