تتواصل المشاورات السياسية في مالي السبت قبل ثمانية ايام من دورة ثانية من الانتخابات الرئاسية التي سيتنافس فيها ابراهيم ابو بكر كيتا القديم في الحياة السياسية والخبير الاقتصادي سومايلا سيسي الذي حصل على دعم المرشح الذي جاء في المرتبة الثالثة. وسيتنافس في الدورة الثانية كيتا (68 عاما) الذي تصدر نتائج الدورة الأولى في 28 جويلية بحصوله على 39,2 بالمائة من الأصوات مقابل 19,4 بالمائة لخصمه الرئيسي سومايلا سيسي (63 عاما)، كما أفادت النتائج الرسمية التي نشرت الجمعة . لكن نتيجة الدورة الثانية لا تبدو محسومة اذ ان 26 مرشحا آخرين في الدورة الأولى -- سحب احدهم ترشيحه -- حصلوا على اكثر من اربعين بالمائة من الاصوات. ويرى مراقبون انه قد تتشكل جبهة ترفع شعار "كل شىء الا ابراهيم ابو بكر". فقد قدم مرشح التحالف من اجل الديمقراطية وهو اكبر احزاب مالي دراماني ديمبيلي الذي جاء في المرتبة الثالثة بحصوله على 9,6 بالمائة من الاصوات في الاقتراع الذي جرى في 28 جويلية، دعمه لسومايلا سيسي. ويتوقع ان يقدم المرشح الرابع موديبو سيديبي رئيس الوزراء الأسبق مثل كيتا والذي حصل على حوالى 4,9 بالمائة من الأصوات، دعمه لسيسي. وينتمي الثلاثة الى جبهة الديمقراطية والجمهورية وهو تحالف لاحزاب سياسية وحركات المجتمع المدني انشىء بعد انقلاب 22 مارس 2012 الذي سرع سقوط الشمال بايدي جماعات جهادية. ولم يبق للمرشحين سوى ستة ايام للقيام بحملة في بلد يعيش ازمة سياسية وعسكرية منذ سنة ونصف السنة. وبعد هذه النتائج الرسمية، يفترض ان تنظم هذه الدورة الثانية في 11 أوت. وأدلى ثلاثة ملايين و520 الفا و242 ناخبا من اصل ستة ملايين و829 الفا و696 ناخبا مسجلا باصواتهم، اي ان نسبة المشاركة بلغت 51,5 بالمئة وهذا امر استثنائي في مالي في مثل هذا النوع من الانتخابات التي لا تتجاوز نسبة المشاركة فيها عادة 38 بالمئة. واعتبرت 403 آلاف و532 بطاقة غير صالحة. وتساءل سومايلا سيسي على حسابه على تويتر عن هذه البطاقات وطالب للدورة الثانية باتخاذ "اجراءات عملية للحد من عمليات التزوير" التي شهدتها الدورة الاولى. وقال الجمعة ان "شجرة التعبئة الكبرى للشعب المالي في 28 جويلية يجب الا تحجب غابة عدم الاستعداد وسوء التنظيم والاحتيال الذي شهدته الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية". وكان حزب سومايلا سيسي اتحاد الجمهورية والديمقراطية تحدث عن عمليات "حشو صناديق اقتراع" مؤكدا ان دورة ثانية "ستنظم بالتأكيد". وطالب باستقالة كوليبالي لانه تجاوز الدور المحدد له. وقال سيسي في مؤتمر صحافي مشترك مع ثلاثة مرشحين اخرين تنتمي احزابهم الى تحالف "جبهة الديمقراطية والجمهورية" الذي انشىء لمعارضة الانقلاب العسكري في 22 مارس 2012 "نعتقد ان تنظيم دورة ثانية امر اكيد ولا مفر منه في مالي بالنظر الى الأرقام التي لدينا". أما ابو بكر كيتا فسيرد علنا في تجمع انتخابي الأحد في باماكو. وقد دعا على حسابه على تويتر إلى "تعبئة اكبر من اجل تصويت واضح لمصلحة مرشح التغيير". وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة ان الرئيس الذي سينتخب في مالي "سيكون رئيسا لجميع الماليين وستقدم له فرنسا كامل دعمها"، مشيرا إلى "المشاركة المرتفعة وحتى التاريخية" في الدورة الاولى. وأضاف هولاند "ستجرى دورة ثانية ومن الملائم تحضير الدورة الثانية بالدقة نفسها التي اعتمدت في الدورة الأولى". وتنفست باماكو وباريس الصعداء الاثنين غداة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في مالي التي جرت بهدوء وارتفاع مشاركة الناخبين في دلالة على إرادتهم الخروج من سنة ونصف من ازمة دفعت البلاد الى الفوضى. ولم تشهد البلاد اي حادث او اعمال عنف رغم ما صدر من تهديد من المقاتلين الإسلاميين الذين احتلوا شمال مالي قبل ان يطردوا اثر تدخل عسكري دولي قادته فرنسا. وحتى في كيدال، كبرى مدن شمال شرق مالي ومعقل الطوارق وحركة تمردهم، حيث كانت الريبة تشوب الاقتراع بسبب توتر شديد بين السود والطوارق، لم يسجل اي حادث يذكر الأحد لكن مشاركة الناخبين كانت ضعيفة. وكان رئيس بعثة المراقبة الانتخابية التابعة للاتحاد الاوروبي لوي ميشال دعا في باماكو "الى احترام صارم لنتائج" الدورة الاولى. وهنأ ميشال في بيان الماليين الذين قرروا من خلال عملية الانتخاب ان "يمسكوا مجددا بزمام مصيرهم الديمقراطي" بعد سنة ونصف سنة من ازمة سياسية عسكرية. وقال ميشال ان "كل العملية الانتخابية كانت قائمة على الشفافية. الدورة الاولى من الانتخاب الرئاسي جرت في مناخ سلمي (...) تمكنا من ملاحظة تعبئة كبيرة لدى السكان الماليين تجاوزت في بعض الأماكن نسبة 50 بالمئة".