تعيش عائلة مقيمة في حي الشهداء بوسط مدينة باتنة، مأساة حقيقية بسبب المرض الخطير والفتاك الذي أصاب اثنين من أطفالها، ويتعلق الأمر بسلمى التي انتقلت إلى رحمة الله قبل 3 سنوات وأختها أمينة التي تعاني نفس الآلام والمتاعب بسبب مرض يُسمى "الاكزرودرما"، أو ما يصطلح عليه ب"أطفال القمر"، وهو ما جعلها حبيسة الظلام تفاديا لمضاعفات أخرى تؤثر سلبا في بشرة وجهها وجسمها بشكل عام خاصة في ظل ارتفاع درجة الحرارة أثناء فصل الصيف، حيث لا يُسمح لها بالخروج من المنزل إلا بعد غروب الشمس، وهو الوضع الذي آثار الكثير من الشفقة لهذه العائلة التي تعاني من الفقر، فقدان الوالد منذ 4 سنوات إضافة إلى لعنة المرض الذي عكر صفو عائلة بأكملها. ويعدّ هذا المرض الجيني النادر بمثابة الكابوس الذي يلاحق عائلة الطفلة أمينة، حيث استرجعت الوالدة ذكريات الألم والتحدي في عهد الفقيدة سلمى التي اتصفت حسب قولها بصبر كبير متحدية هذا المرض الخبيث الذي نهش جسدها وتفاعل أكثر بعد إجرائها العملية الجراحية في العاصمة، ما أرغمها على المكوث مدة 7 أشهر كاملة في وضعية صحية صعبة قبل أن تحوَّل مجددا إلى مسقط رأسها باتنة. ومن ضمن ما تتذكره الوالدة عن ابنتها سلمى أنها قالت قبل وفاتها "لا تقلقي يا أمي هذه الليلة رايحين نرتاحو في زوج" بشكل اثر في محدثتنا خاصة وأنها أحست بدنوِّ أجلها. وأكدت الوالدة التي شرحت لنا مأساة الفقيدة سلمى وأختها أمينة التي تعاني نفس الوضع بان العائلة تحدت الظروف الصعبة التي تعاني منها كغياب دخل قار بعد وفاة الوالد وعدم حصول الابن الأكبر على منصب عمل منتظم ومع ذلك فقد تمَّ طرقُ كل الأبواب بفضل بعض المحسنين تتقدمهم امرأة تعدّ صديقة العائلة والتي أخذت على عاتقها مصاريف مختلف التنقلات التي أرهقت المريضتين إلى عين مليلة، قسنطينة والعاصمة للعلاج وعلاوة على ذلك فقد داومت على زيارة الطبيبة عيشور بباتنة التي قدَّمت خدماتٍ جليلة وسط غياب السلطات المحلية التي لم تلمس منها العائلة المذكورة وقفة ملموسة من هذا الجانب رغم حاجتها للإعانة المادية أوالمعنوية على الأقل، ولازالت الوالدة متأثرة من التهميش الذي لاقته فلذة كبدها الفقيدة سلمى في آخر أيام حياتها وبالضبط بعد إجراء العملية الجراحية، حيث تبرَّأ منها عمال وممرضي مستشفى باتنة الذين رموها إلى الشارع ورفضوا الاعتناء بها. وإذا كانت سلمى قد انتقلت إلى الرفيق الأعلى بعد معاناة كبيرة مع هذا المرض الخبيث الذي استفحل فيها، ففي المقابل تتواصل معاناة شقيقتها أمينة التي تبقى حبيسة الظلام تفاديا لتأثيرات أشعة الشمس فوق البنفسجية، فلا يتسنى لها المغادرة إلا بعد غروب الشمس حينها تكون الفرصة مواتية للعب أو الحديث مؤقتا مع بعض جاراتها بنات الحي.
وتبقى عائلة الفقيد "بوبكر. ب" تتألم لفلذة كبدها أمينة دون أن تجد لها الحل لإنقاذها من مرض "الإكزرودرما"، حيث تأمل في الحصول على لباس واقي لجسمها من أشعة الشمس فوق البنفسجية والذي قيل بأنه يصنع من طرف وكالة الفضاء الأمريكية (نازا) والأهم في كل هذا هو مناشدة السلطات المحلية والمحسنين بمساعدة أمينة قصد نقلها إلى فرنسا أو أي بلد آخر لمواصلة العلاج أملا في التماثل إلى الشفاء ووضع حد لهذا المرض الذي اظلم حياتها، حيث ختمت أمينة حديثها معنا بما يلي "أنقذوني من محنتي حتى لا أعرف نفس مصير أختي سلمى التي ذهبت ضحية لهذا المرض".