الشروق التقتها على هامش زيارتها الأولى للجزائر فكان هذا اللقاء الذي كشفت من خلاله أن تراجع حضور المرأة في الساحة الثقافية والحياة العامة تعود إلى تزايد صعود التيارات المتشددة وتخلي النخب المتفتحة عن أدوارها الريادية. لقّبت بالكاتبة المتمردة لكثرة معاركها مع الرقابة والتيارات الإسلامية المتشددة بالكويت، كانت أول امرأة عربية بالكويت يحكم عليها بالسجن جرّاء كتاباتها. - »الشروق اليومي«: ليلى العثمان حمّلت التيارات المتشددة مسؤولية تراجع دور المرأة؟ * ليلى العثمان: هذا لا يجعلنا نعفي الطبقة المستنيرة من المجتمع العربي من مسؤولياتها لأنهم بصمْتهم أو بخوفهم من هذه التيارات وابتعادهم عن ثورتهم الفكرية حملهم مسؤولية كبيرة طبعا في كل البلدان تراجعت هذه الجمعيات تراجعت أدوارها، عندنا مثلا في الكويت مرّ التيار اللبيرالي والديمقراطي بفترة يأس كأنه يحرث في أرض بور وكانوا دائما يرون أنهم مهما فعلوا لن يستطيعوا الوقوف في وجه التيارات المتشددة التي كانت سلطتهم متغلغلة داخل المجتمع، لكن هذا لا يعفيهم من مسؤولية النضال حتى يكون هناك وجود لصوت الآخر ويتحقق التوازن داخل المجتمع، لذا فالتيارات المتشددة وجدت الأفق فارغا والمساحة مفتوحة واستبدت في المجتمع العربي. - كتبك منعتها الرقابة بعد أن رخصت لها الدولة، ما هي الخلفيات الحقيقية لهذا المنع؟ * كتبي مُنعت بعد أن تدخل التيار الإسلامي وقد تزامنت الأمور مع بداية نضال المرأة من أجل حقوقها السياسية وربما كنت أنا أكثر جرأة في الطرح وأكثر انتشارا في القراء ولأن كل الحكومات العربية تخضع لهذه التيارات، فقد منعت الكتب من طرف وزارة الإعلام، لكن في البداية الدولة لم تمنعها. - لماذا برأيك تخاف التيارات الأصولية المرأة؟ * هم ينظرون دائما للمرأة على أنها مخلوق من الدرجة الثانية ومكانها الطبيعي في البيت، لذا حاربوا تعليمها وكل شيء يتعلق بالمرأة وهذه النظرة ترسخت عندهم رغم أن الإسلام منها براء وهو دين كرّم المرأة. ولكن على ما يبدو هذه التيارات تخاف المرأة لأنها أكثر جرأة وطموحا وتصميما على بلوغ مبتغاها لإثبات الذات. - أماكن مثل المقهى وحواري الكويت القديمة تعرف حضورا كبير في أعمالك، ماذا يمثل لك المكان تحديدا؟ * المكان هو الذي خلق شخصيتي لأني عاصرت ربما المدينة القديمة في الكويت بين الأسوار في نهاية الخمسينيات، فترسبت هذه المدينة في ذاكرتي ترسّبا شديدا ولما حدث التغيير عز في نفسي أن يكون ماضي الكويت مجهولا لدى الأجيال الجديدة، لأن هناك الكثير من القيم التي ضاعت مع الحياة الحديثة، لذا أردت التأريخ للمدينة الكبيرة وتقديمها للجيل الذي لا يعرف عنها شيئا. أنا تأثرت كثيرا بالبيئة التي أعطتني شخصيتي التي نقلتها في كتاباتي. - ليلى العثمان دائما تشيد بدور الرجل في حياتها. برأيك هل قدر المرأة العربية دائما أن يصنعها الآخر؟ * نعم لازم طبيعة مجتمعاتنا تقتضي أن تكون المرأة مسنودة من طرف الرجل، سواء كان الأب أو الأخ أو الزوج. بالنسبة لي رغم أن والدي كان يشجعني، لكنه رفض أن يخرج إسمي إلى العالم، لأن في أعراف العائلات عندنا، كان عيبا أن يخرج اسم الفتاة إلى الصحافة. لكن زوجي شجعني أكثر ودفعني للكتابة، ولولا دعمه لكانت موهبتي ضاعت، خاصة زواجي الثاني من شاعر وناقد الذي قادني إلى نضج التجربة. لذا فمساندة الرجل ضرورية للمرأة، رغم أن الأمور اليوم تغيّرت كثيرا حيث المرأة مستعدة للتضحية بالزوج من أجل إثبات موهبتها الأدبية. - لديك جائزة باسمك موجهة للشباب الكويتي، أليست هذه أنانية أو رغبة في إعادة إنتاج الذات؟ * الكثير من الشباب اقتدوا بي في الجرأة والطرح وأصبح لديّ في الكويت كمّ هائل من الشباب الذين يكتبون بطريقة جميلة. أنا لم يكن لديّ هاجس الجائزة، لكن في رابطة الأدباء، في سنة 1995، أنشئ نادي المبدعين الجدد الذي استقطب كل الكتاب الشباب في مختلف الفنون الأدبية، وكنا نحن الأدباء الكبار، كنا نناقش ونصحح لهم ووجدت كما هائلا من المواهب التي تستحق التشجيع وأنشأت الجائزة كل سنتين حتى يكون للمبدعين فرصة لتقديم الأفضل، وكونها موجهة للكويتيين هذه ليست أنانية، لأن تقريبا كل الجوائز الموجودة في الخليج موجهة للإخوة العرب ووجت أن أبناء بلدي أولى بها وقد تتوسع هذه الجائزة مستقبلا إلى دول مجلس التعاون الخليجي قبل أن أتوجه لرؤية العالم العربي، لكن في البداية هي نوع من الإيثار لأبناء البلد. - انتشرت في الخليج موجة الرواية النسوية الفضائحية. برأيك لماذا هذا التركيز على »الفيمنيزم الأدبي«؟ * الناشرون هم الذين دفعوا بالظاهرة إلى الواجهة، لأنهم يهتمون بالرواية والرواية النسوية الجريئة تحديدا لأغراض تجارية. لذا نجد العديد من الدور تعمد إلى اقتباس بعض المقاطع الجريئة من الكتاب ووضعها على ظهر الغلاف لجلب القراء. وحتى النقاد يشجعون الظاهرة بتناولها على نطاق واسع. ورغم أن هذه الظاهرة قد عادت على المرأة بالفائدة وأصبحت مثلا المرأة في السعودية تصرخ في وجه المجتمع المنغلق. - ما رأيك في من يرى في هذه الظاهرة بوابة أمريكا لصناعة شرق أوسط جيد في المنطقة؟ * أنا ضد هذه المقولة لسبب أن الكثير من الكتاب الكبار يكتبون خارج أوطانهم وأغلب النساء المسافرات إلى الخارج بغرض التعليم والدراسات العليا وهناك من يكتبْن بالداخل وينشرن في الخارج مثل ليلى الجهيني، لأن في الداخل لا يسمح لهن بهذا. ثم لماذا كل مرة نحاول دائما أن نحشر الغرب في كل ما يحدث عندنا، هل الغرب »فارغ شغل« حتى يهتم فقط بالعرب والمجتمع الخليجي، أنا ألقي اللوم على الناشر سواء في المشرق أو المغرب في دفع الرواية إلى تناول الجنس الفاضح وهذه مسؤولية الناشر العربي لأهداف تجارية.