أحدثت عمليات إجلاء الرعايا الفرنسيين العاملين بالجزائر، بسبب التهديدات الإرهابية التي أطلقها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ضدهم، حالة طوارئ بوزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، تجلت من خلال الدور الذي تقوم به سفارة باريس بالجزائر، التي سارع مسؤولها الأول، السيد برنار باجولي إلى الاجتماع بمقر السفارة، بمستشاري ومسؤولي الشركات الفرنسية التي تنشط في الجزائر، بهدف طمأنتهم على الوضع الأمني العام، والتقليل من هاجس المخاوف التي انتابتهم بفعل التهديدات الأخيرة. السيد برنار باجولي وفي محاولة منه لتدارك الموقف قبل فوات الأوان، أقام ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، مأدبة عشاء على شرف الصناعيين ورجال الأعمال الفرنسيين ومسؤولي و مستشاري الشركات الفرنسية العاملة بالجزائر، طمأنهم على حياتهم وعلى ممتلكاتهم، وحثهم على تعزيز التواجد الفرنسي في الجزائر، حفاظا على المصلحة العليا لباريس. وقد أوضح برنار سيلفان، المستشار الإعلامي في السفارة الفرنسية في اتصال ب"الشروق اليومي"، أن السفير برنار باجولي، أكد خلال اللقاء على أن الوضع الأمني حاليا لا يستدعي اجلاء عائلات الرعايا الفرنسيين، معتبرا إقدام بعض الشركات الفرنسية على إجلاء عائلات عمالها، غير مبرر من الناحية الواقعية والمصلحية، لكنه نبّه في الوقت ذاته، إلى أن المؤسسات الفرنسية أدرى بالوضع الأمني لعمالها، وهي حرة، كما قال، في اتخاذ أي قرار تقدم عليه. وبشأن التهديدات الأخيرة التي أطلقها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ضد الرعايا والمصالح الفرنسية في الجزائر، أكد برنار باجولي أن هذه التهديدات الإرهابية ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، مشيرا إلى أن فرنسا تعودت على مثل هذه التهديدات، قبل أن يضيف بأنه من واجب البعثة الدبلوماسية إطلاع الرعايا الفرنسيين المقيمين بالجزائر، كما في أية دولة أخرى، عن التطورات الأمنية، بواسطة وزارة الخارجية، لعلاقة ذلك بأمنهم وسلامتهم، انطلاقا من "كوننا مسؤولين أمامهم"، كما جاء على لسان المستشار الإعلامي بالسفارة. وبحسب ما تسرب من هذا الاجتماع فإن جهود الدبلوماسي الفرنسي، لم تقتصر على تطمين رجال أعمال بلاده على أمنهم وأمن ممتلكاتهم، بل تعدى إلى حثهم مسؤولي المؤسسات والشركات الفرنسية بالعدول عن أي قرار من شأنه أن يقود إلى هروب المستثمرين الفرنسيين من الجزائر. وتتخوف الحكومة الفرنسية من أن تؤدي التهديدات التي أطلقها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وما تبعها من اعتداء الأخضرية الشهر الماضي، الذي خلف سقوط ضحيتين فرنسيتين يعملان بشركة رازل الألمانية، من أن يتكرر سيناريو عشرية التسعينيات، التي تميزت بغياب الشركات الفرنسية عن الساحة الجزائرية بسبب تدهور الوضع الأمني، تاركين المجال لمنافسين قادمين من بعيد، تمثلوا في الشركات الآسيوية والأمريكية، لتزاحمها في منطقة نفوذ كانت ولا زالت تعتبر حكرا عليها، بحكم الاعتبارات التاريخية. وكانت الزيارة التي قادت وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين يزيد زرهوني إلى فرنسا في 4 و5 أكتوبر الجاري، قد تمحورت حول سبل تأمين حياة وممتلكات الرعايا الفرنسيين العاملين بالجزائر، بعد التهديدات التي أطلقها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ضد المصالح الفرنسية في المنطقة، بحيث شغلت حيزا معتبرا من المباحثات التي جمعته بنظيرته الفرنسية ميشال أليو ماري. محمد مسلم