قادة بن عمار يُمثّل التصريح الأخير لأسامة بن لادن ودعوته لتخفيف التعصب وعدم تغليب الزعامات والمصالح الشخصية وتصفية الحسابات على مصلحة الأمة وعموم المسلمين انقلابا في العقيدة القاعدية وخرجة غير متوقعة من الشيخ الهارب من عدالة أمريكا العمياء وديمقراطيتها العرجاء إلى كهوف أفغانستان وجبال باكستان، كما يعدّ أيضا أحد أهم التصريحات التي يحملها تسجيلٌ لزعيم القاعدة عقب اختفائه طويلا تاركا أمر التكلّم لنائبه أيمن الظواهري الذي باتت تسجيلاته تنافس الفيديو كليب في حجمها وعددها خلال الأشهر الأخيرة ! بن لادن في تسجيله المُذاع أوّل أمس عبر الفضائيات قال بصريح العبارة أنه "يجب على المنتمين للقاعدة في كل مكان أن يحاذروا من التعصب للرجال والجماعات والأوطان، وأنّ مصلحة الدولة المسلمة مقدّمة على مصلحة الجماعة، ومصلحة الأمة مقدّمة على مصلحة الدولة"، وهو تغيير في اللهجة وتخفيف من حدّتها المعهودة كما أنه جاء موازاة مع اعتراف الزعيم المؤسس للتنظيم الأخطر في العالم حاليا حسب التقارير الأمنية، بارتكاب جماعات منضوية تحت لوائه في العراق تحديدا عدة أخطاء وارتكاب جرائم بلا مبرّر ناهيك عن قتلهم أبرياء لا ناقة لهم ولا جمل في الصراع ودون تحكيم العقل أو تغليب رأي الجماعة والمصلحة العمومية، وهو باعتقادنا موطن الخلل داخل تنظيم القاعدة ليس في بلاد الرافدين فقط، وإنما في كل الأوطان التي أصبح من السهل فيها استغلال الظروف الأمنية والاجتماعية المتردية لجمع كمشة من المراهقين والاختباء وراء شعارات دينية والقول أنهم يمثلون قاعدة، مثل تلك التي أُصبنا بها والمسمّاة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والتي لا تعدو أن تكون مجرّد مراهقين مضلّل بهم، زائد بعض التمويل المالي المشبوه بالإضافة طبعا إلى شرائط فيديو وموقع في الانترنت لتحقيق الفرقعة الإعلامية ! ما هو مطلوب حاليا من بن لادن هو تصحيح المسار والقيام بمراجعة صريحة وسريعة لكل الأخطاء التي تم ارتكابها باسم القاعدة حتى أن البعض بات يشكّك في أهدافها وأجندتها والقول أنها تمهّد الطريق لأمريكا حتى يكون لها موطئ قدم في كل بلدان المنطقة، ناهيك عن الاعتقاد صراحة أن القاعدة والمحافظين الجدد في واشنطن وجهان لعملة واحدة، بصرف النظر عن نية زعيم التنظيم أو آلاف المجندين تحت لوائه. المطلوب أيضا أن يقدّم بن لادن تصريحا مباشرا لا لُبس فيه يتبرّأ خلاله من الأعمال القذرة التي تسمّى جهادا وتستهدف الأبرياء من المواطنين في الجزائر عبر كلا المعسكرين سواء كانوا مُستهدفين أو تم تضليلهم وتحويلهم إلى قنابل وكاميكاز مستغلّين حاجتهم وفقرهم وقلّة حيلتهم وزادهم العلمي والفقهي، وذلك أيضا في سبيل أن لا تتحول قاعدة بن لادن المزعومة في المغرب العربي إلى شرط لقيام قاعدة واشنطن العسكرية، كما أنّ مراجعة من هذا النوع والوزن تعدّ بلا شك ولا منازع الرهان الحقيقي والجهاد الصحيح.