كشفت صحيفة "الباييس" الإسبانية نقلا عن مصادر أمنية أن المخابرات الإسبانية تتابع باهتمام شديد تحركات الجاليات الجزائرية والمغربية، وكذا الباكستانية، المقيمة بإسبانيا، خصوصا أبناء الجيل الثاني، لأنهم يشكلون النموذج الأمثل لتبني فكر تنظيم "القاعدة"، والقيام من ثمّ بهجمات مُحتملة على الأراضي الإسبانية. وجاء التهديد الذي أطلقه الذراع الثاني في تنظيم "القاعدة"، أيمن الظواهري، تجاه المصالح الغربية، خاصة الفرنسية والإسبانية والأمريكية منها، ليفتح جدلا أوروبيا حول مدى جدية هذه التهديدات التي تصدر كل بضعة أشهر، حاثة فروع التنظيم في العالم الإسلامي على استهداف الأجانب والمصالح الغربية في الدول الإسلامية، بما فيها دول المغرب العربي التي تعتبر الواجهة الرئيسية للقارة الأوروبية. وفي هذا السياق، أوردت "الباييس" في عدد أمس بعض التصورات الأمنية المرتبطة بالمخاوف الإسبانية من احتمال تعرضها إلى هجمات أخرى، حيث انتقد خبراء أمنيون السياسة الإسبانية التي أصبحت تهتم بتتبع مصادر تمويل الجماعات المسلحة أكثر من اهتمامها بتتبع نشاطاتها التي قد تؤول إلى هجمات فعلية وضربات قوية تهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد. ورغم أن بعض الخبراء الأمنيين يعترفون بأن إسبانيا ليست أولوية في برنامج الجماعات المسلحة، إلا أنهم أكدوا أن بوادر حسن النية التي انتهجتها حكومة ثاباتيرو بسحب جنودها من العراق بعد تعيينه رئيسا للحكومة سرعان ما تبددت بفعل السياسة الأمنية الإسبانية الصارمة التي شرعت في تتبع الخلايا النائمة في شبه الجزيرة الإيبيرية وتفكيك شبكات تجنيد المقاتلين إلى العراق، وغلق منافذ التمويل الأجنبي للجماعة السلفية خصوصا، بعدما كشفت تقارير أمنية إسبانية منذ بضعة أشهر بعض طرق التمويل التي يستخدمها التنظيم، بما فيها استغلال قنوات مصرفية تمتد من جزر الباهاما إلى الجزائر عبر أليكانت، وكذا تنظيم عمليات سطو منظمة على منازل الأثرياء ثم اعتماد نظام الحوالات لإرسالها نحو الجزائر عبر مبالغ صغيرة لا تلفت انتباه المصالح المالية. ولهذا تم رفع حالة التأهب إلى درجاتها القصوى، خاصة بعد الأحكام الصادرة قبل أيام في حق 21 متهما بالضلوع في هجمات قطارات مدريد، وهو ما أدى تبعا لذلك إلى رفع عدد وحدات الأمن المتابعة لملف الإرهاب الدولي من 150 إلى 1500، لحجم التحديات التي تستشعرها المخابرات الإسبانية. وأكدت مصادر أمنية إسبانية أن "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" تُعتبر مصدر التهديد الأول على إسبانيا، بحكم إعلان انضمامها لتنظيم "القاعدة" وانخراطها في أجندتها التي تسعى لضرب المصالح الغربية داخل الدول الإسلامية، ثم نقل الهجمات إلى الدول الأوروبية نفسها، مع الإشارة إلى أن الاستخبارات الإسبانية أرسلت تقريرا إلى الحكومة يتحدث في مجمله على تأثير محاكمة المتهمين في تفجيرات 11 مارس 2004 بمدريد على الرأي العام المغربي خصوصا، والعربي عموما. مصطفى فرحات