شرعت إسبانيا في إجراءات لبناء سفارة جديدة في الجزائر، تجمع فيها كل مصالحها الدبلوماسية والقنصلية والتجارية، تخوفا من التهديدات التي تشكلها "الجماعة السلفية" على المصالح الإسبانية، بناء على التعليمات التي أصدرها أيمن الظواهري لفرع تنظيم القاعدة في المغرب بتتبع المصالح الإسبانية والفرنسية خاصة، واتخاذها هدفا لعمليات إرهابية. وتمتد السفارة الإسبانية الجديدة على محيط 5500 متر مربع في منطقة حيدرة بأعالي العاصمة، وتتميز بتعزيزاتها الأمنية "الحصينة" لكي تتجنب ضرب المصالح الإسبانية في الجزائر. وحسب مصادر دبلوماسية، فإن هذا القرار المتخذ من طرف الحكومة الإسبانية يأتي في سياق "تعزيز أمن الممثليات الإسبانية وأمن الموظفين الإسبان الذين يعملون داخلها"، بعد ما لقي حوالي 17 موظفا أمميا مصرعهم في تفجيرات يوم الثلاثاء الماضي بمقرات الأممالمتحدة. وأوضح المصدر الدبلوماسي في تصريحات أدلى بها لشبكة "أ بي ثي" الإسبانية أن هذا المشروع ليس وليد اللحظة، بل كان قيد الدراسة منذ حوالي سنتين أو ثلاث، ولكنّ تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في الجزائر اقتضى "تعجيل تفعيله"، حيث يتوقع أن يبدأ المشروع في مستهل 2008. وللإشارة، فإن مقر الممثلية التجارية الإسبانية يقع بالقرب من مقر هيئة الأممالمتحدة الذي تعرض لتفجير انتحاري، وقد تعرض لتضرر على مستوى الأبواب والنوافذ، وهو ما اعتبره الموظفون داخله "معجزة". وتسمح السفارة الجديدة حسب مخططها بتوفير مسافة آمنة أكثر فعالية ضد الهجمات الإرهابية المحتملة، علما أن الهاجس الأمني هو أكبر ما يؤرق السلطات الإسبانية التي اعتبرت أن الهجوم على مصالحها في المغرب العربي "هو مسألة وقت فقط". وللتذكير، فقد كشفت صحيفة "الباييس" الإسبانية منذ أسابيع أن بعض الخبراء الأمنيين يعترفون بأن إسبانيا ليست أولوية في برنامج الجماعات المسلحة، إلا أنهم أكدوا أن بوادر حسن النية التي انتهجتها حكومة ثاباتيرو بسحب جنودها من العراق بعد تعيينه رئيسا للحكومة سرعان ما تبددت بفعل السياسة الأمنية الإسبانية الصارمة التي شرعت في تتبع الخلايا النائمة في شبه الجزيرة الإيبيرية وتفكيك شبكات تجنيد المقاتلين إلى العراق، وغلق منافذ التمويل الأجنبي للجماعة السلفية خصوصا، بعدما كشفت تقارير أمنية إسبانية منذ بضعة أشهر بعض طرق التمويل التي يستخدمها التنظيم، بما فيها استغلال قنوات مصرفية تمتد من جزر الباهاماس إلى الجزائر عبر أليكانت، وكذا تنظيم عمليات سطو منظمة على منازل الأثرياء ثم اعتماد نظام الحوالات لإرسالها نحو الجزائر عبر مبالغ صغيرة لا تلفت انتباه المصالح المالية. ولهذا تم رفع حالة التأهب إلى درجاتها القصوى، خاصة بعد الأحكام الصادرة قبل أيام في حق 21 متهما بالضلوع في هجمات قطارات مدريد، وهو ما أدى تبعا لذلك إلى رفع عدد وحدات الأمن المتابعة لملف الإرهاب الدولي من 150 إلى 1500، لحجم التحديات التي تستشعرها المخابرات الإسبانية. وأكدت مصادر أمنية إسبانية أن "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" تُعتبر مصدر التهديد الأول على إسبانيا، بحكم إعلان انضمامها لتنظيم "القاعدة" وانخراطها في أجندتها التي تسعى لضرب المصالح الغربية داخل الدول الإسلامية، ثم نقل الهجمات إلى الدول الأوروبية نفسها. مصطفى.ف