بعدما أثارت جدلا واسعا بين وزارة التربية والأساتذة، دفعت الوزير إلى إعلان الحرب على ممتهني الدروس الخصوصية، ومنع الأساتذة من النشاط التكميلي ومزاولة الدروس التدعيمية في البيوت وأقبية العمارات والمحلات، حيث تحولت الدروس الخصوصية إلى "موضة" لم تقتصر على طلبة الأقسام النهائية بل امتدت إلى تلاميذ الابتدائي والأقسام العادية، بل وأكثر من ذلك، استقطبت هذه الدروس طلبة الجامعة الذين وجدوا أنفسهم يدفعون أموالا إضافية في دروس تدعيمية تضع سمعة الجامعة والطالب على المحك. كان طلبة الجامعة في وقت ليس ببعيد يشرفون على الدروس الخصوصية ويدرسون تلاميذ الثانوي والمتوسط في الجمعيات والأفواج الكشفية بشكل تطوعي، واليوم تحوَّل هؤلاء الطلبة إلى مستهلكين ومتلقين لهذه الدروس التي طالت جميع المستويات والأطوار، من تلاميذ الابتدائي إلى طلبة الجامعة مرورا بتلاميذ الأقسام النهائية، وهذا ما يجعل هذه الدروس بمثابة المرآة العاكسة لتدني استيعاب التلاميذ والطلبة لما يُقدَّم لهم من دروس ومحاضرات في الأقسام ومدرجات الجامعة. وفي استطلاع قادنا إلى عدد من المدارس الخاصة التي تشرف على تقديم الدروس الخصوصية في مختلف المواد والتخصصات، وقفنا على ظاهرة جديدة، تتمثل في إقدام هذه المدارس على فتح أقسام خاصة لطلبة الجامعة، وهو ما أكده رئيس مدرسة "تعلم أكثر" بالمرادية السيد مدني الذي قال إن أحد المعلمين في المدرسة لجأ العام الماضي إلى فتح قسم خاص بالجامعيين بعد زيادة الطلب على الدروس الخصوصية في مادتي الرياضيات والفيزياء، وأضاف أن طلبة التخصصات التقنية من أكثر المقبلين على الدروس الخصوصية، باعتبار هذا التخصص يحتوي على مواد معقدة تتطلب تركيزا كبيرا وحل أكبر عدد ممكن من المسائل والتمارين وهذا ما لا يتسنى للطالب القيام به في الجامعة، في ظل الإضرابات المتكررة واستفحال ظاهرة غياب الأساتذة. ومن جهته أكد، سليم نابتي مدير إحدى المدارس التي تنشط بطريقة غير رسمية "شقة مستأجرة" ببلدية باب الزوار أنه فتح هذا العام قسمين خاصين بطلبة الجامعة، بعد زيادة الطلب على الدروس الخصوصية التي تحولت إلى "موضة" في جميع الأطوار الدراسية، وكشف المتحدث أنه كان رافضا لمبدأ الدروس الخصوصية الموجهة للطلبة، "باعتبار هذا الأخير قادراً على البحث وتطوير نفسه بنفسه، وما الأستاذ في الجامعة إلا مرشدٌ وموجه، ولكن الطلبة أكدوا لي أن المواد التي يدرسونها جد معقدة وما يقدَّم من شرح في الجامعة غير كاف، في ظل تفشي ظاهرة غياب الأساتذة، إلى درجة أن الكثير من الأقسام والأفواج ظلت بدون معلم لمدة فاقة ستة أشهر، وهذا ما يدفع الطلبة إلى اللجوء للدروس التدعيمية لتحسين مستواهم وتعويض ما فاتهم في مدرجات الجامعة". ومن جهته أكد السيد نور الدين فوزي ممثل عن الإتحاد الوطني للطلبة الجزائريين ل"الشروق" أن العديد من المدارس الخاصة تلجأ إلى تعليق إعلانات إشهارية في جدران المدرجات ومداخل الجامعة تعلن فيها عن دروس خصوصية للطلبة، ما جعل جامعة هواري بومدين "باب الزوار" تتحول إلى ساحة مفتوحة لإشهار المدارس الخاصة الشرعية منها وغير الشرعية والتي تقدم دروساً تدعيمية للطلبة مقابل مبالغ تتراوح بين 4000 و7000 دج للشهر. وفي السياق ذاته، أكد السيد موسى كريم ممثل عن الإتحاد العام للطلابي الحر أن تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية الموجَّهة إلى الطلبة، يجعل سمعة الجامعة على المحك، ويطعن في مصداقية الأساتذة، وطالب بالتحقيق في أسباب توجُّه الطلبة نحو هذه الدروس التي من المفترض أن تُقدَّم في الجامعة من طرف أساتذة ودكاترة مختصين في هذه المواد، وتساءل السيد موسى كريم عن مستوى الأساتذة الذين يشرفون على الدروس الخصوصية الموجهة للطلبة؟ كما تساءل عن موقف الوزارة من هذه الظاهرة؟ ومن جهتنا اتصلنا مرارا بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي لمعرفة موقفها من ظاهرة الدروس الخصوصية الموجهة للطلبة الجامعيين، لكننا لم نتلق أي رد.