هل سيعود المترشحون وممثلوهم، غلى الربوات المنسية، ومعهم الخلاطون والمشوّشون والطماعون والغمّاسون والانتهازيون والمنتفعون، والباحثون عن إفادة عند موجود أو مفقود؟ انتهت الحملة، وانتهت الانتخابات الرئاسية، ففاز من فاز، وخسر من خسر، غلب من غلب، وغُلب من غُلب، فهل سيعود هؤلاء وأولئك، إلى الولايات والبلديات والمداشر، وينزلون إلى الأسواق والجوامع والأحياء الشعبية، ويُصافحون الزوالية بالمقاهي؟ هل سيعود هؤلاء وأولئك من السياسيين، إلى المواطنين الذين برهنوا أنهم أرقى مستوى من السياسيين ومن الأحزاب؟ هل سيعود المترشحون الآن إلى "القاعدة" يُثبتون حسن نواياهم، ويفون بوعودهم وعهودهم التي قطعوها على أنفسهم خلال 22 يوما من حملة كانت مفتوحة على كل الاحتمالات والمفاجآت والسيناريوهات؟ هل سيُثبت هؤلاء وأولئك، أنهم صادقون، وأنهم في خدمة "شعيب الخديم" وتحت تصرّفه وطاعته؟ هل سيعودون وقد أدلى الجزائريون -حتى وإن كانوا ليس كلهم- بأصواتهم واختاروا رئيسهم؟ هل سيعودون إلى كلامهم المعسول، وتلك الكلمات التي ليست كالكلمات؟ ويعودون إلى مغازلة المواطنين وشراء ودّهم وتعاطفهم؟ وهل سيعودون إلى توسّلهم لدعمهم ومساندتهم؟ أم: إنهم لن يعودوا إلاّ بعد انقضاء خمسة سنوات؟ ولا يعودون إلاّ إذا عادت الانتخابات؟ فتعود ريمة إلى عادتها القديمة، ويعود "الهفّ" و"الفستي" والوعود التي لن تتحقّق والبرامج المستوردة من المريخ وقصص شهريار؟ الشعب هو الفائز في رئاسيات 17 أفريل 2014، وكم هو مؤثر وموجع في نفس الوقت، عندما تسمع مواطن زوالي يقول: "لقد طلبوا منّا أن ننتخب ونمارس حقنا وواجبنا، فها نحن قد انتخبنا، الدور عليهم الآن، الكرة في ملعبهم، وسنرى إن كانوا سيفون بوعودهم؟" مواطن آخر، لكنه "زوالي وفحل" قال في تصريحات للصحفيين دون تردّد: "لقد انتخبت للسلم والأمن والاستقرار ووحدة الجزائر"، واشترك شباب وكهول وشيوخ ونساء في التأكيد على أنهم مارسوا حقهم في الانتخاب، بعيدا عن ترغيب هؤلاء وترهيب أولئك! نعم، العلامة الكاملة للشعب الجزائري، الذي أثبت لما لا نهاية، أنه أوعى من سياسيين لا يُمكنهم أبدا أن يُزايدوا عليه، أو يرفعوا سقف المواطنة عليه، أو يتهموه بما ليس فيه، أو يجنحوا إلى السطو على انتصاره وإرادته! لا يحق للبعض أن يدّعي زورا بأن نسبة المشاركة كانت نتاج "مواعظه وإرشاداته"، مثلما لا يحق للبعض الآخر أن يزعم بهتانا أن النسبة الغائبة هي إرثه ومن حقّه، وأن كلّ المقاطعين وغير المبالين واللاّ مكترثين في "جيبه"، يأتمرون لأوامره، فيقولون له: سمعا وطاعة! على الرابحين والخاسرين، أن يشكروا الشعب الجزائري، ويعترفوا بأنه هو الفائز في انتخابات أريد لها أن تكون غير عادية، لكن "يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".