اضطر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، إلى الاستماع لمدة ساعة كاملة لأشد الانتقادات على لسان رئيس المحكمة الدستورية هاشم كيليش، الذي يعد أبرز شخصية في البلاد بعد رئيس الجمهورية، وذلك على رغم صداقة كانت تجمع بينهما. وعلق أردوغان على كلام رئيس المحكمة الدستورية، قائلاً: "تلقيت طعنة بخنجر ممن كنت أظنه صديقاً"، من دون الإشارة مباشرة إلى كيليش، الذي اتهم رئيس الوزراء ب "فساد الضمير" بسبب محاولاته السيطرة على القضاء. وأتى كلام كبير القضاة بعدما اتهمه أردوغان بممارسة عمل سياسي ومحاباة المعارضة. وقال كيليش إن اتهامات الحكومة "جوفاء ولا أساس لها". وخيّم صمت وذهول على قاعة الاحتفالات في المحكمة الدستورية، فيما كان الحضور، وفي مقدمهم الرئيس عبدالله غول وأردوغان وعدد من الوزراء والزعماء السياسيين، يستمع إلى خطاب كيليش لمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لتأسيس المحكمة. وبدا أردوغان متجهماً وهو يفرك يديه من وقت لآخر ويحدث نائبه وزير الاقتصاد علي باباجان الذي جلس إلى جانبه، قبل أن يغادر بعد انتهاء الخطاب الناري من دون أن يصفق، معتذراً عن عدم حضور بقية فقرات المناسبة. واعتبر كيليش في خطابه أن إجراء الحكومة مناقلات وتعديلات كبيرة في صفوف القضاء والأمن بحجة وجود أتباع لرجل الدين فتح الله غولن، "أمر زرع الفتنة والفرقة بين رجال المؤسسة الواحدة ومنع التعاون بينهم والثقة، وأضر بالقضاء، وذلك من دون تقديم دليل ملموس على وجود تنظيم داخل القضاء كما تدعي الحكومة، أو التعامل مع هذا الاتهام بشكل يليق بدولة قانون". وانتقد كيليش سعي الحكومة إلى تعديل القوانين ل"مصالح سياسية ضيقة دون مراعاة المصلحة العامة"، وقال "إن ارتفاعاً كبيرة طرأ في السنتين الأخيرتين على عدد المتقدمين إلى المحكمة الدستورية بتظلمات، 70 في المئة منها يشير إلى عدم عدالة المحاكم، وهذا دليل على المستوى الذي هبطت إليه نظرة المواطن إلى القضاء في تركيا". واحتد كيليش وهو يدافع عن قرار محكمته رفع حظر حكومي عن موقع "تويتر"، وهو القرار الذي قال أردوغان إنه "غير وطني ولن يحترمه". وأشار رئيس المحكمة الدستورية إلى أن قرارها "كان ضرورياً لإبراز تجاوز الحكومة الحريات العامة، لأن القانون يضع حدوداً لصلاحيات المسؤولين ويحمي المواطن من تصرفاتهم المزاجية". وأكد كيليش أن المحكمة الدستورية هي الضامن لحقوق الإنسان وكرامة المواطن في البلاد و"لن تستسلم لأي محاولة هيمنة أو سيطرة". وأضاف أن المحاكم في الدول الديموقراطية "لا تعمل بالأمر أو الدالّة، ولا يمكن المحكمة أن تقبل الخضوع لسيطرة أو هيمنة". كيليش الذي كان حمى "حزب العدالة والتنمية" الحاكم من الحل عام 2007، اختتم خطابه بتحذير الحكومة من أن "أسلوبها وتصريحاتها تزيدان التوتر والاستقطاب السياسي في الشارع ويحولان دون الحوار البناء أو استيعاب الآخر". وأيدت المعارضة خطاب كيليش، فيما اعتبره وزير العدل بكير بزداغ تعبيراً عن "ولادة حزب معارضة جديد اسمه المحكمة الدستورية".