تحدث الداعية الإسلامي الشيخ أحمد الغندور طرباي، في حوار حصري "للشروق أونلاين "، عن الأجواء التي تعيشها البرازيل في إطار التحضيرات الأخيرة للحدث العالمي الكروي "كأس العالم"، والتي ستكون أول وجهة لمشاهدي العالم ومنهم العالم العربي والإسلامي. وتطرق الغندور لعدة مواضيع منها الدعوية وحال الجالية المسلمة، كما قدّم نصائح الهدف منها توجيه وإرشاد المسلمين هناك ولم يتوانى في ذكر محاسن البرازيل حكومة وشعبا، بحكم أن الشيخ داعية وإمام خطيب في أكبر مؤسسة دينية بالبرازيل بل في أمريكا اللاتينية كلها.
البرازيل على موعد مع آلاف الأنصار العرب والمسلمين، الذين سينزلون ضيوفا على بلد لا يعرفونه إلا كرويا، هل يمكنك أن تعطينا لمحة عن الحالة الدينية في المجتمع البرازيلي؟ الشيخ أحمد الغندور طرباي: البرازيل دولة مسيحية من الطراز الأول لكنها دولة فيها حرية الاعتقاد، من أراد أن يكون مسيحيا أو يهوديا أو مسلما أو ملحدا فله الحرية، شرط أن لا تتعدى حريته حرية الآخر، إنها دولة لا ترد قادما إليها حتى وإن عاش بدون أوراق فيها، فهي دولة حريات بحق، يتمتع الإسلام والمسلمون فيها بكامل حريتهم فلا تضييق ولا اضطهاد.
يشاع كثيرا عن البرازيل الرسمية والشعبية أنها لا تحترم خصوصيات الأقليات المسلمة، وظهر ذلك جليا من خلال بث دعاية إباحية بمناسبة قرعة كأس العالم بلباس شبه عار، فما قولك؟ الشيخ أحمد الغندور طرباي: أنا هنا منذ 6 شهور فقط، وما أعلمه هو حرية الاعتقاد، لكن أبشر معي، هنا البلدية تعطي مساحة من الأرض لمن يريد إقامة مسجد أو معبد أو كنيسة.... الخ. فهم يتعاملون بقوانين الدولة التي تلزمهم بذلك، أولا وأخيرا نحن على يقين في قول ربنا "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم".
هل المجتمع البرازيلي محافظ أم منغلق على نفسه، بحيث ينظر بسلبية للآخر؟ الشيخ أحمد الغندور طرباي: لا، المجتمع البرازيلي مجتمع يتقبل الآخر جدا، يحب الضحك والمزاح والتحدث والصداقة مع الآخر، الشعب البرازيلي تشعر وكأنه الشعب المصري في أمور كثيرة، الضحك والمزاح وكثرة الكلام والتقبل للآخر.
المسلمون المتوجهون الأيام المقبلة إلى البرازيل يتساءلون عن إمكانية التزامهم بالشعائر الدينية والطعام الحلال في البلاد؟ إذا كان الجواب مطمئنا، فما هي "الخارطة الحلال" التي يمكن أن توجههم إليها؟ أقول للجالية القادمة إلى البرازيل كن داعيا إلى الله بأخلاقك وسلوكك، هنا المساجد.. هنا الذبح الحلال.. هنا وسائل النقل متاحة جدا للتنقل من بلد إلى آخر ومن مسجد إلى آخر.. معروف أن الإنسان في بلد جديد يواجه متاعب ومصاعب، لكن مع الوقت سيكون الأمر جيد، والجالية العربية هنا كثيرة وخصوصا من لبنانوسوريا، والتواصل مع الجالية يسهل كل شيء إن شاء الله، سوف تجد فيها الكثير من المعلومات أيضا، وستعلم أنه لا يمكن أن تدخل البرازيل دون أن تتمنى العودة إليها مرات ومرات.
أثير مؤخرا موضوع الجريمة في البرازيل، ما جعل الكثير من أنصار الفرق المشاركة بين متحفظ ورافض للتوجه خوفا على نفسه، فما مصداقية هذه الأخبار؟ عندما تنزل في مطار جوارليوس بولاية ساوباولو، من السهل جدا أن تذهب إلى مسجد غوارليوس أو مسجد صلاح الدين أو مسجد البرازيل، هذه أقرب المساجد لمطار جوارليوس بساوباولو، أين الأمن والأمان، أما الجريمة ففي كل مكان والتزام الحذر أفضل، لكن حقا أنا أرى الوضع جيدا وليس كما يشاع، ليست الجريمة بهذا الحجم.. البرازيل مثل أي دولة فيها الخير والشر، والإخوة القادمون من الأفضل أن يكونوا مجموعات مع بعضهم البعض، سواء في الفندق أو في الذهاب إلى الملاعب، أو في السياحة. كذلك لابد من عدم السعي وراء النساء فقد يكون هناك فخ بالوقوف أو الذهاب مع النساء البرازيليات.
هل هناك مبادرات من التنظيمات والجمعيات الدينية البرازيلية واللاتينية من أجل التقليل من انحراف الشباب نحو الجنس والإباحية، الذي يكثر في كل مناسبة كروية عالمية؟ فكيف بالبرازيل؟ مجلس الدعوة مع بعض الروابط الإسلامية والدعوية يقومون بحملات توعية ودعوية من أجل الحفاظ على الشباب المسلم وتوعيته حتى لا يقع في المخالفات الشرعية، ولكن نعترف بالتقصير في التوعية ولابد لنا من جهد أفضل.
هل لديكم تواصل مع سفارات وقنصليات الدول الإسلامية في سبيل التنسيق لاستقبال الأنصار، خاصة وأن ذلك يتزامن مع دخول شهر رمضان في الدور الثاني من المباريات؟ نعم، ولكن رئيس المجلس هنا للدعوة والإرشاد وهو الشيخ خالد تقي الدين، هو القائم بهذا الأمر والأعضاء في المجلس المختص بشؤون الدعوة والتنسيق مع القنصليات وكل ما يهم أمور المسلمين، وهذا أمر ليس بالهين لكن بتوفيق الله نستطيع.
أيمكن أن نجد مثلا إفطارا جماعيا وأماكن مخصصة لصلاة التراويح؟ وهل أنتم مستبشرون بمن سيتوجهون إلى هناك، بأنهم سيلتزمون بشعائرهم الدينية خاصة الصوم والصلاة؟ نعم كل هذا موجود في كل مسجد ومركز إسلامي، ونحن بدورنا في مسجد صلاح الدين في ولاية ساو باولو. خصصنا كل ما يخص شهر رمضان من إفطار وتلاوة قرآن وأداء التراويح، فضلا عن برنامج دعوي خاص بالمناسبة تزامنا مع شهر الرحمة والغفران شهر رمضان الكريم.
في إطار التنسيق دائما، هل حاولتم التقرب من السلطات البرازيلية لإعداد قوائم بالفنادق والمطاعم والأماكن الأكثر تفهما لخصوصيات الأقليات في البلاد؟ القادمون إلى هنا في كأس العالم كل واحد يقوم بحق نفسه في هذا المجال من فندق ومصروفات ووقت إقامته في البرازيل، لكن بالنسبة للعلماء والدعاة القادمين للدعوة يقوم المركز الإسلامي بتوفير كل شيء لهم من حجز الطيران والفندق والطعام والشراب وكل مستلزمات الحياة، هذا للعلماء والدعاة وقراء القرآن الكريم.
بالنسبة للغة المستعملة، الكثير من الجزائريين يتخوفون من قلة التواصل مع المجتمع البرازيلي بسبب شبه انعدام العربية والفرنسية في البلاد، فضلا عن انعدام الأمازيغية ؟ فما هي الطريقة الناجعة لتجاوز هذه العقبة؟ هو أن يكونوا مجموعات كما وضحت لك من قبل، ويكون مع كل مجموعة مترجم، والآن التقنيات الحديثة من إنترنت وترجمة تساعد على حل هذه المشكلة.
هل أثرت الحملة الأمريكية على ما يسمى الإرهاب على صورة المسلمين في بلد لا يعرف عن الإسلام إلا النادر؟ ما قد يشكل خطرا على من تظهر عليه مظاهر التدين كاللحية والحجاب؟ الحرب على الإسلام منذ أن نشأ وإلى أن تقوم الساعة، لكن هناك فرق بين مجتمع يسمع للإعلام فقط وبين مجتمع يرى واقعا عمليا على الأرض، لذلك ننصح الإخوة من الجالية العربية والإسلامية بإعطاء صورة جيدة عن الإسلام وتكذيب الادعاءات الأمريكية وغيرها، والحقيقة هنا الشعب البرازيلي شعب طيب يتقبل الآخر.
نددت رئيسة البرازيل بالانقلاب على الشرعية في مصر، هل يمكن أن نستخلص متابعة ومعرفة رسمية برازيلية لأوضاع الشرق الأوسط والمسلمين؟ سياسة البرازيل تختلف عن السياسة الأمريكية والأوربية، هنا الدولة البرازيلية تعتبر ما حدث في مصر انقلابا عسكريا، وكذلك لا يعجبها الوضع في سوريا، لذلك فتحت الباب للسوريين والمصريين وفتحت لهم باب الإقامة واللجوء وتوفير كل ما يلزمهم من مستندات وخدمات صحية.
الجزائر وإيران ومعهما البوسنة سيشاركون في المونديال، هل يتمنى مسلمو البرازيل تأهل فرق هذه الدول للدور الثاني؟ البرازيليون هنا، مسلمين وغير مسلمين، لديهم عشق لبلدهم ومنتخب بلادهم، فكل همهم وتشجيعهم لمنتخب بلادهم، لكن نرى بعض المسلمين هنا متعاطفون مع الفرق العربية أو التي تنتمي للإسلام، لكن عندهم في المرتبة الأولى دولتهم البرازيل.
الجمعيات التبشيرية تنشط بكثرة في هذه المناسبات، فما الذي أعددتموه كجمعيات إسلامية أولا للتصدي لحملات التبشير، و ثانيا لدعوة الناس للإسلام؟ كما ذكرت لك في بداية الحوار، مجلس الدعوة بالاشتراك مع الهيئات والمؤسسات الدعوية في دول الخليج والدول العربية أعدوا خطة وحملة مكونة من عدد من الدعاة والشباب المسلم وكذلك الكتب التي تتحدث عن الإسلام بكل اللغات وتوزيعها، وأيضا السيارة الدعوية التي تتجول، لنشر الدعوة وتوزيع أقراص مضغوطة وكتيبات للتعريف بالإسلام وإبراز مزايا دعوة الإسلام من التوحيد وعبادة الله وحده وحق النساء وحق الجار وحق الأسرة والدعوة إلى نبذ العنف والدعوة إلى السلام وغيرها. وفي الأخير، تمنياتي بالنجاح للمنتخب الوطني الجزائري وأن يمثل الدول العربية والإسلامية أحسن تمثيل.