سالم زواوي الرؤساء الأمريكيون ينتظرون دائما نهاية عهداتهم الرئاسية، عندما تنتهي صلاحياتهم، ليتحركوا باتجاه القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المداسة تحت أقدام الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الصهاينة، والرئيس جورج بوش لم يشذ عن هذه القاعدة، فجاء إلى فلسطين ومنطقة الخليج ليوثق الوصايا الأمريكية التقليدية للرئيس القادم ويذكر الشعب الأمريكي واليهود والعالم بالسياسة الأمريكية الثابتة في المنطقة وهي حماية الدولة العبرية وضمان أمنها المطلق، سواء كانت "ظالمة أو مظلومة" قبل الحديث المائع عن الحقوق الفلسطينية والعربية والتلويح ببعض أوهام الحلول. الرئيس بوش زاد هذه المرة على رزنامة السياسة الأمريكية في المنطقة "الخطر الإيراني"، ليس فقط على المصالح الأمريكية وعلى الدولة العبرية، لكن أيضا على وجود دول الخليج وضرورة قيام تحالف عربي وإسرائيلي أمريكي ضد هذا الخطر. فبالنسبة للقضية الفلسطينية جاء الرئيس بوش ليمرر نفس الخطاب الإسرائيلي المتداول منذ اتفاقيات أوسلو، وهو أن أي تنازل إسرائيلي، بل وأن دخول إسرائيل في أي مفاوضات مع الفلسطينيين على أساس ما اتفق عليه مؤخرا في أنابوليس بأمريكا، يبقى مرهونا بإلقاء المقاومة الفلسطينية للسلاح، باعتبارها عملا إرهابيا، وذهب في تبنيه للمواقف الإسرائيلية إلى حد السطو العلني على حقوق اللاجئين الفلسطينيين باقتراح تعويضهم عن حق العودة إلى أرضهم بالمقابل المادي وهذا موقف فريد من نوعه في التاريخ الذي لم يشهد في أي حقبة وفي أي بلد تعويض اللاجئين عن وطنهم مهما كانت أسباب الهجرة واللجوء. هذا، في مقابل توزيع بعض الأوهام على الفلسطينيين مثل قيام الدولة الفلسطينية المزعومة والتي ترفضها إسرائيل من الأساس ولا تريد دولة موازية أو منافسة للدولة العربية على أرض فلسطين، وعندما يقول الرئيس بوش بمناسبة هذه الزيارة بالذات إن الأممالمتحدة قد فشلت تماما في إيجاد حل للقضية الفلسطينية، فإنه يقدم لاستبعاد المجتمع الدولي من عملية البحث عن حل أو أي مبادرة أممية مستقبلية، كما سيؤدي ذلك حتما إلى عدم اعتبار اللوائح الأممية وقرارات مجلس الأمن السابقة لاغية في المساعي المستقبلية، وبالتالي ترك أمر أي حل لإسرائيل وأمريكا دون غيرهما. وبناء على ما سبق، فإنه لا مفر من أن تكون لزيارة الرئيس بوش نتيجتان أساسيتان على الأقل على المدى المنظور: - دخول الشعب الفلسطيني في فترة جديدة من الاقتتال والحرب الأهلية، مادامت السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس مكلفة رسميا من طرف الرئيس بوش بالمهمة القذرة المتمثلة في نزع سلاح المقاومة وإخضاعها للإرادة الإسرائيلية، وما سينجر عن ذلك من تفاقم للخلافات والصراعات الداخلية بين فصائل المقاومة ومنظمة فتح العميلة لإسرائيل. - فتح الصراع رسميا بين بلدان الخليج وإيران حول ما يسمى ببرنامج إيران النووي وخطره المزعوم على الدول العربية، وفي كلتا الحالتين ستكون إسرائيل هي المستفيد الوحيد على الأقل بالنسبة لسياستها الأمنية المنشودة.