هل يحق للفلسطينيين أن يأملوا خيرا من زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش والتي تحاول الإدارة الأمريكية إحاطتها بهالة إعلامية وكأنها زيارة خلاص الشعب الفلسطيني من انعكاسات الاحتلال التي طبعت يومياتهم منذ إقامة هذا الكيان فوق أراضيه؟ويجد هذا التساؤل مبرراته الموضوعية من منطلق أنها ليست الزيارة الأولى لرئيس أمريكي إلى المنطقة وزرع طريق السلام بالورود..... كما أن وعود الرئيس جورج بوش باحقاق الحق الفلسطيني المهضوم لم تكن هي الأولى من نوعها يتعهد بها رئيس أمريكي قبل أن ينكث وعده بسبب حسابات ضيقة وضغوط اللوبي الصهيوني على دوائر صناعة القرار الأمريكي سواء تحت مظلة الجمهوريين أو الديمقراطيين على السواء· وبالاضافة الى ذلك فان طرح هذا التساؤل فرض نفسه وخاصة وأن التحرك الأمريكي جاء متأخرا في سياقه الزمني ولم يبق أمام الرئيس جورج بوش أقل من عام للايفاء بتعهداته في قضية هي من أعقد القضايا الدولية على الاطلاق·كما أنه لو كان في نية الادارة الأمريكية الحالية انهاء الصراع العربي الإسرائيلي لكان الرئيس بوش شرع في مسعاه خلال السنوات الأولى من عهدته وليس عندما أصبح يعد أيامه من المكتب البيضاوي وعندما تهاوت شعبيته إلى أدنى مستوياتها ولم يسبق لرئيس امريكي آخر أن بلغها بمن فيهم الرئيس ريتشارد نيكسون في عزّ حرب فيتنام· والأكثر من ذلك أن الرئيس جورج بوش لم يخصص زيارته فقط لمسألة تسوية الصراع في الشرق الأوسط وحصر زيارته لبعض دول المنطقة بمايؤكد عزم واشنطن على إنهاء هذا الصراع والسماح باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ولكن الرقم الأول الأمريكي جعل توقفه في المنطقة مجرد محطة ضمن جولة مكوكية إلى عدة عواصم حتى في أقصى القارة الآسيوية· وأعطى ذلك لزيارة الرئيس جورج بوش صبغة برتوكولية الى درجة أنها دفعت الى الإعتقاد بأنها زيارة وداع يقوم بها وقد قاربت عهدته على الانتهاء· وتقاطعت هذه المعطيات مع التصريحات الأخيرة لرئيس الإدارة الأمريكي نفسه وسبقت جولته وجاءت مهادنة ولم تتضمن الحزم اللازم ضد المواقف الاسرائيلية وخاصة بعد قرار حكومة إيهود اولمرت بتوسيع مستوطنات ضخمة في الضفة الغربية ·وبدلا من أن يشجب هذا القرار والمطالبة بوقفه وإلغائه فضل الرئيس جورج بوش الاكتفاء بحث الحكومة الاسرائيلية بوقف المستوطنات العشوائية التي ما كان ليثير قضيتها من منطلق أن صفتها تكفي لازالتها وماكان تدرج في المفاوضات مع الفلسطين من أصلها· وتكون المواقف الأمريكية المهادنة باتجاه العقبات التي ما انفكت ادارة الاحتلال تضعها في طريق المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، هي التي جعلت رئيس الوزراء الاسرائيلي يكررفي كل مرة أن ثقته كبيرة في الرئيس الأمريكي وتأييده لمواقف حكومته بخصوص قضايا الوضع النهائي التي رفضت اسرائيل تسويتها وفق ماطالبت بذلك اللجنة الرباعية ومؤتمر أنابوليس للسلام· وهو الانحياز الأمريكي المعروف على كل الادارات الأمريكية جمهورية كانت او ديمقراطية إلى جانب اسرائيل وجعلت حكومتها تؤكد أنها ستواصل توسيع مستوطناتها حتى وإن طالب الفلسطينيون بوقفها كشرط مسبق للجلوس إلى طاولة المفاوضات واذا كان الاسرائيليون ومعهم الادارة الأمريكية يريدون فعلا تحقيق السلام المفقود بقوة النار المفروضة على الفلسطينيين منذ أسابيع في الضفة والقطاع·ورغم علمه بالتأثير السلبي لعمليات تقتيل الفلسطينيين على صدق مسعاه في تحقيق السلام فانه لم يحرك ساكنا لنهر صديقه أولمرت لوقف حمام الدم المسال في الأرض الفلسطينية· وتلك هي مشكلة الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي افتقدت لإرادة حقيقية لإنهاء الصراع وأبقت الفلسطينيين وكل العرب تحت رحمة آلة الحرب الاسرائيلية في نفس الوقت الذي منحت فيه كامل حمايتها العسكرية والديبلوماسية لإسرائيل ومنعت حتى إدانتها بلائحة أممية!؟