كشف معتقل سوداني، أفرج عنه منذ أسابيع، أن الجزائريين المحتجزين بمعتقل غوانتنامو يعيشون ظروفا نفسية سيئة، لاسيما بعد غموض مسألة ترحيلهم من قبل السلطات الأمريكية إلى الجزائر أو بلدان أخرى. وكشف عادل حسن حَمد في تصريح خاص ل "الشروق"، أن إحجام الجزائر عن استقبال معتقليها جعلهم يعيشون إحباطا نفسيا كبيرا، خاصة وأن أربعة منهم تم تجهيزهم من طرف السلطات الأمريكية لترحيلهم إلى الجزائر، وتم استكمال جميع الإجراءات اللازمة لذلك، بما في ذلك إجراءات توقيع استمارات تحظر عليهم المشاركة في أي نشاط معادٍ لأمريكا أو الانضمام إلى أي حزب يحمل "قناعات معادية"، إلى درجة أن المعتقلين الآخرين أقاموا لهم "حفلة وداع"، إلا أن إدارة السجن أوقفت المسار وأبقتهم في زنازينهم، وسط تساؤل المعتقلين عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا التغير في الموقف، وربطه باحتمال رفض الجزائر استلامهم بعدما أبدت موافقة مسبقة على ذلك. وحسب شهادة عادل حسن، فإن هناك بعض الجزائريين الذين يعانون من أمراض مزمنة، ومن بينهم سجين يعاني من عدة أمراض مزمنة كالسكري وارتفاع الضغط الدموي والصداع النصفي، وهو مع ذلك يعاني من ضعف عام، وكان من المفروض أن يتم ترحيله إلى الجزائر قبل المسعى بدون تقديم أي تفسيرات. وذكر المعتقل السوداني ل"الشروق" كنموذج وضع السجين الجزائري القابع في الزنزانة رقم 939، واسمه عامر معمّر، وهو من ولاية الأغواط ويتجاوز سنه الأربعين، وقد أعطي صفة اللجوء في بيشاور بباكستان، قبل أن يُسلم إلى القوات الأمريكية التي حولته إلى معتقل غوانتنامو، كاشفا أنه ينتظر بشغف قرار الإفراج عنه للعودة إلى الجزائر. وأوضح عادل حسن حَمَد، المتواجد حاليا بالسودان بعد ترحيله من الخليج الكوبي، أن الوفد الجزائري الذي زار الجزائريين في المعتقل أبدى نية صادقة في تسوية وضعيتهم وقدموا لهم وعودا حسنة، وأوضحوا لهم أنهم سيعاملون معاملة كريمة في الجزائر، كما أنه سيتم إطلاق سراح كل من لم يكن متابعا قضائيا في الجزائر، وكشف أن المعتقلين الجزائريين استبشروا خيرا من الرفض الأولي لاستلامهم بشروط أمريكية، على عكس ما قامت به بعض الدول العربية التي رضخت لشروط الإدارة الأمريكية، ورأوا في ذلك دليلا على مصداقية الحكومة الجزائرية التي حافظت على مبدأ سيادتها، وفي الوقت ذاته لا يريدون أن يكونوا ورقة ضغط تُستعمل ضد الجزائر، لكن يريدون بالمقابل أن لا يبقوا رهينة التجاذبات التي تعطل عملية "إنقاذهم" من السجن الأمريكي، ويأملون في أن تقوم الجزائر بتحركات مكثفة لاستلامهم في أقرب الأوقات، مع الإشارة إلى أن السفير الأمريكي أوضح أن أمريكا مستعدة الآن لترحيل الجزائريين المعتقلين دون شروط. وفي السياق ذاته، يزداد قلق الجزائريين من تأخر عملية ترحيلهم بعدما تقلص عدد السجناء فيه، فالأفغانيون المعتقلون مثلا تقلص عددهم من 200 معتقل إلى 20، والسعوديون من 150 معتقل إلى 9 معتقلين، في حين بقيت أعداد كبيرة من المعتقلين اليمنيين، ليأتي الجزائريون في المرتبة الثانية من حيث عدد المسجونين، حيث يبلغ عددهم الرسمي 25 فردا. ولا يرفض المعتقلون الجزائريون في مجملهم العودة إلى الجزائر، باستثناء بعض المقيمين في البوسنة رفقة عائلاتهم، فهم يفضلون العودة إلى البوسنة نظرا لظروف عائلية تتعلق بوضع زوجاتهم وأبنائهم الذين استقروا واندمجوا في المدارس البوسنية، ما يصعب عملية زعزعة مسارهم الدراسي في حالة ما إذا فضلوا الاستقرار بالجزائر، رغم أن بعضهم أبدى بعض التخوفات بعد العمليات الإرهابية التي أصابت الجزائر وخلفت صدى دوليا كبيرا، وكذا تقارير المنظمات الحقوقية غير الحكومية التي تتحدث عن تدهور حقوق الإنسان في الجزائر. ولم يُغفل المعتقل السوداني الكشف عن حقيقة الوضع بمعتقل غوانتنامو بعد الانفتاح النسبي الذي اضطرت إليه أمريكا تزامنا مع الضجة الإعلامية والقانونية منذ افتتاحه، حيث اعتبر أن الأمريكيين يستغلون السجن السادس كواجهة إعلامية، في حين تبقى السجون الأخرى بؤرة للتعذيب والتجاوزات. مصطفى فرحات