تتحدث الروائية والشاعرة ربيعة جلطي عن عوالم الكتابة لديها وأحلام المجتمعات العربية والجزائر في كتابها الجديد "النبية تتجلى في وضح الليل"، الصادر عن منشورات "الاختلاف" الجزائرية، و"ضفاف" اللبنانية، حيث تعتقد في دردشة جمعتها مع "الشروق اليومي" بأنّ طريقة كتابة هذا العمل فريدة من نوعها، لأنّها تمزج بين الشعر والنثر للتعبير عن مختلف هواجس الإنسان وراهن العام العربي. توقعين بصالون الكتاب الدولي ال19 مجموعتك الشعرية الحديثة التي وسمتها ب"النبية تتجلى في وضح الليل"، ماذا تحكي في صفحاتها؟ كتاب "النبية تتجلى في وضح الليل"، ديوان شعري في فلسفة الأيام يجمع بين السرد والشعر لكي تكتمل الحكاية، لأنني بكلّ صراحة في حكاية "النبية" التي اخترها عنوانا للعمل، لم أستسغ أن يكون شعرا لوحده ولم أستسغ أن يكون نثرا لوحده، ففضلت المزج والجمع بين اللونين والمزاوجة بين المادتين اللتين أراهما مهمتين، من اجل التعبير عن المحتوى وإيصال الرسالة، حيث يمنحني هذا المزج الذي اعتمدته حرية تامة وواسعة أتمكن بها من الدخول إلى أعماق المعنى وعوالم الكتابة من خلال التواصل الذي يعتبر خيط حكاية "النبية" التي تتحرك في المجتمع العربي الذي كما تراه مليئا بالخرقة وبالعنف وباللاعدل.
ماذا تقصدين باختيارك لعبارة "النبية تتجلى في وضح الليل" أو ما مدلولها في الواقع؟ بالنسبة لي في هذا العمل فإنّ كلمة "النبية" مخلوق ليس بإنسان وليس بملاك، هو مخلوق يقترب من الإنسان كثيرا حتى يكاد أن يكون إنسانا يشعر ويحس بما يحس به الإنسان أو بمعنى آخر ما يؤلمه ويأمله الفرد في المجتمعات سواء العربية أو الأجنبية، كما يقترب ويدنو من جهة أخرى من ملائكيته لدرجة أنّك تشعر أنّه ملاك بكل المقاييس، قريب من الحلم.
"نبيتك" التي تتجلى في وضح الليل، ماذا تريد أن تقول؟ بطبيعة الحال، من خلال ما ذكرت سابقا فإنّ "النبية" هي التي تنبئ بالأخبار وبأشياء مختلفة وكثيرة لا يراها أحد، تريد أن تكشف صورا وأشكالا متعددة تحدث في الحياة وتسيطر على واقعنا الاجتماعي فتبوح وتنبئ بالحب والعنف والكراهية وتنقل خبايا ومعاناة الأمومة، كما تصور السفر والرحلات وبالمعنى العام تحاول إماطة اللثام عن كلّ الأشياء التي يعيشها كلّ واحد فينا في هذه الحياة المليئة بالمتناقضات.
على ضوء ذكرك للعنف والكراهية المنتشرة اليوم في أوساط المجتمعات الإنسانية، أكانت المجموعة الشعرية منطلقة من ثورات الربيع العربي التي ألقت بعواقبها الوخيمة على الأمّهات والطفولة والشباب وغيره؟ أجل، أعتبرها إسقاطا على ثورات ما أطلق عليه ب"الربيع العربي"، الذي أتى على الأخضر واليابس فشردّ الإنسان ودمرّ البيوت وزرع الفتنة والكراهية والأحقاد بين أفراد العالم العربي، بذلك لا يمكن للشاعر أو الكاتب أو الروائي أن ينتج عملا من دون أن يعود لبيئته ومجتمعه وواقعه المليء بالأحداث والتطورات الساخنة كل يوم، وبالنسبة لي فإنّي أسعى لأن أؤرخ للواقع الذي نعيشه وحتّى المخيال يتغذى من الحدث والراهن، فمن المستحيل إذن أن تتحدث وتصور العشق وأنت فوق سحابة بيضاء أو زرقاء أو سوداء طائرة، كونك مصفوفا داخل مجتمع معين، فأنت كبرت فيه، فحتى لو تتحدث عن الحب أو الشوق فإنّك ستظلّ موجودا ومربوطا بخيوط سرّية مع مجتمعك بكلّ ما يحمله من تناقضات وايجابيات وسلبيات.
لو نعد إلى العنوان، ألا ترين بأنّه يحمل من الإثارة ما يكفي لأنّ يطرح الجدل في الأوساط الثقافية ولدى القراء؟ وهل الإثارة مقصودة؟
أنا أشكرك على انتباهك إذا كان مثيرا، وفعلا هو كذلكّ، لأنني كنت وفية للقالب الذي أردت به أن يكون، وعنوان "النبية تتجلى في وضح الليل"، كنت أعتقد بخصوصه أنه لن يكون لهذا الكتاب أو هذه المجموعة الشعرية عنوان آخر غير العنوان المختار لها.