برأت محكمة جنايات القاهرة أمس السبت في حكم نهائي الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته وآخرين من كل التهم الموجهة إليهم، والتي تشمل قتل المتظاهرين في ثورة يناير 2011، والفساد المالي. وتلا القاضي محمود الرشيدي في ختام جلسة بأكاديمية الشرطة بالقاهرة ملخصا للأحكام الصادرة لصالح مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي بعد ما هدد بمعاقبة كل من يبدي رد فعل على الأحكام. وقال القاضي الرشيدي إن المحكمة قضت في حق مبارك حضوريا بعدم جواز النظر في الدعوى التي رفعت ضده، وأسقطت عنه تهمة الاتفاق في جرائم القتل العمد مع سابق الإضمار، والشروع في القتل، واعتبر أنه ما كان ينبغي محاكمة مبارك جنائيا في قضايا سياسية. يشار إلى أن الدعوى التي رفعت ضد مبارك غطت الفترة من 1 يناير 2011 إلى نهاية الشهر نفسه، وهي المدة التي سقط فيها 239 قتيل في عشر محافظات مصرية وفقا للقاضي. كما أسقطت المحكمة عن مبارك ونجليه تهمة التربح في قضية قبولهم خمس فيلات من رجل الأعمال الهارب حسين سالم "لانقضاء أجل الدعوى"، وبرأته كذلك من تهمة التربح بالاشتراك مع وزير البترول السابق سامح فهمي من بيع الغاز الطبيعي لإسرائيل. وبالنسبة لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ومساعديه الستّة فقد برأتهم المحكمة أيضا من تهمة القتل العمد مع سابق الإضمار. يذكر أن القاضي محمود الرشيدي دعا السلطات إلى الإسراع بتقديم التعويضات للمتظاهرين الذين قتلوا أو أصيبوا خلال ثورة يناير. ووصف الرشيدي أثناء تلاوته مقتطفات من الأحكام مظاهرات 30 جوان العام الماضي والتي مهدت للانقلاب على الرئيس محمد مرسي، بأنها "ثورة شعبية ثانية". وعقدت الجلسة وسط إجراءات أمن مشددة في أكاديمية الشرطة بالقاهرة برئاسة المستشار محمود الرشيدي، وعضوية المستشارين إسماعيل عوض ووجدي عبد المنعم رئيسي المحكمة. وحضر عدد قليل من أعضاء حملة "أنا آسف يا ريس" المؤيدة لمبارك أمام أكاديمية الشرطة، مشيرا إلى أن إجراءات الأمن داخل المقر وخارجه مشددة. وكان القضاء المصري قد حكم على مبارك بالمؤبد بعد ما أدانه في قضايا تتعلق بقتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير 2011، إلا أنه تم نقض الحكم مطلع عام 2013 لتعاد المحاكمة من جديد. وأكد الرّئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك والحاصل على حكم البراءة من القضية المعروفة إعلاميا بقضية القرن في تصريحات تليفزيونية له "لم أعط تعليمات بقتل المتظاهرين على الإطلاق". وأشار مبارك في اتصال هاتفي مع الإعلامي أحمد موسى "كنت أنتظر الحكم بثقة كاملة في الله وبراءتي". وقال مبارك من مقر إقامته في مستشفى المعادي العسكري "آخر عشر سنوات في حكمي كانت نتيجة للعشرين السنة الماضية". وبعد حكم المحكمة انفجرت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات عليها خصوصا أنها جاءت في ظرف حرج تمر به مصر، وهناك من اعتبر تبرئة مبارك وأركان حكمه بمثابة رصاصة الرحمة على بقايا ثورة 25 يناير. ويأتي الحكم بعد يوم واحد من المظاهرات التي دعا إليها السلفيون وجندت لها السلطات الرسمية عددا غير مسبوق من قوات الأمن والجيش مما جعل البعض يتهم الداعين لمظاهرات الجمعة بأنها تمهيد لأحكام البراءة الصادرة أمس بدليل أن ميادين القاهرة كلها تحت الحصار وبالتالي يستحيل خروج مظاهرات ضد الحكم القضائي ببراءة مبارك وأركان حكمه.