يجتمع في الجزائر يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين، خبراء سامون من الحكومات والبرلمانات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في ندوة حول التخلي عن عقوبة الإعدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويشارك في الندوة التي ينظمها مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالتعاون مع اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان في الجزائر، نشطاء من المجتمع المدني وجامعيون وعلماء دين وممثلون عن منظمات إقليمية ذات الصلة بالإضافة إلى خبراء دوليين من هيئات المعاهدات ومن مؤسسات إقليمية ودولية في مجال حقوق الإنسان. وتهدف الندوة – حسب منظميها - إلى "إيجاد مساحة للحوار بين خبراء محليين، إقليميين ودوليين حول سبل التخلي عن عقوبة الإعدام في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومن بينها الجزائر والاستفادة من المبادرات والتطورات الرامية إلى تعليق العمل بأحكام الإعدام". وترمي إلى "تبادل وجهات النظر حول سبل تعميم الضمانات الدولية لحماية الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام على دول المنطقة، بما في ذلك تقييد العمل بهذه العقوبة للجرائم الأكثر خطورة أو إنفاذ الحق في ذلك العفو واستخدام العقوبات البديلة". وسيعكف المشاركون كذلك على "التفكير في ملامح استراتيجية إقليمية قصد التخلي عن عقوبة الإعدام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك مقترحات عملية في مجال الإصلاحات القانونية". وستساهم نتائج الندوة في "دعم مجهودات الحكومات وأصحاب المصالح الآخرين، بمن في ذلك منظمات المجتمع المدني، حتى تتخذ خطوات في سبيل التخلي عن عقوبة الإعدام في المنطقة، سواء عبر فرض قيود على التنفيذ أو التقليص في عدد الجرائم التي تستوجب هذه العقوبة أو تطبيق المعايير الدولية في مجال حماية حقوق المحكوم عليهم بالإعدام". وحسب اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فإن العمل بعقوبة الإعدام "قد تقلص في العالم بصورة جذرية منذ اعتماد أول قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة بتعليقها في 2007". وتنص المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "تكون عقوبة الإعدام استثناء للحق في الحياة يطبق جزاء أشد الجرائم خطورة في الدول التي لم تلغ هذه العقوبة". ومن ضمن ما ينص عليه العهد كذلك أن عقوبة الإعدام "لا يمكن أن تسلط على الأشخاص الذين لم يتجاوز سنهم 18 سنة، مع الاحترام الدقيق للإجراءات القانونية الواجبة واحترام حق المحكوم عليه بالإعدام في طلب العفو أو إبدال العقوبة". وتأتي الندوة استجابة لطلب لجنة حقوق الإنسان التابعة لهيئة الأممالمتحدة من اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، التابعة لرئاسة الجمهورية، تنظيم لقاء دولي يشارك فيه خبراء أجانب وجزائريون، فضلا عن متخصصين من كل شرائح المجتمع، من أجل البت في هذا الموضوع بصفة نهائية، وذلك في خطوة للوصول إلى مبتغى إلغاء هذه العقوبة معطلة التنفيذ منذ سنة 1993. وكان رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني قد عبر في تصريح صحفي سابق عن قناعته باستحالة إلغاء عقوبة الإعدام في الجزائر بصفة كلية، وأوضح بأنه "إذا لم نستطع إلغاءها، فعلى الأقل سنضغط من أجل التقليص منها، من خلال حصر إصدار هذه العقوبة على المتورطين في جرائم القتل العمد فقط، تماشيا مع الدفوع التي يرفعها علماء الدين لمعارضة الإلغاء، وهي دفوع مشروعة نابعة من الشريعة الإسلامية". وتصطدم رغبة المجتمع الدولي الساعية إلى الإلغاء، بضغط شعبي للعودة إلى تنفيذ عقوبة الإعدام المعلقة منذ 21 سنة مضت، وتسليط أقسى العقوبات الممكنة ضد المجرمين والقتلة. الشيء نفسه أكده وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح، مؤخرا، حين قال إن مسألة تطبيق حكم الإعدام في الجزائر تتطلب "نقاشا واسعا وموضوعيا" على مستوى مختلف فئات المجتمع بعيدا عن "المؤثرات الظرفية والقناعات المسبقة" حول الموضوع. وذكر الوزير أن قرار توقيف تنفيذ عقوبة الإعدام في الجزائر كان منذ سنة 1993، ولا يزال ساريا لأسباب وظروف "معروفة"، مشيرا إلى أن "العديد من الدول اتخذت هذا القرار رغم أن تشريعاتها تنص على عقوبة الإعدام". وقال لوح في رده عن سؤال شفوي بالمجلس الشعبي الوطني حول سبب مواصلة توقيف تطبيق الحكم بالإعدام بالجزائر منذ سنوات، خاصة مع تنامي ظاهرة الإجرام والاختطاف، إن المسألة هي ذات "أبعاد قانونية وسياسية واجتماعية وأخلاقية"، معتبرا أن موقف الجزائر في هذا الشأن يجب أن يكون "منسجما مع خصوصيات المجتمع التي صقلت على مر التاريخ بتجارب عديدة في هذا المجال". وتضغط الأحزاب الإسلامية الممثلة في البرلمان ضمن تكتل الجزائر الخضراء من أجل إعادة تفعيل تطبيق عقوبة الإعدام، إلى جانب إقامة الحد على السارق بقطع يده لكي يكون عبرة للآخرين طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية باعتبار أن هذه الجرائم والمخالفات هي خطايا وذنوب. ورفع التكتل مطالب بتطبيق القصاص وكذا إقامة الحد على السارق وإدخال هذه العقوبات كنصوص وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في مختلف الجرائم.