أوقفت وحدات الدرك الوطني 160 شخص، انتحلوا صفة ووظيفة إطارات سامية في الجيش والدرك، من بينهم نساء، للنصب والاحتيال على مواطنين، ومن ضحاياهم مقاولين ومسيري شركات خاصة مقابل تسوية أوضاعهم الاجتماعية والإدارية وعقد صفقات وهمية، وعرفت هذه الظاهرة تناميا لافتا في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث يلجأ الضحايا إلى "أصحاب النفوذ والسلطة" لحل مشاكلهم وتجاوز العراقيل الإدارية والبيروقراطية وهو ما استغله هؤلاء "الضباط المزيفون". *"جنرال مزيف" توسط للإفراج عن مهرب مخدرات و"كولونيل مزيف" لتوظيف بطالين أشارت دراسة أمنية حول ظاهرة انتحال الألقاب والوظائف، أعدتها الملازم الأول بوكرمة فريدة من خلية الاتصال بقيادة الدرك الوطني، متوفرة لدى "الشروق اليومي"، إلى بروز شكل جديد من الإجرام في السنوات الأخيرة على صلة بتطور الجريمة، وتوصل البحث إلى صعوبة التعرف بسهولة على الشخص الذي ينتحل هوية أو مهنة الغير، خاصة وأن مفهوم انتحال صفة، اسم أو وظيفة، امتد ليشمل عدة قطاعات حيوية ينتقيها الشخص المحتال لما تحققه له من مردود مادي على خلفية أن الهدف من هذه الجريمة هو الحصول على المال بالنصب والاحتيال. وبلغة الأرقام، كشفت الدراسة أن وحدات الدرك الوطني عالجت عدة قضايا انتحال وظيفة أغلبها وظائف عسكرية نظرا لامتيازات هذه المناصب، حيث تم خلال سنة 2006 معالجة 60 قضية انتحال صفة ووظيفة أسفرت عن توقيف 69 متورطا من بينهم 4 نساء، وبعد إحالتهم على العدالة تم إيداع 54 موقوفا الحبس فيما استفاد 15 آخر من الإفراج المؤقت ولفتت الدراسة الانتباه إلى تشديد العقوبات على المتورطين في هذا النوع من القضايا ومتابعتهم بتهمة النصب والاحتيال. كما أشارت إلى أن أغلب المتورطين هم بطالون بدون مهنة لجأوا إلى احتراف هذا النوع من الإجرام للحصول على المال مقابل موظفين عموميين، إضافة إلى أصحاب الوظائف الحرة. ومن بين الموقوفين أيضا طلبة جامعيون ومستخدمون، وبيّنت التحقيقات مع الموقوفين أن بعضهم يعانون من اضطرابات نفسية ناتجة عن حالات إحباط وعجز، وارتفع عدد القضايا المعالجة من طرف مصالح الدرك في هذا الإطار عام 2007 إلى 70 قضية تم بموجبها توقيف 81 متورطا أودع 76 منهم الحبس، وتم خلال شهري جانفي وفيفري من السنة الجارية توقيف 12 متورطا في انتحال صفة ومهنة من خلال معالجة 12 قضية. ومست الظاهرة العديد من ولايات الوطن، لكنها منتشرة بشكل لافت في المدن الكبرى، وتتصدر العاصمة قائمة الولايات التي شهدت معالجة أكبر عدد من القضايا تليها وهران غرب البلاد وبعدها سطيف شرقا، كما امتدت الظاهرة إلى ولايات بومرداس، تبسة، سيدي بلعباس، مستغانم، برج بوعريرج، غليزانتلمسان إلى غاية بشار. "كيف نواجه تنامي الظاهرة؟"، سؤال حاولت البحث فيه معدة الدراسة وتوصلت إلى أن قيادة الدرك الوطني تعتمد استراتيجية توعية المواطن بضرورة تسوية مشاكله أو قضاياه عن طريق الجهات الرسمية بعيدا عن الوساطات المشبوهة التي تستثمر في مشاكل الضحايا، إضافة إلى ضرورة التبليغ عن المشكوك فيه لأن عامل الوقت مهم لضبطه. وطرحت الدراسة نماذج عن أهم القضايا المعالجة مشيرة إلى اعتماد سيناريو من طرف المجرمين، واللافت أن هؤلاء لا ينتحلون صفة أقل من رتبة رائد في الجيش (...)، في محاولة لاصطياد الضحايا بطريقة سهلة، منها قضية عالجتها فصيلة الأبحاث بالمجموعة الولائية للدرك بولاية البليدة، نهاية جانفي الماضي، تتعلق باحتيال "عقيد مزيف" في الدرك الوطني، على صاحب شاحنة جر استولى على مبلغ 9 ملايين سنتيم و"رائد" آخر في الجيش تم توقيفه بعد ان حاول الإحتيال على تاجرة ببومرداس طلب منها مبلغ 120 ألف دج لتصليح سيارته وكان قد طلب ابنتها للزواج في وقت سابق لكسب ثقتها مما أثار شكوكها حول هويته الحقيقية وسبق ل"الشروق اليومي"، أن أشارت في عدد سابق، إلى توقيف مصالح الدرك الوطني بولاية تلمسان، لشخص انتحل صفة "ضابط سامي" في المخابرات بتلمسان وعد بتوظيف شباب في محجرة المنطقة، إضافة إلى ضابط سامي آخر بولاية قسنطينة انتحل صفة "جنرال" للتوسط للإفراج عن تاجر أقراص مهلوسة.