تمسّكت الحكومة المالية باتفاق الجزائر كحل لأزمة إقليم الأزواد، وعبّرت عن رفضها لأي مفاوضات خارج هذا الاتفاق الذي وقعت عليه باماكو وفصائل شمالية بالأحرف الأولى مطلع الشهر المنصرم، وتحفّظت عليه فصائل أخرى. وجاء هذا الموقف على لسان وزير المصالحة الوطنية في الحكومة المالية، المهدي ولد سيدي محمد، الذي أكد رفض باماكو لأي مفاوضات مع الحركات المعارضة في الشمال، خارج بنود الاتفاق الذي رعته الوساطة الجزائرية والدولية منذ ما يناهز السنة. وقال الوزير المالي في تصريحات من موريتانيا أوردها موقع "الجزيرة نت" إن "اتفاق الجزائر جاء متوازنا ويقدم كافة الضمانات لتنمية وأمن واستقرار محافظات شمال مالي، كما أنه يعطي السكان المحليين صلاحيات واسعة لتسيير شؤونهم عبر المجالس المنتخبة". وكانت ثلاث حركات أزوادية، أبرزها الحركة الوطنية لتحرير الأزواد، قد تحفظت على التوقيع بالأحرف الأولى، على اتفاق الجزائر، متحججة باستشارة سكان الأقاليم الشمالية لمالي، قبل أن تحسم أمرها في نهاية الشهر المنصرم، برفضها التوقيع والمطالبة بإدخال تعديلات على الاتفاق، غير أنها طمأنت بأنها لا تنوي التراجع عن التزاماتها، ولا ترفض الاتفاق بشكل نهائي. وقد أبانت الحكومة المالية عن ليونة في العودة للحوار مجددا، لكن بعيدا عن أي وساطة أجنبية، وهو ما عبّر عنه وزير المصالحة، الذي أشار إلى إمكانية الموافقة على إدخال بعض "التحسينات" على الاتفاق، في إطار حوار داخلي، وحدد الجوانب القابلة للتعديل في "النصوص المكمّلة للبنود الرئيسية المتعلقة بالأمن والتنمية وتسيير الشأن المحلي". أما الجهة الأخرى، ممثلة في الحركات الأزوادية الرافضة، فترى أن الاتفاق أغفل الاعتراف بإقليمهم كحقيقة جغرافية وسياسية، وبحق أهله في تسيير شؤونهم الأمنية والإدارية، وتشكيل برلمان موحد، فضلا عن مطالبتها بمنح مناصب سامية في الجيش المالي لإطارات من أبناء الشمال. ولا تزال الجزائر تأمل في قيادة الأطراف المالية المتنازعة إلى التوقيع على اتفاق السلم والمصالحة المؤجل، إذ سبق لها وأن استقبلت الرئيس المالي، إبراهيم أبو بكر كايتا، في زيارة دامت ثلاثة أيام، أكد خلالها تمسك بلاده باتفاق الجزائر. ولم تلبث الجزائر أن استقبلت بعد ذلك وفدا عن الحركات الأزوادية المتحفظة على الاتفاق، برئاسة بلال أغ الشريف، الرجل الأول في الحركة الوطنية لتحرير الأزواد. وبينما التزمت السلطات الجزائرية الصمت إزاء هذه الزيارة، أعلنت منسقية الحركات الأزوادية في بيان لها، عن توجه وفد عنها للجزائر، وقالت إن الزيارة تهدف إلى "إزالة العقبات الأخيرة أمام التوقيع بالأحرف الأولى والتوقيع النهائي على مشروع الاتفاق المنبثق عن مسار الجزائر". ويذكر البيان ذاته، أن المباحثات ستركز على نقاط التعديلات التي عبرت عنها منسقية الحركات الأزوادية وقدمتها لوفد الوساطة الأممية الموسع لدى زيارته منطقة كيدال بشمال مالي، بتاريخ 17 مارس 2015 وكذلك حول الخطوة التالية من المفاوضات حول مسار السلم.