الرئيس اعتمد على خبراء البنك الدولي لانتقاد ما فرضوه هم يوما على البلاد كشف، أمس، الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول، رئيس الجمعية الوطنية لتنمية اقتصاد السوق، أن الانتقادات التي وجهها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لطريقة إدارة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وملف خوصصة المؤسسات والشركات التابعة للدولة، جاءت بناء على نتائج التشخيص الدقيق الذي طلبه شخصيا من كبير خبراء البنك العالمي المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا. * *الرئيس طلب من خبراء البنك الدولي تشخيصا دقيقا للاقتصاد الجزائري * * وهو التقرير الذي جاء مناقضا تماما للمعطيات التي رفعت إلى رئيس الجمهورية بخصوص النتائج التي حققها برنامج النمو الأول الذي رصد له 7 ملايير دولار، وبرنامج تعزيز النمو الاقتصادي الذي وصلت قيمته نهاية 2007 إلى 180 مليار دولار. * وأكد الخبير الاقتصادي الدولي، في تصريحات للشروق اليومي، أن الدراسة التي استلمها رئيس الجمهورية من البنك العالمي شهر سبتمبر الماضي، أشارت إلى أن برنامج تعزيز النمو لن تكون له انعكاسات اقتصادية واجتماعية بالشكل الذي كان يتوقعه الرئيس، بسبب لجوء بعض الجهات المحلية إلى تضخيم الأرقام والفواتير والانجازات المحققة، والتغطية على السلبيات والعوائق في التسيير والتأخر في إنجاز البرامج، وهي الحقائق التي صدمت رئيس الجمهورية بعد الإطلاع عليها، مضيفا أن الأرقام التي تضمنتها الدراسة كانت مفاجئة جدا، وأصابت الرئيس بالذهول عندما اكتشف أن نسبة النمو الاقتصادي التي سجلتها الجزائر خلال الفترة بين 2000 و2004 التي عرفت تنفيذ مخطط نمو اقتصادي بقيمة 7 ملايير دولار، تجاوزت 4 بالمائة كمعدل سنوي، مقابل معدل نمو أقل من 2 بالمائة سنويا بين 2005 و2007 رغم وجود برنامج تعزيز النمو البالغة قيمته إلى نهاية 2007 أزيد من 180 مليار دولار. * وقال عبد الرحمان مبتول، إن أرقام التضخم والبطالة هي الأخرى من تنجو من التلاعب، كون الأرقام السنوية المعلنة من قبل الحكومة والديوان الوطني للإحصاء تتعارض جملة وتفصيلا مع الأرقام التي تضمنها التقرير الذي أشار إلى بلوغ نسبة تضخم 12 بالمائة خلال السنة الجارية، وهي ضعف النسبة المعلنة من قبل الحكومة، وبلوغ نسبة البطالة معدلا يفوق النسبة الرسمية بمرتين أي 22 بالمائة نهاية 2007 مقابل 14 بالمائة سنة 2006. * وقال عبد الرحمان مبتول، وهو الرئيس الأسبق للمجلس الوطني للخوصصة إن الحصيلة السلبية لمسار الخوصصة والسعي لدمج الجزائر ضمن الاقتصاد العالمي كان بسبب عدم تحديد الطاقم المشرف على العملية لطبيعة الأهداف التي تريد الجزائر تحقيقها من بيع مؤسساتها للأجانب بشكل واضح، إضافة إلى غياب سياسة اقتصادية واجتماعية واضحة نتج عنها ضبابية في تسيير ملف الخوصصة. * وأكد عبد الرحمان مبتول، وجود تجاوزات خطيرة في تسيير ملف الخوصصة على وزير القطاع تحمل تبعاتها، مضيفا أن تلك التجاوزات وصلت إلى درجة بيع المؤسسات التي تم خوصصتها لجهة ثالثة بدون طلب موافقة السلطات الجزائرية وما إذا كانت لا تعترض على بيع مؤسسات أنشئت بفضل التسهيلات الجبائية والضريبية الممنوحة للأجانب وقروض مضمونة من البنوك العمومية التابعة للدولة تجاوزت قيمتها 90 بالمائة من قيمة الاستثمار في حالات كثيرة. * وأضاف الدكتور لعميري أن الرئيس محق 100 بالمائة في انتقاده لسياسة الخوصصة وطريقة إدارة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مشيرا إلى ضرورة إلزام الشركات الأجنبية بالتصدير وتقاسم الأرباح مع الجزائر على غرار ما هو معمول به في كل البلدان، مع ضرورة المراجعة الفورية لقوانين الاستثمار وقوانين الخوصصة في الجزائر من طرف خبراء جزائريين مشهود لهم بالكفاءة. * ويرى الخبير الاقتصادي عبد الحق لعميري، أن الرئيس انتبه في الوقت المناسب للفخ الذي سقطت فيه الجزائر، والمتمثل في وجود شركات أجنبية تختفي وراء تحويل الأرباح من الجزائر، في حين أنها تحول أرباح ناتجة عن سيطرتها على حصص الشركات الوطنية لتنتقل إلى تصدير ناتج الثروة المحلية بدون أي جهد استثماري من طرف هذه الشركات الأجنبية التي تتوقع بلوغ الأموال التي تحوّلها إلى الخارج سنويا مستوى 10 ملايير دولار سنة 2010.