رحل عنا "صالح موهوبي" قبل سنتين في صمت مطبق ودون أي ضجيج يُذكر، مع أنّ الأمر يتعلق بجهبذ جزائري فذ في السياسة والاقتصاد والإستيراتجيا، رحل "موهوبي" عن 64 عاما بعد صراع مرير مع المرض، وانطفأت شمعة الرجل بعد عطاءات عبر تاريخه الطويل من رئاسة الجمهورية وعديد الوزارات، وصولا إلى المركز الإفريقي للدراسات المالية بدكار، فضلا عن كتابات وأبحاث غزيرة حرص من ورائها حتى في آخر أيامه على تشريح الراهن الجزائري وتقديم وصفات مجدية لمستقبل مشرق، ختمها بعبارته المدّوية:"الجزائريون أذكياء .. لا تنتقصوا منهم". حرصا من "الشروق أون لاين" على الوفاء لذاكرة الفقيد الكبير، وتدوين بعضا من إرثه النفيس، نقترح على القراء بواكير الفكر الاقتصادي والسياسي والاستراتيجي للراحل حتى لا يضيع رصيد هائل في الزحمة. أبرز موهوبي في وثائق تحوز "الشروق أون لاين" على نسخة منها، أنّ الجزائر رغم كل الذي بذلته من مضاعفة الرواتب والمنح وتسريع القروض، إلاّ أنّها لا تمتلك سلما اجتماعيا ولا استقرار رغم كل ما تمّ ولا يزال لأجل شراء هذا السلم، وذكر في آخر أيامه: "9 آلاف احتجاج كل عام، دليل على أنّ الجزائريين سئموا من التدهور وسوء التسيير"، مبرزا أنّ "الجزائريين أذكياء ولا يمكن الانتقاص منهم ، وكل من يعتقد غير ذلك فهو مخطئ". وأكّد الراحل أنّ رياح الفشل الصناعي تهب بقوة، وتفرض على الجزائر مراجعة سياسة ظلت متبّعة خلال العقد الأخير، وأفرزت ثالوث الوعاء المنكمش، الإنتاج المحتشم والصادرات الضعيفة. ورأى موهوبي أنّ توظيفا عقلانيا لمليارات الاستثمار الصناعي وعصرنة وسائل الإنتاج، سيمكّن من تحقيق نسبة نمو سنوية قدرها 10 بالمائة على الأقل، إذا ما جرى تأهيل المؤسسات الوطنية على الصعيد التكنولوجي وتحسين ولوجها الأسواق الدولية بشكل ملموس. وبخصوص البرنامج الرامي إلى تشجيع إنشاء مجمع تصدير في مجال الصناعات الغذائية، أكّد موهوبي على حتمية إنشاء مجمعات إنتاجية تتجاوز الدعم المسطّح لكل شيئ، واستنزاف 300 مليار دينار سنويا، وهي قيمة يجدر رصدها للاستثمار المنتج بدلا عن هذا العبث. ونبّه موهوبي إلى عواقب استمرار الوضع الاقتصادي بثوبه الحالي في الجزائر، حيث أبرز إنّ نظام دعم الأسعار والمواد الواسعة الاستهلاك في الجزائر "غير فعّال" ولا يستجيب للتطلعات بشكل سيبقي الاقتصاد الجزائري فاقدا لعمقه وعاجزا عن إحداث الوثبة المطلوبة. وتساءل موهوبي: "هل حللنا يوما الواقع ؟ ولماذا ندعم المواد الأساسية؟ للاعتقاد بأنّ الجزائري غير قادر على ضمان قوته، ذاك خطأ كبير، ما يقع تبديد صريح للمال العام ! ". وبلغة الأرقام، أوضح د/موهوبي عدم معقولية ما ظلّ يجري في الجزائر التي تنفق ما لا يقلّ عن ثلاثمائة مليار دينار على منظومة الدعم، وهو ما يشكّل ميزانية دولة إفريقية متوسطة، ورأى الفقيد بجدوى ضخّ الأموال المذكورة في دفع آلة الإنتاج الوطنية وإنعاش الزراعة والقطاعات المدرة للثروات ومناصب الشغل والقيمة المضافة. مبدأ الكسب لا المنح استهجن الأستاذ السابق للاقتصاد بجامعة الجزائر، ظاهرة دعم أسعار المواد الواسعة الاستهلاك، وما يتصل بها، معتبرا الجزائر بلدا فريدا من نوعه عالميا، فكل القطاعات مدعومة وهذا أدخل البلد في السهولة، مستطردا: "لم أر بلد في العالم كالجزائر التي سجل إنفاقها العمومي قفزة ب25 بالمائة، مع أنّ القدرة الشرائية تقوم على مبدأ الكسب لا المنح"، مثلما قال. وشدّد المرحوم على أنّ دعم أسعار المواد الواسعة الاستهلاك يقتل الاقتصاد الجزائري، ولو يتم فرض القيمة الحقيقية، الكل سيربح، على حد تعبيره، مشيرا إلى أنّ السهولة جعلت السلطة تفرط في الاستيراد وهي صيغة انتحارية ستقتل الآلة الإنتاجية في الجزائر، وأبرز موهوبي أنّ الارتفاع المذهل في سعر السكر عالميا، اضطرّ الجزائر لإنفاق 30 مليار دينار لتحمل الفارق. وأوعز موهوبي: "لا بدّ من التفكير في سياسة مغايرة، المشكل جدي ولا يمكن علاجه بقرار سياسي أو بيروقراطي، السياسة الاقتصادية المنتهجة غير صحيحة وستدفع بالبلد حتما إلى الانفجار"، معربا عن قناعته بأنّ دعم الأسعار ينبغي أن يقتصر على الفئات الهشة فحسب ويجري ذلك ضمن نطاق التضامن الوطني، ويدافع موهوبي عن نظرته بالقول أنّ الدعم مثلما هو قائم يشجع الخمول والتكاسل والسهولة، لذا لا يمكن إطلاقا الاستمرار في هذا الطريق. وتصور د/موهوبي الذي اشتهر بإسهاماته الكثيرة على الساحتين الجزائرية والدولية، أنّ الجزائر رغم كل الذي بذلته من مضاعفة الرواتب والمنح وتسريع القروض، إلاّ أنّها لا تمتلك سلما اجتماعيا ولا استقرار رغم كل ما تمّ ولا يزال لأجل شراء هذا السلم، مضيفا: "الجزائريون سئموا من التدهور وسوء التسيير"، مبرزا أنّ الجزائريين أذكياء ولا يمكن الانتقاص منهم ، وكل من يعتقد غير ذلك فهو مخطئ. لا نجاة دون شراكة العام والخاص ظلّ الراحل ينادي بقيام علاقة تشاركية استراتيجية بين القطاعين العام والخاص، مؤكدا أنّ توخي نمطا استثماريا كهذا سينتج قيمة مضافة تزيد عن العشرين بالمائة، وشدّد على أنّ خطوة كهذه تعدّ رهانا يفرض نفسه لدفع التنمية المستدامة في الجزائر. واتكأ موهوبي على ما تمتلكه الجزائر من إمكانات تؤهلها لنقلة اقتصادية هامة، إذا ما جرى فسح مجال أكبر لفاعلي المجموعات الاستثمارية الخاصة سيما في قطاعات حيوية كالزراعة والصناعة وكذا الانشاءات العامة والطاقات المتجددة. وانتقد موهوبي وضع الخواص المهمّش والغير مستغل بالشكل المطلوب، رغم الإمكانات الهائلة للمستثمرين الخواص، التي يمكن في حال توظيفها قلب راهن البلد رأسا على عقب، خصوصا وأنّ القطاع الخاص تمكّن من تجسيد قرابة عشرة آلاف مشروع خلال فترة وجيزة بينها 9465 مشروعا أنجزتها مؤسسات عائلية الطابع، وأخرى نسوية في قطاعات الزراعة، الصناعة التقليدية، الخدمات، البناء والانشاءات العامة. وقال موهوبي في مقاربته أنّ المستثمرين لديهم الوعي الكافي بضرورة خلق الثروة الدائمة، وتنويع الصادرات خارج قطاع المحروقات، في إطار شراكة اقتصادية بين المتعاملين العموميين والخواص، وأبرز موهوبي أنّه يتعين تفهّم الجدوى الاقتصادية لهذه الشراكة المبنية على قاعدة تبادل المصالح المشتركة، حيث أنّ عديد الصفقات الاستثمارية تتطلب ذلك، على منوال المناولة الصّناعية وغيرها. وقدّر موهوبي أنّ القوانين الاقتصادية الحالية، ملائمة للمناخ الاستثماري العام، ولتشجيع المشاريع التشاركية رغم وجود بعض العراقيل الإدارية، التي تقف حاجزا في طريق تطويرها بدرجة كافية. وبقي موهوبي يشدد على التحوّل من اقتصاد الريع، إلى الاقتصاد المنتج في ظلّ التوقعات بنضوب الغاز والبترول، وكبديل اقترح الراحل اعتماد معايير صارمة يتم فيها إعطاء الأولوية للمؤسسات التي تنجز مشروعات استثمارية نوعية وواعدة اقتصاديا واجتماعيا، وللحفاظ على ديناميكية القطاع الخاص ودفعه للمزيد، نادى موهوبي بتوخي رؤية واضحة وعلى المدى الطويل تكفل تنمية القطاع الخاص المولّد الوحيد للثروة بمنظوره. العبث يقود إلى الإفلاس اعتبر الفقيد أنّ سياسة الدعم التي تتبعها الدولة انتحارية، وأنها لم تحقق السلم الاجتماعي مع أنها شملت كل القطاعات وجميع ساكني الجزائر بمن فيهم الأجانب. وتساءل الخبير الاقتصادي السابق عن سببية غياب تقييم يشمل القطاعات والفئات المستفيدة من الدعم، الأكيد أن سياسة الدعم غير فعالة ما دامت الإحصاءات تشير إلى نحو 9 آلاف احتجاج سنوي في الجزائر. فأين السلم الاجتماعي مقابل الملايير من الدولارات المدفوعة سنويا؟ الغريب أن غياب الرؤية بالنسبة للسياسة الحكومية، جعل الأجنبي يستفيد من دعم الدولة أيضا، فهو مثل الفقراء الجزائريين يشتري أيضا الخبر بسعر مدعم. وأضاف موهوبي أن الإحصاءات تفيد بأن 51 بالمائة من الجزائريين ينشطون في السوق الموازية، بمعنى أنهم غير مساهمين في الضمان الاجتماعي، ومع ذلك فإنهم يستفيدون أيضا من النظام الصحي ذاته مثلهم مثل العاملين في القطاع الاقتصادي الرسمي وأيضا تتكفل الدول بمختلف الأطر التضامنية بهذه الشريحة عند التقاعد، وأشار أيضا إلى القطاعات الاقتصادية المنتجة المستفيدة من دعم الدولة مثل القطاع الفلاحي، موضحا أنه وجب تقييم الدعم ذاته كون فاتورة استيراد المواد الغذائية مازالت ترتفع. وقال "موهوبي" إنّ الاستمرار في السياسة ذاتها، سيفلس الدولة ويجب إحداث التغيير قبل نفاد البحبوحة المالية. وأوضح أنه أصبح لزاما على الجميع الدخول في حوار وطني للخروج من هذا الوضع واتباع ما هو في صالح الجزائر، أي تحديد القطاعات والفئات المستفيدة من الدعم بدقة، وتجنب منحه بشكل غير مباشر وللجميع. وحذر الفقيد من عواقب استمرار الوضع الاقتصادي بثوبه الحالي في الجزائر، وقال موهوبي إنّ نظام دعم الأسعار والمواد الواسعة الاستهلاك في الجزائر "عبثي" و"غير فعّال" ولا يستجيب للتطلعات بشكل سيبقي الاقتصاد الجزائري فاقدا لعمقه وعاجزا عن إحداث الوثبة المطلوبة. الحكم الراشد هو الحصان الرابح للخروج من هذا الوضع الاقتصادي المغلق، أيد الأكاديمي السابق فتح نقاش عام، وانتهاج سياسة مغايرة، مع تسطير أجندة منهجية لمرحلية انتقالية تمتد من 4 إلى 5 سنوات، وتقود إلى إقتصاد قوي، محيلا على أنّ الحكم الراشد هو الحصان الرابح ومفتاح السلم الاجتماعي، لذا لا بدّ من قيام نقاش وطني يقود إلى إنضاج هذا الحكم الذي يستطيع أن يتعاطى بفعالية مع مشكلة تناقص الموارد وسائر الأزمات. وجزم المرحوم أنّ الجزائر بلد فقير، لأنّ ليس لها اقتصاد وليس الثروة النفطية من ستغيّر الأشياء، ويستغرب د/موهوبي: "هل من المعقول أن يسهم الجزائريون في تطعيم السوق الغير شرعية التي تمثل 40 بالمائة من الوعاء الاقتصادي المحلي".
نتائج استقالة الدولة من المنظومة الدوائية شدّد الراحل على أنّ الحل الأنجع لمعضلة الدواء في الجزائر يكمن في قيام صناعة وطنية حقيقية في منأى عن ممارسات من يسمونهم "البارونات"، للخروج من الدوامة واللغط القائم بين وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات مع ما يسمى "بارونات الاستيراد" و"لوبيات المضاربة" منذ انتهاج الجزائر اقتصاد السوق منذ تسعينيات القرن للماضي. وألّح الفقيد في إحدى مذكراته على ضرورة تجسّد مطلب صناعة وطنية لإنتاج الأدوية، وهي صناعة كفيلة في نظرهم بتوفير معظم الأدوية التي يحتاجها المواطنون في ظلّ الندرة المتكرسة سيما تلك الأصناف الموجهة للفئات الهشة على غرار المصابين بأمراض مزمنة. ووصف الفقيد الانفتاح الذي ارتضته الجزائر منذ سنوات ب"الفوضوي" و"العشوائي"، خصوصا بعد تخلي الدولة عن دورها في توزيع الأدوية في مقابل رصدها لأغلفة مالية باهظة آخرها 120 مليون دولار فاتورة الأدوية خلال النصف الأول من السنة الجارية، ومع ذلك استمرت معاناة المستشفيات الجزائرية من ندرة الأدوية الضرورية. واستغرب موهوبي عدم استمرار السلطة في العمل بالخطة التي انتهجها "عبد الحمد طمار" وزير الصناعة وترقية الاستثمارات في 2006 فيما يتعلق باستراتيجية صناعة الأدوية، معتبرا في سياق حديثه بأنّ قطاع الأدوية أخذ حصة الأسد في مجال استراتيجية التصنيع في الجزائر، حيث وصف تلك الفترة بالذهبية على اعتبار أنها سعت إلى تحقيق صناعة وطنية لإنتاج الأدوية الصيدلانية. وركّز الفقيد على ضرورة معرفة رؤية واستراتيجية السلطة فيما يتعلق بهذا القطاع، متصورا أنّ الجزائر إذا ما أرادت التحوّل إلى بلد مصنّع للدواء، فإنّ الأمر يستلزم وضع قوانين ردعية وصارمة تمنع استيراد الأدوية المنتجة في البلاد خلال الخمسة عشر سنة القادمة بغرض تشجيع المستوردين على الإنتاج المحلي وتطويره بشكل يضمن التكفل الصحي بالمرضى. وأشار موهوبي إلى أنّ ندرة الأدوية تفتح احتمالات المضاربة الناجمة عن منح امتيازات الاستيراد للخواص كخيار ثاني تنتهجه السلطات الوصية، ما سمح لهؤلاء بإغراق السوق الجزائرية بكم ضخم من الأدوية "المغشوشة" أحيانا. واعتبر الباحث الذي درس السياسة الصحية المتبعة في الجزائر منذ سنة 1975، أنّ الجزائر ظلت مستهدفة من قبل بارونات الأدوية التي تسعى إلى تكسير قطاع الصحة منذ دخول البلاد اقتصاد السوق، وما أعقب ذلك من فتح المجال لشراء الأدوية من الخارج دون تشديد الرقابة على مصدر الدواء. وأقرّ موهوبي بخطورة الوضع القائم في القطاع، سيما في الشق المتعلق بملف الأدوية، مبرزا أنّ البلاد تعاني من هذا الجانب، ويتعيّن عليها تأسيس صناعة مقتدرة". وأكد المرحوم على أنّ الدولة تواجه رهان تهريب الأدوية وتبذيرها من جماعات تقف وراء "حروب الأدوية" بين الدول، مقترحا على السلطات الوصية تعديل قوانين السياسة الصحية بالجزائر. تحديث قطاع الصيد لا يكون بالملايين ظلّ "صالح موهوبي" يؤكد على أنّ تحديث قطاع الصيد لا يكون بالملايين، راميا الكرة في مرمى تحديث وسائل الإنتاج وإعادة تهيئة الأسطول الصيدي وتأهيل اليد العاملة. ورأى الفقيد في ال45 مليون أورو التي منحها الاتحاد الأوروبي بحر سنة 2013 لتطوير إدارة الموارد الصيدية في الجزائر، قيمة لا تكفي لتحديث قطاع الصيد في الجزائر، حتى وإن تساهم بنسبة كبيرة في تطوير هذا القطاع الذي بقي عرضة لأزمة حقيقية وفي حالة متدهورة، لكونه – بنظر الفقيد - يعمل بالوسائل التقليدية والبدائية، في الوقت الذي تضاعف فيه الطلب. وكتب الفقيد قبل فترة: "الإنتاج بقي نفسه بل وتناقص خلال السنوات الأخيرة، لأنّ الدولة لم تبذل جهدا في تحديث وسائل إنتاج هذه المادة الحيوية".
نعم لتقارب أكبر مع تونسوتركيا ذهب الخبير "صالح موهوبي" إلى أنّ التعاون بين الجزائروتونس يطرح نفسه بشدة سيما وأنّ الدولتين تعرفان تحديات كبرى اقتصاديا، حتى وإن كانت الجزائر تعرف بحبوحة مالية في حين يعرف الاقتصاد التونسي انكماشا كبيرا ساهم في مضاعفته التردي الأمني الذي جعل السياحة تتراجع، وهو ما يحتم التنسيق التام مع الجزائر التي يشكل سياحها المورد الأول. هذا ما جعل المسؤولين التونسيين يعولون على تقارب اقتصادي متسارع مع الجزائر، وهو ما جرى ترجمته على شاكلة مساعدات مالية معلنة وغير معلنة للحكومة التونسية الجديدة، في حين يبقى تطويق التهريب الذي ينخر اقتصاد البلدين تحديا كبيرا، وعليه رأى موهوبي ما حدث من "تزاور" بين الجزائروتونس خطوة مهمة لانعطافة جديدة في مسار العلاقات الثنائية. وتبحث الجزائر عن أسواق جديدة مع تقدم ملف انضمامها إلى المنظمة العالمية للتجارة وهو الأمر الذي يحتم عليها ضمان السوق التونسية، كي تعمل على ترويج منتجاتها المصنّعة محليا بعد دخول السوق العالمية المفتوحة رسميا. وتبقى الجزائر المصدّر الأقرب والأكثر ضمانا للطاقة في تونس التي تحصل على البنزين الجزائري بثمن يكاد يكون رمزيا، علاوة على ملف استغلال المياه الجوفية التي يختزنها الشريط الحدودي بين البلدين والتي قدرت في وقت سابق بما يزيد عن 60 مليار متر مكعب، وتملك الجزائر خبرة استخراج الطاقة الزرقاء والتعامل معها، بما يؤشر على تعاون حيوي خاصة مع تسجيل ندرة كبيرة في توفير مياه الشرب بالمدن الحدودية في كل من تونسوالجزائر . على الصعيد ذاته، دعا المرحوم إلى تقارب أكبر مع تركيا بحكم ما يتيحه ذاك اقتصاديا واستراتيجيا، سيما وأنّ عدد الشركات التركية العاملة في الجزائر بلغ المائتين بإجمالي استثمارات مباشرة تضاعف من 500 مليون دولار خلال عام 2001 إلى مليار دولار نهاية العام الماضي . وأهاب موهوبي بالحكومة التركية لفتح المجال للمتعاملين الاقتصاديين الجزائريين للتصدير نحو تركيا المواد الزراعية والصناعية ولا تكتفي بالنفط والغاز فحسب مضيفا انه كذلك لا يجب على تركيا أن تختزل الجزائر في مجرد سوق فقط وإنما يتعين عليها أن ترقى بنظيراتها إلى مستوى تشاركي، معتبرا أنّ المبادلات التجارية بين البلدين تجعل العلاقة بينهما أمتن.
مصيبة البلاد في التبذير وضع الخبير "صالح موهوبي" أصبعه مرارا على مشكل خطير بنظره، وهو التبذير الكبير الذي يمارسه الجزائريون، حيث يرمي هؤلاء كميات ضخمة من المأكولات وتوابعها، ويتم اقتناء المواد الغذائية بما يفوق حاجياتها، والناس يستهلكون بدون حد. وأكّد موهوبي أن ظاهرة التهريب نحو أسواق الدول المجاورة سيما المغرب وتونس، تؤدي بدورها لارتفاع الأسعار، فالجزائر تستورد بالعملة الصعبة مواد غذائية أساسية ويتم دعمها حتى تكون في متناول المواطن البسيط، ولكنها بدل أن تذهب إلى وجهتها، يتم تهريبها عبر الحدود.