أرجأت وزارة المالية الفصل في الصياغة النهائية لمشروع قانون المالية التكميلي، وذلك لانتظار ما ستسفر عنه تقلبات سوق النفط العالمية، وتوقع تحسن مؤشر الأسعار، الأمر الذي يعتبر مؤشرا على ارتباك الحكومة واختلاط أوراقها بعد أقل من ستة أشهر عن تراجع أسعار النفط، في وقت نصح صندوق النقد الدولي، الجزائر ودول شمال إفريقيا جميعا "بفرملة" نفقاتها العمومية وخفض الدعم الموجه للمواد الطاقوية، موازاة مع كبح ارتفاع رواتب القطاع العمومي. فضلت الحكومة من خلال وزارة المالية، حسب مصادر حكومية التريث في صياغة مشروع قانون المالية التكميلي، لاعتبارات ذات علاقة بأمل مازال يحدو الجهاز التنفيذي في إمكانية تحسن أسعار النفط، رغم أن كل التقارير الدولية المختصة تؤكد استحالة تحسن الأسعار إلا بنهاية السنة القادمة، بما فيها آخر تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي يؤكد أن أسعار النفط ستستقر في حدود 58 دولارا للبرميل، على أن ترتفع تدريجيا إلى مستوى 74 دولارا بتراجع الاستثمارات والإنتاج وارتفاع الطلب على البترول. وقالت مصادر حكومية للشروق، إن التأجيل "الظرفي" للفصل نهائيا في صيغة مشروع قانون المالية التكميلي، الذي سيحمل العديد من الإجراءات الجديدة في شقه التشريعي، وشقه الميزانياتي، يرمي إلى ضبط مؤشرات حقيقية تمكن الجزائر من تحصين وضعيتها المالية، والتحكم في مواردها ونفقاتها على أكمل وجه. في السياق، أفاد صندوق النقد الدولي أن أغلبية دول منطقة شمال افريقيا ومنها الجزائر غير قادرة على موازنة ميزانياتها في حالة ما كان سعر البرميل في حدود 60 دولارا، مقترحا أن يكون تطهير النفقات العمومية على اعتبار أنها محرك النمو الرئيسي، واقترح التقرير تجاوز تقليص النفقات، باللجوء إلى كبح ارتفاع رواتب القطاع العمومي والسهر على إنتاجية نفقات الاستثمار، وتقليص الدعم الموجه للمواد الطاقوية وخفض التحويلات الاجتماعية التي من شأنها الرفع من الإيرادات العمومية وكبح تبذير الطاقة. وإذا كانت نصائح "الأفامي" موجهة إلى دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا منها الجزائر، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ نسبة نمو الناتج الداخلي الخام للجزائر خارج قطاع المحروقات 8ر4 بالمائة هذه السنة، بعد أن كانت في حدود 1ر5 بالمائة سنة 2014 حسب تحديث "الأفامي" للآفاق الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويتوقع أن يبلغ الناتج الداخلي الخام الاسمي - للصندوق- 2ر187 مليار دولار في 2015 على أن يبلغ 5ر197 مليار دولار في 2016. وفيما يتعلق بسعر التوازن الميزانياتي للنفط الجزائري، فقد حدده الصندوق عند 1ر111 دولار للبرميل في 2015، مقابل 8ر129 دولار للبرميل، ولدى تطرقه إلى وضعية البلدان المصدرة للبترول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قال الصندوق إن "الحقائق الجديدة للسوق العالمية للنفط تفرض التخلي عن نماذج النمو التقليدي المبنية على النفقات العمومية والتي تعتبر الصناعة النفطية مصدرا لها، قبل أن يتم تقسيمها عن طريق الدعم والتوظيف في القطاع العمومي". واقترح صندوق النقد المرور إلى نموذج جديد يكون فيه النمو الاقتصادي وخلق مناصب العمل من قبل القطاع الخاص المتنوع.