في أي إطار تندرج زيارتكم إلى الجزائر بتكليف من الرئيس السابق منصف المرزوقي؟ أتشرف بزيارة الجزائر بصفتي أمينا عام لحزب المؤتمر، وبصفتي نائبا برلمانيا، وأنا أؤمن أن الدبلوماسية والعلاقة بين البلدين لا يمكن أن تكون محصورة بين الحكومات فقط، ولكن يمكن أن تمتد إلى المجتمع المدني والأحزاب، أنا في إطار الدبلوماسية البرلمانية، وفي إطار توضيح المبادرة التي أطلقها الدكتور منصف المرزوقي "حراك شعب المواطنين" التي جاءت في مرحلة حساسة في تاريخ بلدنا، وبالتالي جئت لأوضح الصورة في عدد من اللقاءات.
في تونس، هنالك علامة استفهام حيال مبادرة الدكتور منصف، فهل هي مثار تخوف حقا حتى جئتم لتوضيحها في الجزائر؟ المبادرة جديدة وغير معهودة في المشهد السياسي التونسي والعربي، الكثير يتساءل: هل هي مبادرة حزب سياسي جديد أم حركة مجتمعية؟ وأردنا التوضيح لإخوتنا في الجزائر على جميع المستويات أن المبادرة مبادرة اجتماعية شاملة، لها بُعد سياسي، لكن مع أبعاد ثقافية واجتماعية لتغيير المجتمع التونسي، هدفنا طويل المدى، وليس هدفا سياسيا آنيا، ولكن لتغيير الأفكار وتغيير المجتمع، لأننا انطلقنا من قناعة أن الثورة التونسية غيّرت نخبة سياسية لكنها لم تغير الأفكار.
ما هو صدى الزيارة وأنت تروج لمبادرة الدكتور منصف؟ ليس ترويجا، وإنما شرح للمبادرة، أما ما وجدته فهو رغبة في فهم أكبر للمبادرة، وتوجيه دعوات لاستقبال المرزوقي كمفكر مغاربي مدافع عن الوحدة المغاربية وكرئيس سابق، لإلقاء محاضرات وسلسلة لقاءات أخرى مع سياسيين ونخبة من المجتمع الجزائري بخصوص المبادرة التي طرحها حتى لا تُبنى صور خاطئة عنها، فقد وجدت فكرة واحدة مسبقة عن المبادرة وهي عودة الدكتور المرزوقي إلى الحكم وأن له نية انتقامية، وهو الذي صرح أنه غير معني بالعودة إلى الحكم في شكل انتقام، هدفه الرئيسي كيف ننجح هذا الانتقال الديموقراطي؟
أجندتك في الجزائر اقتصرت على أحزاب السلطة المشاركة في الحكومة، دون المعارضة، لماذا وأنتم في صف المعارضة؟ قمنا باتصالات مع الطرف الموجود في السلطة في الجزائر حرصا منا على أن تكون علاقتهم حصرا مع الأحزاب الموجودة في الحكم، ليكون هنالك انتباه إلى بعض المسائل التي تستوجب التوضيح، ما يهمنا هو تفعيل الشراكة التونسيةالجزائرية، والدعم الجزائري لمواجهة الإرهاب والجانب الاقتصادي وتفعيل الاتفاقيات التي تم الاتفاق عليها. توجهنا إلى أحزاب نرى أنها امتدادٌ للثورة الجزائرية المباركة، ولديها اهتمام بالشأن التونسي، ونرى أن لها القدرة على التأثير في مختلف الملفات الاقتصادية والاجتماعية وتفعيل الاتفاقيات الموجودة، مع تأكيدنا أننا نتواصل مع الجميع، وسنقوم بلقاءات مع قوى أخرى مستقبلا.
تحدثت عن علاقة تربط المرزوقي بالجزائر، لكن أطرافاً داخل تونس عابت سياسته الخارجية، وتلك الأطراف كانت تقول إنه فضل محور قطر وتركيا على الجزائر، ما قولكم؟ لا وجود لميل تونسي في فترة حكم المرزوقي إلى أي من الأقطاب الكبرى المتنافسة على البلدان التي عرفت الثورات العربية، والمرزوقي كان أقرب ما يكون إلى الجزائر، قناعته كانت أن لدينا مصيرا مشتركا، والجزائر بالنسبة إلينا وإليه شقيقتنا الكبرى، وهي الأقرب إلى دعم تونس لتجاوز الصعوبات، ولم يكن هنالك أي انخراط في أي سياسة معادية للجزائر، الميل إلى طرف على حساب آخر أو أقطاب سيؤدي إلى ضرر ليس على تونس وإنما على المنطقة وخصوصا الجزائر.