بمناسبة حيازة مصر على الرتبة الثانية عالميا في عدد أحكامها بإعدام البشر، بسبب المعارضة السياسية ولم تسبقها سوى نجيريا. وبعد أن سخر العالم المتفرج من هذه الإعدامات بحق طلبة وعلماء ونساء ذوي شهادات، حتى قالت منظمة حقوقية كبرى إن مصر تحتفل بتوزيع أحكام الإعدام كأنها توزع الحلوى! أمام هذا الحدث الذي ينفذ ضد جماعة الإخوان المسلمين المعروفة باعتدالها، وحين توالت صيحات الاستنكار عالميا، تعجبتُ لصمت رموزنا الوطنية الجزائرية، ليس للمساهمة في تأكيد اسم الجزائر في سجل المنادين بالحد من ثقافة الإعدام، وهي السباقة إلى إمضاء اتفاقيات وقف الإعدام، ولكن لرد الجميل التاريخي، حيث إنني ما سمعت رمزا سياسيا من قادة ثورتنا وزعماء حركتنا الوطنية الذين كانوا في مصر خلال الأربعينات والخمسينات إلا وذكر أن جماعة الإخوان المسلمين هي التي فتحت له نواديها لتبليغ صوت الجزائر، ومدت له المساعدة لدعم الجزائر بلا منّة ولا تشهير. فأين هي مواقف هذه الشخصيات من الأحياء الذين سمعنا منهم في الحوارات وقرأنا لهم في المذكرات، بأن هذا التيار كانت له أفضال عليهم لا تُنكر؟ أليس من باب رد الجميل أن يعلن هؤلاء استنكارهم لإعدام زعماء هذا الفصيل الذي تعامل مع ثورتنا المجيدة بشعور قومي، وسخاء عربي، وواجب إسلامي ولا أخاطب المرحوم هواري بومدين ولا المرحوم بن بلة ولا المرحوم الشيخ البشير الإبراهيمي، أو الفضيل الورتلاني والقائمة طويلة لمن نالتهم أفضال هذا الفصيل أو الجماعة، ولكني أخاطب من بقي من الأحياء، أين الدكتور طالب الإبراهيمي؟ أين محيي الدين عميمور؟ أين بلعيد عبد السلام، وأين العشرات، ممن لا يزالون يحفظون ود الذكريات وبإمكانهم أن يرفعوا الحرج عن شعبهم ودولتهم التي في عنقنا دين يجب أن لا ينسى بالتقادم، فليس موقفكم تعبيرا عن تأييد هذا أو ذاك لأجل الولاء والانتماء، ولكنها أخلاق الرجال حين يصل الأمر إلى إراقة الدماء، وهو أقل رد للجميل تقتضيه أخلاق الوفاء، ترى ماذا أنتم فاعلون أيها الشرفاء؟