الاتحاد الدولي للصحفيين المتضامنين مع الشعب الصحراوي يدين اعتداء الاحتلال المغربي على الصحفي ميارة    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: تسليط الضوء على أدب الطفل والتحديات الرقمية الراهنة    وفد طبي إيطالي في الجزائر لإجراء عمليات جراحية قلبية معقدة للاطفال    كأس الكونفدرالية الإفريقية: شباب قسنطينة يشد الرحال نحو تونس لمواجهة النادي الصفاقسي    سوناطراك تتبوأ مكانة رائدة في التحول الطاقوي    حرائق الغابات في سنة 2024 تسجل أحد أدنى المستويات منذ الاستقلال    كرة اليد/بطولة افريقيا للأمم-2024 /سيدات: المنتخب الوطني بكينشاسا لإعادة الاعتبار للكرة النسوية    مجلس الأمن يعقد جلسة غدا الإثنين حول القضية الفلسطينية    سوناطراك تطلق مسابقة وطنية لتوظيف الجامعيين في المجالات التقنية    الجزائر استكملت بناء منظومة قضائية جمهورية محصنة بثقة الشعب    تعليمات رئيس الجمهورية تضع حاجيات المواطن أولوية الأولويات    اختتام "زيارة التميز التكنولوجي" في الصين لتعزيز مهارات 20 طالبا    ملتقى وطني حول التحول الرقمي في منظومة التكوين والبحث في قطاع التعليم العالي يوم ال27 نوفمبر بجامعة الجزائر 3    الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي : مشروع "غزة، من المسافة صفر" يفتك ثلاث جوائز    الحفل الاستذكاري لأميرة الطرب العربي : فنانون جزائريون يطربون الجمهور بأجمل ما غنّت وردة الجزائرية    يناقش آليات الحفظ والتثمين واستعراض التجارب.. ملتقى وطني تكويني حول الممتلكات الثقافية بالمدية غدا    افتتاح الملتقى الدولي الثاني حول استخدام الذكاء الإصطناعي وتجسيد الرقمنة الإدارية بجامعة المسيلة    الجَزَائِر العَاشقة لأَرضِ فِلسَطِين المُباركَة    عطاف يستقبل رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية لمجلس الشورى الإيراني    عين الدفلى: اطلاق حملة تحسيسية حول مخاطر الحمولة الزائدة لمركبات نقل البضائع    الوادي: انتقاء عشرة أعمال للمشاركة في المسابقة الوطنية الجامعية للتنشيط على الركح    "تسيير الارشيف في قطاع الصحة والتحول الرقمي" محور أشغال ملتقى بالجزائر العاصمة    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح السنة القضائية    لبنان: ارتفاع ضحايا العدوان الصهيوني إلى 3754 شهيدا و15.626 جريحا    الجامعة العربية تحذر من نوايا الاحتلال الصهيوني توسيع عدوانه في المنطقة    توقيع 5 مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    رواد الأعمال الشباب محور يوم دراسي    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    الخضر أبطال إفريقيا    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    بوريل يدعو من بيروت لوقف فوري للإطلاق النار    "طوفان الأقصى" ساق الاحتلال إلى المحاكم الدولية    مجلس الأمة يشارك في الجمعية البرلمانية لحلف الناتو    وكالة جديدة للقرض الشعبي الجزائري بوهران    الجزائر أول قوة اقتصادية في إفريقيا نهاية 2030    ندوات لتقييم التحول الرقمي في قطاع التربية    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    المنتخب الوطني العسكري يتوَّج بالذهب    الرياضة جزء أساسي في علاج المرض    دورات تكوينية للاستفادة من تمويل "نازدا"    باكستان والجزائر تتألقان    تشكيليّو "جمعية الفنون الجميلة" أوّل الضيوف    قافلة الذاكرة تحطّ بولاية البليدة    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    على درب الحياة بالحلو والمرّ    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    وفاة 47 شخصاً خلال أسبوع        قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محي الدين عميمور في الجزء الثاني من "لقاء خاص" على قناة البلاد: أحداث أكتوبر 1988 كانت مفبركة .. وهذه هي القصة الكاملة للمؤامرة
نشر في البلاد أون لاين يوم 15 - 05 - 2015

العربي بلخير أوقع بيني وبين الشاذلي.. وأنهى مهامي بمكالمة هاتفية
في الجزء الثاني من برنامج "لقاء خاص" على قناة البلاد، والذي يقدمه الإعلامي أنس جمعة، يستعرض المستشار الرئاسي والدبلوماسي والوزير السابق، الدكتور محي الدين عميمور، العديد من المحاور بدءًا بمرحلة الشاذلي بن جديد إلى فترة أحداث أكتوبر 1988 وما أعقبها من عشرية سوداء، ثم مرحلة اختياره من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وزيرا للثقافة والاتصال ومواضيع أخرى عديدة.
في الجزء الأول من الحوار توقفنا عند أحداث أكتوبر 1988، وأنتم غادرتم الرئاسة في جانفي 1984، والسؤال المتبادر حاليا، ماذا كان سيفعل محي الدين عميمور لو كان حينها مستشاراً للرئيس الشاذلي بن جديد؟
أولا، في السياسة "لو" لا يمكن أن تُطرح ببساطة، ولكنّني أتخيل ربما الآتي: الأسلوب الذي تعاملت به مع الرئيس الشاذلي وكذلك مع الرئيس بومدين هو أن أقول له كل شيء ولا أخفي عنه شيئا، وطبعا ذلك يتم بأدب وبأسلوب لا يصدم الرئيس، ولكن أقول له الحقيقة كاملة ومن جوانبها المختلفة.
وأذكر هنا أن من أهم أسباب أحداث 1988، أن الرئيس لم يكن على اطلاع على حقيقة الأوضاع، مثلا قيل للرئيس إن الانتخابات ستحقق انتصاراً لنا أي لجبهة التحرير الوطني بحيث تتحصل على حوالي 40 في المائة، والأحزاب التي تسمى بالديمقراطية تتحصل على 30 في المائة، وتبقى جماعة "الفيس" بحوالي 30 في المائة ولن يستطيعوا فعل أي شيء بها. وهذا كان خطأ فادحا لأنه مجانب كليا للحقيقة والواقع.
دكتور عميور، قبل أن نذهب إلى مسألة الانتخابات والانفتاح السياسي الذي وقع، نود الحديث أولا عن أحداث أكتوبر 1988؟
طبعا، كل شيء مرتبط فيما بينه، فبالنسبة لأحداث أكتوبر 1988 هي أحداث مفبركة، فأنا شخصيا يوم 4 أكتوبر 1988، مشيت بسيارتي الصغيرة وتجولت في البلاد من أجل معرفة ما يحدث واستقصاء الوضع، فقبل أسبوعين من موعد 5 أكتوبر خرجت دعاية بأن يوم 5 أكتوبر سيثور الشعب الجزائري ويخرج إلى الشارع. والسؤال من روّج لهذه الدعاية؟ وقبل أسبوعين أيضا تم إطلاق سراح المساجين من قسنطينة؟ وأنا شخصيا رأيت شبابا خرجوا يوم 4 أكتوبر ينادون بشعار "نوضو نوضو يا الراقدين". وإضافة إلى هذا وطيلة أيام 4 و5 و6 أكتوبر لم يرتفع ولا شعار سياسي واحد ومعنى هذا أن القضية لم تكن قضية سياسية.
ولكنها قضية بفعل سوء الأوضاع الاجتماعية التي كان يعيشها المواطن الجزائري آنذاك؟
سوء الأوضاع الاجتماعية كان عاملا من العوامل وسوء الأوضاع من الجانب الاجتماعي وقع نتيجة لجهل الرئيس ما يحدث في الشارع وعدم إبلاغه بكل الحقائق، وأنا عرفت من قبل أحد المقربين من الرئيس آنذاك أنه وبعد بروز المشاكل بالبلاد خرج الرئيس الشاذلي بن جديد من المكتب غاضبا وهو يقول "وخذتوني في عميمور كان يقول ليّا الحقيقة".
يعني أفهم من كلامكم أن البطانة التي كانت محاطة بالرئيس كانت تصوّر له كل شيء وردي وجيد وعلى ما يرام؟
نعم، يبدو لي هذا.
أنتم دكتور عميمور تصرّون على التأكيد على أن أحداث أكتوبر 1988 هي أحدث مفبركة وتمت بفعل فاعل؟
أقول إنها كانت أحداثاً مفبركة وبفعل فاعل ولم تكن ثورة جماهيرية أو انتفاضة أو حتى كما سميت فيما بعد بأنها بدايات الربيع العربي، ولست وحدي من يرى هذا فخالد نزار مثلا يتبنى الموقف نفسه وقال هذا الكلام أكثر من مرة وأعطى أدلة أيضا.
أنا كنت في ذلك الوقت إنسانا مهمشا، فقد أنهيت مهامي من رئاسة الجمهورية، الإخوان الفاعلون في الرئاسة كانوا يظنون أنني عنصر ثقيل عليهم، أو مصدر قلق بالنسبة إليهم.
أنتم دكتور تقولون إن العربي بلخير، هوالذي قام بهندسة مسألة خروجك من الرئاسة؟
أعتقد أن له دوراً كبيراً حداً.
كيف كان إن صحّ التعبير هذا الطلاق بين محي الدين عميمور والرئيس الشاذلي بن جديد؟
البداية كانت من مؤتمر الأفلان في 1983، بدأت بأمور كانت غريبة، فجماعة الرئاسة كانت جزءًا من اللجنة الوطنية التي تقوم بالتحضير لمؤتمر الحزب، وفي 83 تم تشكيل هذه اللجنة وتم إقصائي منها، فبدأت أحس بأن شيئًا ما يُدبر ضدي، لأنه حدثت بعض الصدامات خصوصا مع زيارة الرئيس الشاذلي لفرنسا وبعض الكتابات التي قمت بنشرها، وكذلك رواج دعاية تقول إن عميمور يحاول التذكير أكثر من اللازم بالرئيس بومدين، كما كتبت بعض الجرائد تقول إن عميمور أستاذ الشاذلي وهو حاليا يعلمه.. ولكنه كان كلاما فارغا، فأنا طبيب وأعرف كيف أتصرف مع الدولة ورجالات الدولة، المهم أن الآلة كانت شغالة ضدي. وفي 1983 حدث شرخ رهيب في جبهة التحرير وتمت تصفية عناصر كثيرة منها كان جزءا من المرحلة البومدينية، وفي نفس المرحلة وبالتوازي كانت فيه عملية رشوة واسعة النطاق "تع اشري البنان واشري الكيوي باش ينسيو الناس".
هل هذه التصفية لرجال بومدين في الحكم، كانت بقرار مباشر من الرئيس الشاذلي بن جديد؟
الأكيد أن الشاذلي بن جديد هو صاحب القرار، وحتى إذا كان فيه هناك إيعاز ولكن القرار الأخير يعود إليه فقط. طبعا كانت حوله مجموعة تقول له ما تقول وتحرضه ضد أشخاص بعينهم وتوجد تفاصيل كثيرة في هذا الموضوع.
أنا أعتقد أن بداية أحداث 1988 كانت في 1983 عندما تم إحداث شرخ كبير في جبهة التحرير، فتنحية رجل مثل يحياوي المعروف اتجاهه وكذلك بوتفليقة وعبد السلام بلعيد وأنا الذين كنّا جميعا مجموعة تعمل في اتجاه معين.. إذن تمت تصفية هؤلاء وآخرين.
كيف تم إبعادكم عن الرئاسة؟
في جانفي 1984، اتصل بي العربي بلخير عن طريق الهاتف وقال لي: يا دكتور، المهمة انتهت ويعطيك الصحة. والحقيقة أنني غضبت كثيرا لهذا التصرف وقلت له: يا سي العربي أنا عندي 13 سنة في الرئاسة وعيب عليكم إنهاء مهامي عن طريق الهاتف.
وهل تحدثتم مع الرئيس الشاذلي؟
الرئيس لم أسمع منه لا خيرا ولا شرا، لكن المؤكد أنه كان معبأ ضدي، وحتى إن رئيس الحكومة آنذاك كان يقول له إن عميمور يعقد عليك بالخطب التي يكتبها.
لنعد إلى أحداث 1988.. أنتم قلتم إن الرئيس الشاذلي خُدع من خلال قانون الانتخابات؟
نعم، قلت لك إن الذي قيل للرئيس إن جبهة التحرير ستأخذ الأغلبية والفيس يأخذ أغلبية لا بأس بها لا تتعدى 30 في المائة، والأحزاب الديمقراطية تأخذ الأغلبية كذلك، ما يعني أن البرلمان سيكون عبارة عن موزاييك وبالتالي الرئيس يكون هو قائد الفرقة، وفي حال وُجدت أي مشاكل يتم مباشرة حل المجلس الشعبي، وينتهي الموضوع. ولكن الذي وقع غير هذا تماما وقيادات الجبهة الإسلامية بدأت تستعمل أسلوبا خطيرا وأنا وصفته بالحماقات، وأصبح الشاذلي بن جديد يسمى ب "مسمار جحا" وهذه "سقاطة" كبيرة، وبعدها حدثت أمور أخطر وصفتها بأنها عمل انقلابي عندما خرجت شعارات تنادي لا ميثاق لا دستور قال الله قال الرسول، ولما تتخلى عن الميثاق وتتخلى عن الدستور كيف ستُحكم البلاد.
ولكن هناك أمورا يجب ذكرها هنا، فقد كانت أشياء عُرفت فيما بعد، فمنذ عدة شهور "سي أحمد طالب الإبراهيمي" أجرى حواراً مع إحدى القنوات العربية فقال إن عبد القادر حشاني فاجأه بزيارة له يوم 4 جانفي 1992، حيث أخبره بأنّ قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ قررت تقديم تنازلات كبيرة وتريد أن توصلها للرئيس الشاذلي بن جديد. وذكر الإبراهيمي أنّ التنازلات تمثلت في اكتفاء الفيس ب188 مقعدا والتنازل عن المقاعد الأخرى، مع إعطاء أوامر لكل مناضليها ومناصريها بأن يصوتوا على مرشحي جبهة التحرير الوطني في الدور الثاني وذلك من أجل تحقيق توازن في البرلمان من الجهتين. وأضاف الإبراهيمي أن جبهة "الفيس" قالت له إنّها تريد التنازل عن رئاسة الحكومة وكذا وزارات السيادة والاكتفاء بثلاثة مناصب وزارية فقط. وتابع الإبراهيمي أنه نظم لقاء بين حشاني وصهر الشاذلي حتى يبلغ الرئيس. ولكنه لا يعرف مع إذا كانت التنازلات التي أعلنت عنها الفيس قد وصلت للرئيس الشاذلي بن جديد أم لا؟
وأنا أؤكد أنه حسب شهادة الابراهيمي أنه كان يمكن أن نُسيّر المرحلة بالتوافق فمن المسؤول عن عدم إبلاغ الرئيس الشاذلي بن جديد بهذا المقترح الذي كان من شأنه أن يُجنب الجزائر العشرية السوداء.
بعد أحداث 88، الرئيس الشاذلي وكنوع من الترضية وجبر الخاطر عينك كسفير للجزائر في باكستان كيف تم هذا التعيين وأنت الذي كنت مغضوبا عليه في ذلك الوقت؟
الحق أن الشاذلي بن جديد كان إنسانا حنونا، وأحسَّ بأني ظُلمت في 1984، وللأسف وحتى أمر تعييني سفيرا جرى تغيير الوجهة، حيث كان القرار في الأول أن أذهب إلى بودابست بالمجر ولكنه جرى شطب ذلك بالقلم وكتابة إسلام آباد في مكانها.
دكتور عميمور، عندما كنت سفيرا في باكستان كيف كنت تتعامل مع الشباب الجزائري الذي توجه إلى أفغانستان؟
الذي كان يهمني أكثر في أفغانستان وباكستان أن يكون لي خط مفتوح مع الهيئة القادرة على التحكم في هؤلاء الشباب، وهذه الهيئة هي الجماعة الإسلامية التي كان يرأسها قاضي حسين، وقد استقال منذ سنة تقريبا، وقد كان يتحكم في العملية.
يقال إن المخابرات الباكستانية كانت تسهل للشباب؟
طبيعي أن المخابرات في أي مكان في العالم تستغل كل شيء من أجل تحقيق مصالح معينة.
فلنمر إلى فترة توليك منصب وزير الثقافة والاتصال سنة 2000؟
أولا، أنا لا أؤمن بالاتصال أساسا، فالاتصال شيء فارغ ولا معنى له وهو بمعنى أن أقدم لك المعلومات فقط.
كيف قبلت إذا بالوزارة وأنت لا تؤمن بها أساسا؟
أنا لم أُستشر في قضية تعييني على رأس الوزارة، فقد اتصل بي الرئيس بوتفليقة وقد كانت تجمعنا علاقات قديمة وبيننا محبة خاصة وربطنا دائما العمل مع الرئيس بومدين. كنت آنذاك عضواً بمجلس الأمة بتعيينٍ من طرف الرئيس اليمين زروال.
اتصل بي الرئيس بوتفليقة، وكنت حنئذٍ عند طبيب الأسنان وقال لي ما رأيك في الثقافة وأحوال الثقافة وتكلم مطولا، وبعدها سألني إذا ما كنت ما زلت معه فأجبته مباشرة بأني معه دائما وأنا أجبت بهذه الطريقة بشكل عفوي ولم يخطر ببالي أن الأمر كان يتعلق بتعييني وزيرا للثقافة والاتصال حتى سمعت بخبر التعيين مساءً من خلال الهاتف.
وخلال فترة توليك الوزارة، أكنت تلتقي مع الرئيس بوتفليقة؟
يحدث ذلك في اجتماعات مجلس الوزراء فقط.
أنتم دكتور اعتدتم مع الرئيسين "بومدين والشاذلي" أن يكون لديكم اتصال مباشر معهما وهذا لم يحدث مع الرئيس بوتفليقة؟ كيف تعايشتم مع الوضع؟
كانت من الأمور التي أثرت بشكل سلبي على عملي في الوزارة، لكن أظن أن أكثر ما أثرّ على عملي وخلق لي أزمة حقيقية وأنا لست المسؤول عليها هي قضية كتاب حبيب سويدية، لأنه وخلال تلك الفترة التي كنت فيها وزيراً خرج الكتاب وأنا بدوري أبلغت عنه في البداية وبعثت ببرقية عاجلة لجميع المصالح المعنية، وقد اتصل بي بعد ذلك الأخ عبد العزيز بلخادم وكان آنذاك وزيرا للخارجية وقال لي إن جنرالا يريد لقائي والحديث معي حول موضوع سويدية.
من هو هذا الجنرال؟
الجنرال توفيق
أتقصد الفريق محمد مدين، رئيس جهاز الأمن والاستعلامات؟
نعم، وقد التقيت به وكان كلامه ظريفا، وكلفني بمتابعة قضية كتاب سويدية وحصة "بلا حدود" لصاحبها أحمد منصور التي كانت مقررة أن تعرضها قناة "الجزيرة" وتعالج من خلالها موضوع الكتاب. وأنا طلبت آنذاك من الجنرال ضرورة أن يكون عندي مادة للتعامل مع "الجزيرة"، فقد كنّا آنذاك متخالفين مع القناة على خلفية إغلاق مكتبها في الجزائر، وطلبت من الجنرال أن يتيح لي على الأقل إمكانية إعطاء وعد بفتح مكتب لها في الجزائر في المستقبل، ولكن الجنرال ردّ علي وقال إن القضية لا يجب أن تدخل في إطار المساومات، وقال إنه سيبعث لي بأحدهم وأظن كان اسمه الحاج زوبير وكان هو وزير الإعلام الحقيقي والفعلي، وقد جاءني فعلا مع أحد مساعديه، وأنا اقترحت عليه 3 أسماء صحافيين لإرسالهم من أجل المشاركة في الحصة، وقد اخترت صحافيين لديهم مشاكل مع السلطة بشكل متعمد ومقصود من أجل كسب مصداقية. وقد اقترحت سعد بوعقبة ولكن الجنرال لم يكن مرتاحا له، واقترحت بعدها نذير بولقرون وأيضا عمر خطاب.
وفي الأخير ويوم الأربعاء موعد بث الحصة لم يكن هنالك أي نقاش حول موضوع سويدية وجاؤوا بأحدهم واسمه الدكتور عروة وكان قد عمل دراسة منذ سنتين حول قضايا المذابح في الجزائر من عهد فرنسا إلى ذلك الوقت واشتغل مع أحمد منصور من أجل إدانة الجزائر والنظام الجزائري، وقد تدخل سعد بوعقبة في الحصة ولكن أحمد منصور كان ذكيا وبارعا واستطاع أن يستدرجه ويلعب معه لعبة القط والفأر، ووصل في الأخير إلى أن انتزع منه ما يريد وقطع كلامه ولم يتركه يكمله.
وفي ختام الحصة، قال الصحافي احمد منصور إنه سيفتح المجال الأسبوع المقبل أمام وزير الإعلام الجزائري من أجل الرد على ما جاء في الحصة، وقد اتصلت فوراً بالحاج الزوبير ولم يكن في المكتب وحاولت أكثر من مرة دون جدوى، وفهمت حينها بأن الجماعة "طفاو الضوء"، ولما اتصلت بالجنرال قالي لي إن بوعقبة لم يكن موفقا في تدخله وحاولت تبرير الأمر بأن بوعقبة وقع في فخ أحمد منصور وأن هذا كان في مصلحتنا ولكن الجماعة رأت بأن موقفي غير سليم
وحتى أنني لما التقيت بعد ذلك بالجنرال لعماري، بقصر الشعب، ووجدته غاضبا وكان الوزير تمار حاضراً هناك، وأحسست في فترة معينة بأنه لم يبق لي عمل في الوزارة وكنت أنتظر بفارغ الصبر الإعلان عن تعديل حكومي من أجل الخروج من الحكومة.
وكيف تعامل الرئيس بوتفليقة معكم بعد هذه الواقعة؟
الحقيقة أن الرئيس بوتفليقة كان جد مهذب في تعامله وقد اتصل بي شخصيا وسألني أين أريد أن أذهب وعرض علي منصبا وأنا أعلمته بأني أود الرجوع إلى مجلس الأمة، وذلك لهدفين أولا من أجل العودة للقاعدة التي كنت فيها وثانيا ردا على كل من سيقول إن عميمور خرج من الوزارة لأنه غير مؤهل وغير كفء فقد أعيد تعييني من جديد في الثلث الرئاسي لمجلس الأمة.
ماذا عن الوضع الحالي في البلاد، هل الجزائر حاليا في الطريق الصحيح؟
بالنسبة إلى مسألة تعديل الدستور التي تعد من أبرز القضايا المطروحة حاليا في البلاد، فرأيي معروف في هذه القضية وقد قلت أكثر من مرة إن الدستور المثالي للجزائر هو دستور سنة 1976 الذي مرّ عبر ميثاق وطني وأفاد الجزائر كثيراً، خاصة أنه تعرض لمناقشة طويلة وعريضة وأنا لا أؤمن بغير هذا، وفي الأخير على الشعب أن يختار دستوره، أما الأشياء الخلافية فتخصص لها مواد خاصة.
وأنا حاليا ليست لدي كل المعطيات، ومعطياتي مأخوذة من الصحف وأنا بصراحة ليس لدي ثقة في الصحف وفيما ينشر فيها، فمن الصعب أن أحكم على أمور ليست لدي كل معطياتها، وما يمكن أن أقوله إنه ليس لدينا طبقة سياسية حقيقية.
كيف ذلك؟
الحزب الذي يتكون بقرار من وزارة الداخلية هذا ليس حزبا، الحزب يجب أن يبدأ من القاعدة، وهناك يمكن للمواطن أن يختار فعلا.
نلاحظ حاليا شبه استقالة شعبية من العمل السياسي؟ كيف يمكن إرجاع الثقة بين الشعب والسياسيين؟
يجب أن نرجع أولا لتجربة أول نوفمبر وكيف استطاعت مجموعة قليلة من المؤمنين بالاستقلال أن تفرض إرادتها على فرنسا التي كانت أكبر قوة ضاربة عسكريا في البحر المتوسط. وأنا رأيت بعض السجال بين السياسيين وهذا أمر مؤسف، نعم نختلف سياسيا ولكن بمستوى عال وليس بهذا المستوى المنحط.
الآن نشاهد الكثير من الأحداث المتسارعة في الدول العربية، على غرار العراق وسوريا وما تشهدنه من انقسام وحتى اضطرابات في مصر وتونس وهذا المخاض لم يعشه العرب منذ زمن.. كيف ترون أنتم ذلك؟
أنا أؤمن بأن ما يحدث هو ربيع عربي حقيقي، أما الكلام عن أنه عملية استعمارية هو كلام فارغ لأن البوعزيزي التونسي مثلا لم يكن يشتغل في المخابرات الأمريكية، الناس التي عانت من احتكار السلطة والضغط انفجرت، وفي تونس استطاعوا استيعاب الأمور بشكل جيد وأعتقد أن تونس أحسن مثال للثورة والربيع العربي.
دكتور، أنتم تشيدون بالإسلاميين في تونس؟
لسبب بسيط هو أن الإسلاميين في تونس ليسوا بالحمقى، فعندما تسمع الغنوشي هو إنسان عاقل يدرك أن الانتصار في حد ذاته ليس نهاية الأمور، والتنازل للخصم بعض الأوقات يكون فيه فائدة.
أما في مصر، فحدثت هناك ثورة مضادة ولا أحد يمكنه أن يقنعني بعكس ذلك والذي وقع يصب في مصلحة إسرائيل أساسا، وقد أخرجت كتابا سميته "الثورة المضادة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.