سيطر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الخميس، على مدينة تدمر الأثرية وسط سوريا، بعد أيام من سيطرته على الرمادي عاصمة محافظة الأنبار العراقية، الأمر الذي يشير إلى أن التنظيم يكتسب قوة دفع جديدة. ولا يضع التقدم الذي أحرزه التنظيم المزيد من الضغوط على دمشق وبغداد وحسب، بل يلقي بظلال من الشك على إستراتيجية الولاياتالمتحدة التي تعتمد تقريباً فقط على الغارات الجوية لهزيمة التنظيم. وقال التنظيم في بيان نشره أتباعه على موقع تويتر اليوم (الخميس)، إنه يسيطر بالكامل على مدينة تدمر السورية، بما في ذلك المطار العسكري والسجن بعد انهيار القوات الموالية للنظام هناك. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا يوم الخميس، إن تنظيم "داعش" يسيطر حالياً على أكثر من نصف الأراضي السورية، بعد أكثر من أربع سنوات على الحرب الأهلية التي اندلعت بعد احتجاجات على حكم الرئيس بشار الأسد. ودمر التنظيم المتشدد آثاراً ومعالم قديمة في العراق. وهناك مخاوف من أنه قد يفعل الشيء نفسه في تدمر، أحد أهم مواقع التراث العالمي في الشرق الأوسط، التي تضم آثاراً تعود للعصر الروماني ومن بينها معابد وأعمدة ومسرح في حالة ممتازة. وقال مأمون عبد الكريم مدير عام المتاحف والآثار السورية لوكالة رويترز للأنباء، عبر الهاتف اليوم الخميس: "إنه سقوط للحضارة.. المجتمع الإنساني الحضاري خسر المعركة لصالح الهمجية". من جهتها، حذرت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، الخميس، في شريط فيديو نشر على موقع المنظمة الإلكتروني، إن "تدمر موقع تراث عالمي فريد في الصحراء، وأي تدمير لمدينة تدمر لن يكون جريمة حرب فحسب وإنما أيضاً خسارة هائلة للبشرية". وعبرت عن "قلقها الشديد" إزاء الأحداث الأخيرة هناك وكررت دعوتها إلى وقف إطلاق نار فوري وانسحاب القوات العسكرية. وأضافت بوكوفا: "إنها مهد الحضارة البشرية.. إنها ملك للبشرية جمعاء واعتقد أن الجميع اليوم يجب أن يكونوا قلقين لما يحصل". وحثت بوكوفا المجموعة الدولية وبينها مجلس الأمن الدولي والزعماء الدينيين على توجيه نداء لوقف العنف. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد، إن الاشتباكات الدائرة في المنطقة منذ أمس الأربعاء، أسفرت عن مقتل مائة من المقاتلين الموالين للحكومة على الأقل. والهجوم على المدينة الذي بدأ قبل أسبوع يأتي في إطار تقدم التنظيم نحو الغرب، مما يزيد الضغط على القوات النظامية المنهكة والقوات المتحالفة معها والتي منيت بخسائر مؤخراً في الشمال الغربي والجنوب. ويأتي سقوط تدمر، بعد خمسة أيام فقط من سيطرة التنظيم على الرمادي عاصمة محافظة الأنبار كبرى المحافظاتالعراقية، كما أحكم مقاتلون موالون للتنظيم قبضتهم على مدينة سرت الليبية مسقط رأس معمر القذافي في تعزيز لتواجدهم في المنطقة.