الوزيرة بن غبريط، ردّت على الوزير حجار وقالت بالفمّ المليان: لا يُمكن لأيّ كان توقع نسبة النجاح في البكالوريا(..)، وهذا التشخيص جاء ردا على توقعات أطلقها "زميلها" تبشّر المترشحين لأغلى وأهم شهادة في الجزائر برسوب ما لا يقلّ عن نصف مليون مترشح! قد تكون بن غبريط محقة، ففي الجزائر من الصعب توقع الأشياء وردود الأفعال، وصدق من قال بأن المجتمع الجزائري قد يكون المجتمع الوحيد في العالم الذي لا تصدق معه كلّ الاستطلاعات وسبر الآراء، والوقائع سرعان ما تكذب نتائجها وتنبؤاتها جملة وتفصيلا! كان متوقعا ردّ بن غبريط على حجار، ولم يكن ربما أحد ينتظر توقعات وزير التعليم العالي، بعد أقل من عشرة أيام من تعيينه خلفا لمباركي الذي أثار هو الآخر "غبارة" مع وزير التربية بسبب ما تحدث عنه بشأن العتبة والانتقاء والتخصص الجامعي! بشير مصيطفى، "الكاتب" السابق للاستشراف، أراد أن يستشرف وشرع في التنبّؤ، فطار من منصبه في أوّل تعديل حكومي عاجل جاء بعد التعديل الذي نصبه في حكومة سابقة! عدم القدرة على التنبّؤ الحكومي والسياسي، هو الذي عيّن وزراء في الحكومة الأخيرة، وعزلهم عنها، دون "إبلاغهم"، أو "استشارتهم"، فسمع الصحافيون والكثير من الجزائريين بخبر التعيين والتسريح قبل أن يصل مسامع المعنيين أنفسهم وكذا عائلاتهم ومحيطهم المقرّب! قد تكون مصلحة الرصد الجوّي، أهمّ مصلحة يُمكن أن تصدق تنبؤاتها، خاصة إذا استعمل مقدّم نشراتها عبارة "..والله أعلم"، ولذلك، تفشل الحكومة والأحزاب والبرلمان والمجالس "المخلية" في إقناع الرأي العام وتجنيده، وتظل أغلب أخبارها إشاعات كاذبة حتى وإن صدقت! التنبّؤ -ولا أقول علم الغيب- هو علم قائم بذاته، لكن المصيبة أن أكثر التوقعات والتنبؤات غرقت في علوم "الزمياطي" وضرب خطّ الرمل، ولذلك تردّ بن غبريط على حجار، ويُغادر مصيطفى دون أن تتحقق توقعاته، وتحلّ وزارة الاستشراف لأن الحكومة ليست بحاجة إلى أن تقرأ المستقبل ومفاجآته السارة والمحزنة! لكن علينا أن نعترف بأن الأغلبية لا تريد سماع سوى التوقعات السعيدة، وهو ما شجّع الرداءة وإخفاء الحقيقة والتغليط والتضليل والكذب و"الهفّ"، وكرّس عقلية "الله يستر" وجعل كاره البحر يطلب تعلّم السباحة عندما يبدأ في الغرق!